الفلسطينيون يحيون اليوم ذكرى “يوم الأرض” بمسيرات مليونية
الغضّب الشعبيّ يعمّ الأراضي المحتلة وإجراءات إسرائيلية مشددة لقمعه بالقوة العسكرية
یحیي الفلسطینیون، الیوم السبت، الذكرى الثالثة والأربعین ”لیوم الأرض“، بمسیرات حاشدة ترفع عنوان ”ملیونیة الأرض والعودة“، التي دعت إلیھا القوى والفصائل الفلسطینیة، لتأكید التمسك بالحقوق الوطنیة المشروعة والسیر نحو الحریة وتقریر المصیر، ضد المساعي الأمیركیة “الإسرائیلیة” المضادة.
وتجوب أرجاء الوطن المحتل الأنشطة والفعالیات المتنوعة لإحیاء ذكرى الثلاثین من آذار (مارس) لعام 1976 ،في مواجھة عدوان الاحتلال الإسرائیلي المتواصل، الذي قضم زھاء 67 % من مساحة الضفة الغربیة المحتلة، لصالح وجود نحو 670 ألف مستوطن، ضمن 196 مستوطنة و120 بؤرة عشوائیة، من بینھم زھاء 220 ألف مستوطن في القدس المحتلة وحدھا.
ویتقاطر الفلسطینیون في ھذا الیوم من الضفة الغربیة وقطاع غزة المحتلین، بموازاة الأراضي المحتلة عام 1948 ،عبر المسیرات الجماھیریة الحاشدة التي تنطلق في عموم فلسطین المحتلة، وسط إجراءات أمنیة “إسرائیلیة” مشددة لقمع الاحتجاجات الشعبیة بالقوة العسكریة العاتیة التي انتشرت بكثافة في مختلف مناطق الأراضي المحتلة.
كما تمتد الأنشطة صوب فضاءات العالم المترامیة، لتأكید التمسك بالأرض ومقاومة الاحتلال، وصد محاولات الإدارة الأمیركیة لإسقاط قضیتي اللاجئین الفلسطینیین والقدس من مفاوضات الوضع النھائي، ومن الحقوق الوطنیة الفلسطینیة.
وترفع ”المسیرات“، طبقا للھیئة الوطنیة العلیا لمسیرات العودة وكسر الحصار، شعار ”الحریة والعدالة“، في تأكید منھا لقرار ”الشعب الفلسطیني بالسیر نحو الحریة مھما كلف ذلك من ثمن وتضحیات“، داعیة ”أحرار العالم ودعاة الحریة والعدالة“ للاختیار بین الوقوف إلى صف ”الباطل الإسرائیلي“ أم جانب ”الحق الفلسطیني“، بحسبھا.
وأوضحت الھیئة بأن فعالیات إحیاء ذكرى ”یوم الأرض“ تحفل ”بالعدید من الأنشطة المتنوعة، لتأكید ”التمسك بالحقوق الوطنیة في إنھاء الاحتلال وتقریر المصیر وحق العودة“، للاجئین الفلسطینیین وفق القرار الدولي 194.
وتشھد المدن والقرى والمخیمات الفلسطینیة المحتلة، وفق قول الناشط الفلسطیني أحمد أبو رحمة لـ“الغد“ من فلسطین المحتلة، ”المسیرات والتظاھرات الجماھیریة الواسعة، تزامناً مع الأنشطة والفعالیات في القرى المحاذیة لجدار الفصل العنصري، وتجاه الحدود مع الأراضي الفلسطینیة المحتلة عام 1948.”
وأضاف إن ”مسیرة ملیونیة حاشدة تنطلق في قطاع غزة تجاه الفاصل الحدودي مع بقیة أجزاء فلسطین المحتلة“، عدا ”تنظیم المھرجانات الخطابیة والمسیرات الشعبیة صوب الأراضي المصادرة من قبل الاحتلال، ونحو الأراضي الزراعیة التي استولى علیھا المستوطنون“.
بینما ”تتأھب سلطات الاحتلال بتعزیزاتھا الأمنیة المشددة عند الطرق ونقاط الاشتباك والحواجز العسكریة، لقمع الغضب الفلسطیني، وتحسباً لاندلاع مواجھات متوقعة مع انتفاضة الفلسطینیین ضد العدوان “الإسرائیلي”“.
”ملیونیة الأرض والعودة“
من جانبھا؛ دعت الھیئة الوطنیة العلیا لمسیرات العودة وكسر الحصار إلى المشاركة الواسعة من أبناء الشعب الفلسطیني داخل الوطن المحتل وخارجه لإحیاء ”یوم الأرض“، داعیة الجمیع ”لأخذ أقصى درجات الحیطة والحذر من قناصة الاحتلال“.
ودعت أبناء الشعب الفلسطیني إلى ”التركیز في فعالیات وأنشطة ”ملیونیة الأرض والعودة“ على إحیاء التراث الوطني والإبداعات المختلفة، حتى یعلم العالم إصرارھم على ممارسة الحق في الحیاة رغم الحصار والعدوان “الإسرائیلي” المتواصل“.
وناشدت ”أبناء الشعب الفلسطیني والمشاركین في المسیرات، لاسیما الشباب منھم، لأخذ أقصى درجات الحیطة والحذر من رصاص الاحتلال والقناصین وعدم فتح نقاط جدیدة، سوى المحددة من قبل مسیرات العودة، فضلا عن أھمیة التعاون مع لجان النظام والضبط المنتشرة في المخیمات الخمسة بھدف الحفاظ على سلامة المواطنین وعودتھم سالمین“.
