مقالات

استكمال الانقلاب “الإسرائيلي” الأميركي / ماجد توبة

ليس من المفهوم ولا المقبول اليوم الإكتفاء بالاستنكار والرفض العربي إعلاميا لإعلان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه ضم منطقة غور الأردن ومستوطناتها في الضفة الغربية المحتلة لسيادة الاحتلال، وإمعانه بدفن ما تبقى من شرعية دولية وأوهام سلام تحت أقدام يمينه المتطرف وتحالفه غير المقدس مع الإدارة الأميركية المتصهينة.

إعلان الإرهابي نتنياهو بحملته الانتخابية عشية الانتخابات المرتقبة قرار خطير ومحطة فاصلة بالصراع مع هذا العدو، لا يمكن التقليل من أهميتها بلحظة تخاذل وعجز عربي، أو اعتبارها مجرد وعد انتخابي لكسب أصوات أقصى اليمين الصهيوني بالانتخابات، فكل السياقات الدائرة على صعيد القضية الفلسطينية تؤكد أن الإعلان العدواني الأخير يصب بذات المخطط الصهيوني للانقلاب الأخير والواضح على كل أسس مؤتمر مدريد والشرعية الدولية، وبدعم مفتوح ومطلق من إدارة ترامب المتصهينة، سعيا لتصفية الحقوق الفلسطينية والعربية.

ضم منطقة غور الأردن، التي تشكل نحو ثلث مساحة الضفة الغربية المحتلة إضافة الى كامل مستوطنات الضفة، أمر متوقع وكان مصرحا به بوضوح، تحديدا ما بعد قرارات ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لكيان الاحتلال وبضم الجولان العربي السوري المحتل لسيادة الاحتلال، وباقي القرارات والسياسات التي ضيقت الخناق على الشعب الفلسطيني واستهدفت مكانة “الأونروا” وحق العودة للاجئين، وهي القرارات التي تصب كلها في سياق “صفقة القرن” التصفوية للقضية الفلسطينية.

بالتنفيذ المرتقب لهذا الإعلان الإسرائيلي، والمتوقع أن ينال المباركة الأميركية رغم الاعتراض الدولي، تكون حلقة المحاولة الأميركية “الإسرائيلية” المحمومة لتصفية القضية الفلسطينية قد اكتملت، وتكون أركان وملامح صفقة القرن قد تبلورت على الأرض، تكريسا للاحتلال على كامل فلسطين والجولان، ووأدا للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ولأوهام السلام وتعزيزا لقوة الاحتلال وفتح شهيته على المزيد من التوسع سياسيا واقتصاديا خارج حدود فلسطين التاريخية!

بعد استكمال العدو الإسرائيلي لضم منطقة غور الأردن ومستوطنات الضفة لن يعود هناك مجال للسؤال العبثي المتواصل عن تفاصيل وأركان صفقة القرن الأميركية، فأساساتها ستكون قد نصبت على الأرض، فارضة أمرا واقعا على العالم كله، أو هكذا تحلم إدارة ترامب، التي تخرج من حساباتها قوة الحق الفلسطيني والعربي والقوة الكامنة في الشعب الفلسطيني وأمته العربية وتمسكهما بالحقوق الوطنية والقومية الثابتة في فلسطين، واعتبارهما كيان الاحتلال الإسرائيلي عدوا وجوديا لا تنتهي عداوته بالتقادم ولا بفرض الأمر الواقع.

أما النظام العربي الرسمي، بما فيه الفلسطيني، فهو اليوم على المحك الأخير في صراع الوجود مع هذا العدو الإسرائيلي، وما يحيق بالحقوق والمصالح القومية من خطر صهيوني وبدعم أميركي سافر لا يفرق بالمحصلة بين عربي وآخر ولا بين هذه الدولة العربية أو تلك.

الاستنكار وتسطير بيانات الإدانة والتحذير والبكاء على الشرعية الدولية التي تستبيحها إسرائيل والولايات المتحدة لم تجد سابقا ولن تجدي الآن بوقف مخططات التصفية للقضية الفلسطينية والحقوق العربية، ولا بحماية الأمن القومي العربي.

لم يعد هناك عذر اليوم لأحد في الغاء كل اتفاقيات السلام والتسوية مع هذا العدو، من كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو، وأن تتوقف أيضا كل العلاقات و”المغازلات” العربية المحرمة من تحت الطاولة وفوق الطاولة مع هذا العدو، والإعلان العربي الموحد والواضح برفض الانخراط مع الولايات المتحدة بجهودها التسووية ورفع الغطاء عنها كراع وحيد للتسوية، والتوجه جماعيا للأمم المتحدة ونقل ملف الصراع للمؤسسة الدولية.

المصدر
الغد
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى