أعلنت القوى الديمقراطية الفلسطينية وعددٌ من الشخصيات المستقلة والحراكات الشعبية وممثلي منظماتٍ أهلية، صباح الخميس، في مدينتي غزة ورام الله بالتزامن، عن إنطلاقة التجمع الديمقراطي الفلسطيني، بعد اجتماعاتٍ في الضفة والقطاع، بمشاركة أكثر من 700 شخص.
وقال التجمع في بيان إنطلاقته إنه يأتي “كصيغة ائتلافية تعمل داخل إطار منظمة التحرير الفلسطينية وعلى المستوى الشعبي من أجل بناء كتلة شعبية متنامية تساهم في تفعيل المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، وتستنهض المعارضة الجماهيرية للسياسات التي تغذي عوامل الضعف في حركتنا الوطنية عبر ادامة وتكريس الانقسام والتنكر للديمقراطية والشراكة الوطنية”.
وأوضح البيان الذي جرى الإعلان عنه خلال مؤتمرٍ صحفي عُقد بمدينة غزّة: تأتي هذه الخطوة استشعاراً لمخاطر التصفية التي تتعرض لها قضيتنا الوطنية بفعل اشتداد الهجوم الأمريكي المتمثل بصفقة القرن والتصعيد العدواني الاسرائيلي بتعجيل عملية تهويد القدس ، والتوسيع المحموم للمستوطنات وتشديد الحصار على غزة، وتتويج ذلك بإعلان قانون القومية الذي ينفي حق شعبنا في تقرير المصير على ارضه، ويقونن التمييز العنصري ضده، ويمهد لإقامة “إسرائيل الكبرى” على كامل أرض فلسطين التاريخية. وتشتد خطورة هذه الهجمة في ظل واقع عربي ممزق تستفحل فيه نزعات التطبيع مع العدو التي تشكل طعنة في الظهر لنضالنا التحرري.
وقال إنه “وبينما يواجه شعبنا هذه الهجمة بمقاومة باسلة تدل على جاهزية نضالية عالية، تشهد بنية حركتنا الوطنية حالة غير مسبوقة من التفسخ والتدهور الناجم عن تعمق الانقسام واستشراء نزعات الفئوية الضيقة وطغيان حالة الانفراد والتفرد والاقصاء وتبديد أسس الشراكة الوطنية. ويتعذر تنفيذ اتفاقيات المصالحة وإنهاء الانقسام بسبب من الصراع بين قطبيه، فتح وحماس، على اقتسام السلطة والنفوذ فضلاً عن التدخلات والضغوط الدولية والإقليمية وبخاصة الإسرائيلية”.
وإضافةً إلى ذلك، يوضح البيان أنّ شعبنا فوجئ باتخاذ بعض الخطوات كحل المجلس التشريعي الذي هو إجراء لا أساس له دستورياً يطيح بأحد أبرز بنود اتفاقات المصالحة ويقوض مسيرتها بما يعجل الانزلاق نحو الانفصال بين غزة والضفة الغربية. ويأتي هذا الإجراء استكمالاً لعملية الارتداد عن المسيرة الديمقراطية في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء حيث يستفحل تغول السلطة التنفيذية في ظل تعطيل السلطة التشريعية والتطاول على استقلال القضاء والتأسيس لنظام استبدادي يحكم بالمراسيم الرئاسية او بالاستناد لمنطق القوة المسلحة، ويتم إطلاق العنان للأجهزة الأمنية، سواء في غزة أو في الضفة الغربية، لانتهاك حريات المواطنين ومصادرة حقوقهم، وبخاصة حرية الرأي والتعبير والاجتماع والتظاهر”.
مبينًا أنّ هذه “الحالة تمتد إلى داخل منظمة التحرير الفلسطينية حيث تعاني مؤسساتها من التهميش والشلل بفعل استفحال ممارسات الهيمنة والتفرد وتقويض أسس الشراكة الوطنية والقيادة الجماعية والاستهتار بقرارات الهيئات وتعطيل تنفيذها، ما يؤدي إلى تصدع الائتلاف الوطني داخل صفوف المنظمة واضعاف مكانتها التمثيلية وصب الماء في طاحونة محاولات اصطناع البدائل لها وتهديد وحدانية التمثيل التي هي الانجاز الاهم لمسيرتنا الوطنية طيلة نصف قرن”.
وأكد أنه “في ظل هذا الوضع تستفحل الأزمة التي يعاني منها المشروع الوطني بفعل الطريق المسدود الذي انتهى إليه مسار أوسلو، وتطرح نفسها بقوة الحاجة إلى استراتيجية وطنية كفاحية جديدة تحددت أبرز معالمها بالقرارات التي تكرر اعتمادها من قبل المجلسين الوطني والمركزي والتي مازالت القيادة الرسمية للمنظمة تعطل تنفيذها وتواصل الرهان على خيار احياء مسيرة المفاوضات رغم الاختلال الواضح في ميزان القوى لصالح العدو”.
وشدّد البيان على أنّ “التجمع الديمقراطي الفلسطيني سوف يسعى لتوحيد عمل جميع القوى والمؤسسات والشخصيات الحريصة على المشروع الوطني الديمقراطي من أجل لجم هذا التدهور وانقاذ القضية الوطنية من تداعياته وحماية منظمة التحرير الفلسطينية التي ننطلق من التمسك بها ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا الفلسطيني ورفض واحباط أية محاولات لاصطناع البدائل أو القيادات الموازية لها”.
