المواقع الإلكترونية والانتخابات: عندما يصبح الإعلام في خدمة الإعلان
مع بدء التحضيرات للانتخابات البرلمانية، تتحول المواقع الإلكترونية الإخبارية إلى منصات إعلانية تملؤها صور المرشحين للانتخابات، كما تقوم بعض هذه المواقع بتحويل أخبارها إلى “أخبار إعلانية”، فيما تقوم مواقع أخرى بالهجوم على مرشحين إما مدفوعين من خصومهم أو لابتزازهم. وهو الأمر الذي يفقد هذه المواقع مصداقيتها أمام متابعيها.
الكاتب وعضو مجلس نقابة الصحفيين السابق الأستاذ ماجد توبة، يرى أن المشكلة في فترة الانتخابات دائماً تواجهنا كوسط سياسي وإعلامي إشكالية الخلط بين الإعلام والإعلان ما ينتقص من حق القارئ والمواطن باستقاء المعلومات المحايدة والمهنية وهذا حقه على الإعلام وهذا واجب الإعلام أيضاً.
ويضيف توبة أنه للأسف الشديد يتم القفز عن مواثيق الشرف الإعلامية وعن أصول المهنية الصحفية خلال الانتخابات وبعض المواسم، فيتم تقديم مواد إعلانية ترويجية مدفوعة الأجر على أنها مواد صحفية موضوعية مهنية وهذا مخالف للقانون أولاً لمواثيق الشرف الصحفية ويفقد حتى الوسيلة الإعلامية مصداقيتها والموثوقية بها من قبل القارئ.
[quote color=”#dd3333″ bgcolor=”#e5e5e5″ align=”right”]
توبة: الخلط بين الإعلام والإعلان ينتقص من حق القارئ باستقاء المعلومات المحايدة والمهنية[/quote]
فيما يعتبر الصحفي محمد عرسان مدير راديو البلد أن التعميم خاطىء، مشيراً إلى أن بعض المواقع الإلكترونية لا تزال تفصل بين الإعلام والإعلان وتضع ميثاق مهني لها، ولكن للأسف هي عدد قليل من المواقع، مقارنة مع عدد أكبر من المواقع تخلط بين الإعلام والإعلان وتنشر مواد إعلانية غير مهنية في أقسام الأخبار.
ويرجع عرسان الخلط إلى سببين: أولاً العديد من المواقع ونتيجة ثورة التكنولوجيا والمعلومات المتاحة للجميع لا يحملون مؤهلات تتعلق بالإعلام ومواثيق أخلاقيات الإعلام، فأصبح إنشاء بعض المواقع هو للتكسّب خصوصاً أن ثقافة نشر الإعلانات في المواقع الإلكترونية ما زالت غير متنشرة لذا تلجأ بعض المواقع للترويج والابتزاز ونشر أخبار ترويجية وتبجيل وفي بعض الأحيان هجوم، وهذه الأخبار تكون مدفوعة الأجر.
[quote color=”#dd3333″ bgcolor=”#e5e5e5″ align=”right”]
عرسان: أصبح إنشاء بعض المواقع هو للتكسّب عبر اللجوء إلى الترويج والابتزاز[/quote]
السبب الثاني هو مربوط بالسبب الأول، وهو الوضع الاقتصادي للقائمين على هذه المواقع، وهذا السبب غير مبرر لهذا الفعل، فأحياناً تقوم الشركات الكبيرة بنشر أخبارها مقابل أجر مدفوع وهذا استغفال بالقارئ لأن هناك فرق كبير بين الخبر وبين الإعلان.
ويلفت صاحب موقع خبرني الصحفي غيث العضايلة إلى أن “علينا أن نعترف بأن فترة الانتخابات هي بالنسبة للصحافة ووسائل الإعلام عموماً هي موسم لتفادي الخسائر المالية الكبيرة التي يلاقيها الإعلام عموماً والصحافة خصوصاً ولذلك فإن الانتخابات هي موسم لمداواة هذه الجروح المالية وأعتقد بأنه بعد مضي الانتخابات ستعود الأمور إلى طبيعتها”.
[quote color=”#dd3333″ bgcolor=”#e5e5e5″ align=”right”]
العضايلة: بعض المواقع الإلكترونية التي تخضع لسطوة المال أسسها رجال أعمال وليس صحفيون[/quote]
ويؤكد العضايلة على أنه لا يمكن وضع الصحافة الإلكترونية كلها بكفة واحدة بمعنى أن هناك بعض الصحف الإلكترونية التي تمتاز بالمصداقية والمهنية والابتعاد عن سطوة الإعلان وفي المقابل هناك بعض المواقع الإلكترونية التي تخضع لسطوة المال، وهذه أسسها رجال أعمال وليس صحفيون. وفي غمرة هذه الانتخابات هناك بعض المواقع التي حافظت على نسقها دون تغيير ولكن بعض المواقع الإلكترونية الأخرى تأثرت في انتشار المال والدعاية الانتخابية.
الحلول:
ويعتبر العضايلة أن الموازنة بين المتطلبات المهنية والمالية سهلة جداً فكما نعرف أن المواقع تعتمد على الإعلان في تمويلها ولكن وسائل الإعلام التي تحترم نفسها تستطيع أن تمشي على هذا الخيط الرفيع دون أن تقع في فخ المال وبنفس الوقت تحافظ على احترامها لنفسها ومهنيتها ومصداقيتها، بمعنى أنت تستطيع أن توقّع إعلان مع إحدى الشركات الكبرى وبنفس الوقت تستطيع أن تتعامل مع الإعلان بمهنية وذلك بالاتفاق مع هذه الشركة.
فيما يخالف عرسان زميله العضايلة معتبراً أن الموازنة بين الإعلام والإعلان تحدٍّ كبير للمواقع، لكن المتطلبات المهنية تأتي بالدرجة الأولى، والوضع الاقتصادي لا يعني التخلي عن أخلاقيات المهنة، ولكن التوازن يكون بتخصيص مساحات محددة للإعلانات مفصولة عن المادة الإعلامية أو الإشارة إلى أن هذه المادة هي إعلانية ومدفوعة الأجر.
ويؤكد الكاتب ماجد توبة أن الوسط الإعلامي والمؤسسات التي تشرف عليه مطالبة بتفعيل مواثيق الشرف الصحفية وتفعيل الالتزام بالقانون وأصول المهنة الإعلامية والصحفية وليس مطلوباً من وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية عدم قبول الإعلان المدفوع لكن بحسب القانون وبحسب أصول المهنة ومواثيق الشرف مطلوب إبراز أن هذه المادة الإعلانية مدفوعة الأجر بصورة واضحة وفي النهاية المادة الإعلانية تكون مستوفية للشروط المهنية.