بعد تصريحات أكد فيها أن أجهزته الأمنية تعمل على منع العمليات الفدائية اتهامات لرئيس “سلطة أوسلو” بتجاوز الخطوط الحمراء وأسئلة حول شرعية السلطة
- عبدالعال: الشعب الفلسطيني بحاجة لقيادة تحمل كلفة القيادة الباهظة باعتبارها تضحية وليست وظيفة أو مهنة
- الكيالي: أوسلو حوّل منظمة التحرير من هويتها النضالية من أجل التحرير والعودة إلى أداة بيد الاحتلال
- أبو فؤاد: سعي لتحويل منظمة التحرير إلى أداة استخدامية عبر تعطيل مؤسساتها وإفراغها من محتواها
أثارت التصريحات التي أطلقها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للصحفية الصهيونية ياعيل دايان، ونشرتها وكالة معاً الإخبارية، موجة احتجاجات واستنكار واسع، كان أقساها، ما صدر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من اعتبارأن هذه التصريحات تعدّ تجاوزاً للخطوط الحمر، وتقاليد وأعراف الشعب الفلسطيني، وضرب لمسيرة العمل الوطني الفلسطيني، وللقرارات الفلسطينية الجامعة. وذكرت الجبهة الشعبية أنها “تنظر بخطورة بالغة لتكرار هذا السلوك المشرعن لهياكل الاحتلال وأدواته القمعية”.
وكان الرئيس عباس قد صرّح بأن الأمن الفلسطيني يُفتش طلبة المدارس الفلسطينية، ويفتش حقائب التلاميذ، بحثاً عن سكاكين لمنع العمليات، وأن أجهزة الأمن الفلسطينية عثرت في مدرسة واحدة على 70 سكيناً في حقائب التلاميذ وجرّدتهم منها، وأقنعتهم بعدم جدوى القتل أو الموت على الحواجز “الإسرائيلية”.
نهج متواطىء مع الاحتلال
القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الرفيق مروان عبدالعال، وفي حديث خاص لنداء الوطن، أكد أن تصريحات عباس تبخيس لفعل يعانق السماء بقوة الإرادة، وتشويه للغاية النضالية لهذه التضحية، لندرك واقع الانصياع لمتلازمة احترام الجلاّد بدل محاكمته على جرائمه. ورأى عبدالعال أن التنسيق الأمني يستمر كنقيض لقيم النضال الوطني التحرري، وقد تحوّل من عقدة إلى عقيدة للسلطة. حيث ما زلنا نعيش تداعيات أوسلو المدمر على المشروع الفلسطيني برمته، حيث قُلبت فيها المفاهيم من الصراع إلى النزاع ثم التنسيق، وتغيّرت قيم، وجرى إفراغ المشروع الوطني من مضمونه التحرري.
ولفت الرفيق عبدالعال، إلى أن السلطة أي سلطة، أينما كانت، فإنها تخدم الاحتلال إن لم تحفظ وتصون الكرامة الوطنية والهوية وشعبها، وواجبها في النضال لمواجهة المحتل، وتكون وطنية وفق مضمون المهمة الوطنية التي تقوم بها. والسلطة تقاس بوظيفتها وهي اليوم لم تعد نموذجاً مأمولاً، بل محبطاً للشعب الفلسطيني.
ورأى الرفيق عبدالعزيز خضر “أبو فؤاد” مسؤول الرقابة المركزية في حزب الوحدة الشعبية، أن تصريحات محمود عباس جاءت لتعبر عن نهج متواطئ مع العدو يحمل في طيّاته انسجاماً مع متطلبات التنسيق الأمني معه وهذا بحد ذاته سلاح ذو حدين، فهو من جهة يحمل رفضاً لمقاومة العدو وقطعان مستوطنيه المنفلتة ضد شعبنا، ومن جهة أخرى، تحريض مبطّن يؤدي لتبرير وتشريع عمليات القتل والتصفية الجسدية لأبناء شعبنا، وخصوصاً الأطفال الذين يشكّلون الجزء الأكبر من الشهداء.
وأكد الرفيق خضر في اتصال هاتفي مع نداء الوطن، أن تصريحات عباس ليست توصيفاً لحالة محددة بعينها، بل هي تعبير عن سياسة مستقرة تتمثل بالاعتراف بالعدو وحقه في إقامة دولته فوق أرضنا كامتداد لما حدث بتعديل الميثاق الوطني الفلسطيني للمنظمة.وكون عباس رئيساً للجنة التنفيذية للمنظمة، فقد سعى وعمل على تحويل منظمة التحرير إلى أداة استخدامية يوظفها لخدمة نهجه السياسي متى أراد، عبر إفراغ مؤسساتها من محتواها، كإلغاء دائرة الوطن المحتل، والتلكؤ بدعوة الهيئات القيادية بشكل دوري ومنتظم لمناقشة السياسة اليومية للمنظمة وكافة المستجدات كتنامي الاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم البيوت، والتضييق على أبناء شعبنا لدفعهم للهجرة للخارج.
ويعتبر القيادي الناصري الدكتور طارق الكيالي أنه من المحزن أن تتحول حركة أو منظمة كان أهم وأول أهدافها كما تدعو قيادتها وبرامجها، العمل الثوري لتحرير الأرض والشعب من نير الاحتلال والظلم والقهر، إلى أداة تخدم المحتل وتستجيب لكل مطالبه وبكل الوسائل.
واعتبر الكيالي في اتصال هاتفي مع نداء الوطن، أن تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية حول منع العمليات الاستشهادية والمقاومة للمحتل وتباهيه بذلك، هي أمر طبيعي كونها وظيفته، حسب اتفاقية أوسلو المشؤومة الذي حوّل منظمة التحرير الفلسطينية من هوية نضالية لمجموع الشعب العربي الفلسطيني في كل أماكن تواجده للتحرير والعودة، إلى أداة بيد الاحتلال.