كما أنه “يسعى إلى العمل على التجديد الديمقراطي لمؤسسات المنظمة عبر انتخابات حرة وفق نظام التمثيل النسبي الكامل بمشاركة القوى الفلسطينية كافة وصولاً لتشكيل مجلس وطني توحيدي جديد، بالانتخاب حيث أمكن، وبالتوافق حيث يتعذر الانتخاب، لتعزيز الوحدة الوطنية على أساس احترام قواعد الائتلاف والتوافق الوطني والتعددية والشراكة في صنع القرار”.
ووفقًا للبيان فإنّ التجمع الديمقراطي يسعى إلى تصعيد الضغط السياسي والشعبي من أجل إنهاء الانقسام والتنفيذ الأمين لاتفاقات وتفاهمات المصالحة وآخرها بيان 22/11/2017، حيث يؤكد ضرورة التنفيذ الفوري لقرار المجلس الوطني بإلغاء الاجراءات التي تمس المصالح الحيوية للمواطنين في قطاع غزة.
وندّد التجمع في بيانه “بالممارسات والاجراءات التي تعطل مسيرة المصالحة أو تشكل ارتداداً عنها مثل حل المجلس التشريعي أو عرقلة تولي الحكومة لمسؤولياتها في قطاع غزة”. داعيًا إلى “الالتزام الجاد بالدعوة إلى انتخابات عامة تجري خلال ستة شهور وفق نظام التمثيل النسبي الكامل وفي ظل حكومة وحدة وطنية تؤمن شروط اجرائها بحرية ونزاهة في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وفي قطاع غزة. ومن أجل التوافق على ذلك يشدد التجمع الديمقراطي على أهمية التئام لجنة تفعيل وتطوير م.ت.ف. وانتظام عملها للإشراف على دفع مسيرة المصالحة بمحاورها كافة”
وشدّد البيان على أنّ “التجمع الديمقراطي سوف يواصل تصعيد الضغط السياسي والشعبي من أجل تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي بالتحرر من التزامات المرحلة الانتقالية بموجب اتفاقات أوسلو، بما في ذلك سحب الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني، والانفكاك من علاقات التبعية الاقتصادية التي يكرسها بروتوكول باريس الذي يقضي قرار المجلس الوطني بالتحرر من التزاماته المجحفة بإجراءات سيادية تحمي الاقتصاد الوطني، وليس التفاوض مع حكومة الاحتلال من أجل تعديله”.
وأكد على أنّ “التجمع الديمقراطي هو أداة للنضال دفاعاً عن الحقوق والحريات الديمقراطية للمواطنين والتصدي لأي انتهاكات أو تجاوزات لها سواء في الضفة الغربية أو في غزة، بما يكفل تحريم الاعتقال السياسي وضمان حرية الرأي والتعبير والصحافة والنشر، بما في ذلك إلغاء قانون الجرائم الالكترونية، ووقف التعديات على حرية الاجتماع والتظاهر وكف يد الاجهزة الأمنية عن التطاول على حقوق وكرامة المواطنين”.
وضمن بيان التجمع الديمقراطي، فإنه يرى أنّ “تأمين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين على أساس العدالة الاجتماعية والمساواة في تحمل العبء بين مختلف طبقات المجتمع هو الضمانة الرئيسية للصمود في مواجهة الاحتلال”.
وشدّد البيان على أنّ “التجمع أدا للنضال دفاعاً عن حقوق العمال والموظفين وسائر الكادحين والفئات الوسطى بما فيها حق العمل والأجر اللائق والعيش الكريم والضمان الاجتماعي العادل والتأمين الصحي الشامل”.
كما “يدافع التجمع الديمقراطي بقوة عن حق المرأة في المساواة التامة والمشاركة الفاعلة في آليات صنع القرار وفي مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومواءمة التشريعات بما ينسجم مع احكام اتفاقية (سيداو) التي وقعت عليها دولة فلسطين”.
إضافةً إلى ذلك “يعمل التجمع الديمقراطي على تمكين الشباب من احتلال موقعهم القيادي المنشود في عملية التجديد الديمقراطي لمؤسسات الحركة الوطنية، بما في ذلك مؤسسات التجمع نفسه، وتعزيز مشاركتهم في آليات صنع القرار وضمان حقهم في التعليم والعمل اللائق وتشجيع مبادراتهم الابداعية في شتى المجالات”.
وأكد البيان على أنّ التجمع “يعمل من أجل تعزيز التصدي لمحاولات تصفية قضية اللاجئين، والضغط على المجتمع الدولي للوفاء بالتزامه القانوني والاخلاقي ازاء مأساة اللاجئين إلى أن يستعيدوا حقهم في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم وفقاً للقرار 194، بما في ذلك تأمين الموارد الكافية للأونروا لاستمرار وتحسين الخدمات الحيوية التي تقدمها للاجئين في مختلف مجالات الصحة والتعليم والتشغيل والأمن الغذائي”.
وفي هذا السياق، دعا التجمع الديمقراطي “أبناء شعبنا إلى الانخراط في هيئاته والمشاركة الفاعلة في نشاطاته من أجل وضع حد لحالة الاستقطاب الثنائي التي افسدت الحياة السياسية الفلسطينية، ومن أجل فتح آفاق الأمل والتجديد أمام حركتنا الوطنية للخروج من أزمتها وارتياد سبل النهوض المتوثب لنضال شعبنا الهادف للخلاص من الاحتلال ونيل حقه في العودة وتقرير المصير في دولة كاملة السيادة، عاصمتها القدس، ينعم فيها المواطنون بالحرية والعدالة الاجتماعية”.