وأكدت أھمیة ”الحضور الحقوقي والإعلامي وتغطیة ھذا الیوم المشھود“، داعیة ”الھیئات الدولیة لمراقبة ورصد انتھاكات الاحتلال، الذي یسمع تھدیده ووعیده وإرھابه كل أرجاء المعمورة“.
فیما دعا منسق الھیئة الوطنیة لمسیرات العودة وكسر الحصار، الشیخ خالد البطش؛ ”الفلسطینیین إلى الحفاظ على الطابع الشعبي والسلمي لفعالیات یوم الأرض“؛ المقررة الیوم، على الحدود الشرقیة لقطاع غزة.
ونوه إلى ضرورة ”تفویت“ الفرصة على الاحتلال“، مؤكدا أن ”الشعب قد قرر السیر نحو الحریة مھما كلف ذلك من ثمن وتضحیات.
ویستعد الفلسطینیون في قطاع غزة للمشاركة في ”ملیونیة العودة والأرض وكسر الحصار“، الیوم لإحیاء ذكرى یوم الأرض، ومرور عام على مسیرات العودة، وذلك بالتوجه إلى الحدود الشرقیة للقطاع غزة.
ویشارك الفلسطینیون منذ الـ 30 من آذار (مارس) 2018 ،في مسیرات سلمیة، قرب السیاج الفاصل بین قطاع غزة والأراضي الفلسطینیة المحتلة عام 1948 ،للمطالبة بعودة اللاجئین إلى ُ مدنھم وقراھم التي ھجروا منھا في 1948 وكسر الحصار عن غزة.
بید أن قوات الاحتلال تقمع تلك المسیرات السلمیة بعنف، عبر إطلاق النار وقنابل الغاز السام ُ والمدمع ضد المتظاھرین، ما أدى إلى استشھاد 273 مواطنا؛ بینھم 11 شھیدا ما تزال جثامینھم محتجزة لدى الاحتلال، فیما أصیب 31 ألفا آخرین، بینھم 500 في حالة الخطر الشدید.
في المقابل؛ أعلن جیش الاحتلال “الإسرائیلي”، أنه سیفرض إغلاقاً شاملا على منطقة الضفة الغربیة، وسیتم إغلاق المعابر في قطاع غزة، للخشیة من تبعات ”ملیونیة الأرض والعودة“ والقلق من اندلاع المواجھات التي قد یصعب مجابھتھا، في ظل عدوان الاحتلال “الإسرائیلي” ضد قطاع غزة.
ونوھت الصحف “الإسرائیلیة”، عبر مواقعھا الإلكترونیة، إلى ”تحسب الجیش “الإسرائیلي” من اقتراب المتظاھرین صوب السیاج الحدودي، أو حدوث عملیات تسلل قد تؤدي الى تنفیذ عملیات داخل المستوطنات بالأراضي المحتلة، أو تفجیر عبوات ناسفة، مما یجعل خیار التصعید الأمني حاضراً بقوة“، وفق مزاعمھا.
استلاب الأرض والتاریخ معاً یتزامن إحیاء الشعب الفلسطیني للذكرى الثالثة والأربعین ”لیوم الأرض“ مع تحدیات خطیرة تواجه القضیة الفلسطینیة، في ظل مساعي فرض ما یسمى ”صفقة القرن“ الأمریكیة التي تستھدف إقامة حكم ذاتي فلسطیني محدود ضمن المساحة المتبقیة والخارجة عن سیطرة الاحتلال، مع بقاء المستوطنات ومنطقة الأغوار تحت السیطرة الإسرائیلیة، واستبعاد قضیتي القدس واللاجئین عن نطاق المطالبة الفلسطینیة.
وقد أدت السیاسة “الإسرائیلیة” الاستیطانیة إلى قضم المساحة المخصصة لإقامة الدولة الفلسطینیة بعدما حولت ”سلطات الاحتلال 40 % من إجمالي مساحة الضفة الغربیة إلى ”أراضي دولة“ لامتلاك ملكیة التصرف فیھا“، بحسب ”الجھاز المركزي للإحصاء“ الفلسطیني، الذي قدر ”حجمھا بنحو 2247 ألف دونم“.
بینما ”تستغل سلطات الاحتلال أكثر من 85 % من مساحة فلسطین التاریخیة، البالغة حوالي 27 ألف كیلومتر مربع، حیث لم یتبق للفلسطینیین سوى حوالي 15 % من مساحة الأراضي فقط، فیما حوالي 48 % ٍ من مساحة المستوطنات مقامة على أراض ذات ملكیة خاصة للفلسطینیین“.
ویشار إلى أنه منذ العام 1967؛ تمكنت سلطات الاحتلال، عبر القتل والتنكیل والعنف، من ”مصادرة نحو أربعة ملایین دونم من أراضي الضفة الغربیة، وھدم نحو 26 ألف منزل فیھا بمعدل 500 منزل سنویاً“، بحسب دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحریر الفلسطینیة. وبموازاة ذلك؛ أحكم الاحتلال سیطرته على مناطق ”ج“ التي تشكل حوالي 62% من مساحة الضفة الغربیة.