واعتبر الكيالي أنه ليس بالغريب عداء رئيس السلطة الفلسطينية للمقاومة والانتفاضة، وسخره من الشهداء والمقاومين، وتحويل أجهزة السلطة إلى شرطة (شرطة دايتون) تابعة وأداة تخدم المحتل العنصري الصهيوني بكل الوسائل من تفتيش حقائب الطلاب والسجن واعتقال المناضلين وكبت الحريات ..إلخ، وتحويل المناضلين الشرفاء إلى مرتزقة وموظفين وأداة لخدمة الاحتلال الصهيوني العنصري ينتظرون الراتب آخر الشهر.
ماذا بقي من شرعية السلطة؟!
ويعتبر الرفيق عبد العزيز خضر “أبو فؤاد” أن السلطة الفلسطينية والتي يفترض أن تكون تحت ولاية منظمة التحرير، باتت تهيمن على القرار الفلسطيني والمنظمة، بحكم ازدواجية مسؤولية عباس عنهما، الأمر الذي يتطلب رفض ذلك أولاً، وإزاحة هذه القيادة عن سدة المسؤولية بأسرع وقت ممكن، والعمل على دعوة المجلس المركزي للمنظمة للتحضير لعقد مجلس وطني فلسطيني بعد إعادة تشكيله والتخلص من كافة التشوهات التي تشوب عضويته، بعد أن انتهى عمره الافتراضي.
فيما رأى عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق مروان عبدالعال، أن الدور المطلوب هو تجسيد الروح الجماعية، والشرعية لا يمنحها أحد، لأن مصدرها الأساس يكمن في العمق الشعبي، والأهم قيادة متجددة وجديدة، تستمد شرعيتها الكفاحية من مشروع تحرري وطني. ونحن أحوج ما نكون إلى قيادة وطنية جديدة هي ذاتها محرّرة من قيود وشروط الواقع الذي تمرد عليه شباب الانتفاضة. بمعنى قيادة تحمل كلفة القيادة الباهظة باعتبارها تضحية وليست وظيفة أو مهنة أو رتبة وراتب ومنصب رسمي، بل تستولدها الحركة النضالية كمدخل لتجديد الحياة والنظام والشرعية التمثيلية.
بدوره يرى الدكتور طارق كيالي أنه وأمام هذا الواقع المزري المتخاذل والخضوع حتى العمالة لهكذا سلطة وقيادة، نقول، تسقط تسقط هكذا سلطة وهكذا قيادة، لأنها فاقدة للشرعية الوطنية والقومية. وأن قدر شعبنا رغم كل هذه الخيانات وهذا الخضوع للمحتل والعدو التاريخي لأمتنا العربية هو النضال والمقاومة وبكل الوسائل حتى النهاية.
هل أصبحت أوسلو عبئاً على نضالات الشعب الفلسطيني؟
واعتبر الرفيق مروان عبدالعال أنه لا يوجد مشروع يتجدد من تلقاء نفسه، أو ينهض بشكل ميكانيكي، فالمسؤولية تقع على كل القيادات والنخب، وعدم الارتهان لمنطق الوصاية الدولية على أهل السلطة والتي باتت لا تخفي شروطها في استخدام المال السياسي وذلك لتحقيق أجنداتها السياسية.
ورأى عبدالعال أن الجبهة الشعبية تعتبر السلطة التي تقوم بسطوة المال تعلن نهاية السياسة. ولأنها معارضة وطنية غير قابلة للبيع والشراء، المطلوب قرع جرس الإصلاح الديمقراطي، ويطلق حركة البناء الذاتي، ويكسر الدائرة الفئوية الضيقة المغلقة للواقع الفلسطيني الحالي.
وأكد عبدالعال على أن المطلوب تجاوز العيب السياسي المسمى “الانقسام” وحالة الركود والعجز وقيادة حقيقية وإدامة الاشتباك الانتفاضي بوسائل جديدة، وتجديد الشرعية الثورية عبر إنتاج فكرة جديدة مبتكرة، ووعي جديد وأصيل، ومما أقرته التجربة المديدة لكفاحنا العادل ومدرسة الحياة ذاتها.
من جهته رأى الدكتور طارق كيالي، أن المطلوب من الشرفاء والمناضلين فلسطينيين وعرب من كل أحرار العالم، الوقوف صفاً واحداً للدفاع عن فلسطين وشعبها لدحر هذا العدو الصهيوني العنصري وتدميره، وإعلان أن سلطة أوسلو ساقطة غير شرعية أداة تخدم المحتل العنصري ويجب التعامل معها على أنها أداة في يد المحتلين في قمع شعبنا وقواه الحية في الأرض المحتلة.
فيما يرى الرفيق أبو فؤاد أن منظمة التحرير باتت في حالة موات سريري، الأمر الذي يتطلب بناء نهج سياسي جديد ينتصر لنهج المقاومة والكفاح المسلّح، ويعيد بناء مؤسسات المنظمة على أسس ديمقراطية، بحيث يتم توسيع مظلة عضويتها لتمثل كافة القوى المؤيدة لهذا النهج، وإعادة توحيد شطري الوطن، وإنهاء الانقسام الذي بات جزءً من التوظيف السياسي اليومي للطرفين، وتعيد الاعتبار لتحالفاتها مع محور المقاومة، بعد أن انزلقت إلى محور القوى الرجعية المستسلمة والمتحالفة مع الإمبريالية وأعداء شعبنا في الإقليم وخارجه.