“إسرائيل” تتوجّس من انفجار الأوضاع في الضفّة الغربيّة حتى الانتفاضة بعد عرض “صفقة القرن” ودراسة تؤكّد أنّ الانسحاب يُعتبر كارثةً بالنسبة للكيان
نقل محلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أليكس فيشمان، المعروف بصلاته الوطيدة مع المؤسسة الأمنيّة في كيان الاحتلال، نقل عن مسؤولٍ سياسيٍّ “إسرائيليٍّ” قوله إنّ موظفًا مركزيًا في الإدارة الأمريكية، مطلع وضالع في “صفقة القرن”، التي يعمل على صياغتها الرئيس دونالد ترامب وعدد قليل من مستشاريه، أبلغه بأنّه بعد نشر هذه الخطة سيكون بإمكان أي عائلة فلسطينية أنْ تجلس حول مائدة العشاء، وقراءة الخطة مع الأولاد وسترى إلى مدى يجدر تبنيها. وهم سيمارسون ضغطهم على رئيس السلطة، محمود عبّاس.
وتابع المسؤول “الإسرائيليّ”، الذي وُصف بالرفيع جدًا، تابع قائلاً إنّه لم يصدق ما سمعته أذناه من موظف في الإدارة الأمريكية يتجول في الشرق الأوسط، منذ انتخاب ترامب رئيسًا، لكنّ الموظف أضاف أنّ الخطة كُتبت بصورة بسيطة جدًا، ومن دون صياغات قانونية، وفي المقابل توجد فيها أوصاف هدفها إقناع الجمهور الفلسطيني إيجابياتها، مثل توفر العمل والمال وحرية التنقل وسيادة معينة، على حدّ تعبيره.
وبحسب المُحلّل فيشمان، فإنّ المسؤول “الإسرائيليّ” سجل ملاحظة أمامه، مفادها أنّه عندما تلتقي السذاجة والهواة فهذه وصفة لكارثة. وخطة ترامب تدخل رسميًا إلى قائمة آخذة بالاتساع لعوامل تسرع الانفجار بين “إسرائيل” والفلسطينيين.
عُلاوةً على ذلك، أضاف المسؤول نفسه أنّه لم تشارك جهات مهنية في الإدارة الأمريكية الضالعة بتعقيدات الوضع في الشرق الأوسط في صياغة “صفقة القرن”، فقد تمّ استبعاد وزارة الخارجية الأمريكية، كما أنّ الطاقم الصغير في مجلس الأمن القومي الأمريكي الذي يساعد في بلورة موقفي مبعوثي ترامب، جاريد كوشنير وجيسون غرينبلات، انحسرت مساعدتهم في تجميع معطيات واستبعدوا من النتيجة النهائية للخطة، التي صاغها كوشنير وغرينبلات والسفير الأمريكيّ في “إسرائيل”، ديفيد فريدمان. ولم يتم إشراك السلطة الفلسطينية في أيّ مرحلةٍ، بحسب تعبيره.
على صلةً بما سلف، رأت ورقة بحثيّة صادرة عن مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجيّة في تل أبيب، رأت أنّ الانسحاب من “الإسرائيليّ” من الضفّة الغربيّة يُشكّل خطرًا وجوديًا على كيان الاحتلال. وشدّدّت الورقة التي قام بإعدادها الجنرال في الاحتياط غرشون هكوهين على أنّه بينما تتأخّر خطة السلام من قبل إدارة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، التي باتت معروفة إعلاميًا بـ”صفقة القرن”، فإنّ انسحابًا مستقبليًا من يهودا والسامرة، وهو الاسم التلموديّ للضفّة الغربيّة، سيضع “إسرائيل” أمام خطرٍ وجوديٍّ.
ولفت المُراسِل للشؤون العسكريّة في صحيفة (يسرائيل هايوم) العبريّة إلى أنّ الورقة البحثيّة التي وضعها الباحث العسكريّ هكوهين تُشكّك بفكر معظم كبار رجالات جهاز الأمن في الماضي وفي الحاضر، إذْ أنّه في لُبّ البحث، يُشدّد الجنرال هكوهين على أنّ تغيّر شكل الحرب في العقود الأخيرة من المواجهة التقليديّة بين الجيوش إلى مواجهاتٍ تُشرِك السكان المدنيين، يُلزِم باستمرار تواجد “إسرائيل” في المناطق التي لم تسلم بعد للفلسطينيين، على حدّ تعبيره.
الباحث العسكريّ استعرض في الورقة سلسلةً من السيناريوهات التي من شأنها أنْ تتطوّر إذا ما خرج الجيش “الإسرائيلي”ّ من مناطق (A) و (B) في الضفّة الغربيّة، وفي الوقت عينه يُحذّر من أنّه مثلما حصل في جنوب لبنان وفي قطاع غزّة، في حالة انسحابٍ “إسرائيليٍّ”، فإنّ المنظمات التي وصفها بالإرهابيّو ستجعل منازل المواطنين العرب في “يهودا والسامرة” ميادين قتال، من خلال تلغيم الشوارع وجعلها مخازن للصواريخ مثلاً، كما أكّد.
كما حذّر هكوهين من قتالٍ متعدّد الجبهات مثلما هو متوقع منذ اليوم في لبنان وسوريّة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ السيناريو القتاليّ المُتزامِن في قطاع غزّة ولبنان بات يعتبر منذ الآن سيناريو معقولاً، فما بالك أنّ القطاع سيشكل جزءًا من الدولة الفلسطينيّة التي ستقوم، مُوضِحًا أنّ انضمام التهديد من دولةٍ فلسطينيّةٍ في يهودا والسامرة، من شأنه أنْ يُعرّض ردّ الجيش “الإسرائيليّ” ويضعه في ضائقةٍ شديدةٍ، قال الجنرال هكوهين.
وفي الوقت الذي يؤيّد الكثيرون من كبار رجالات الساحة السياسيّة-الأمنيّة في كيان الاحتلال بوجوب الانفصال عن الفلسطينيين، يعتقد هكوهن بأنّ الوضع الحاليّ تحديدًا، حيث يوجد استيطانٌ “إسرائيليٌّ” في عمق المنطقة، يجلب منفعةً سياسيّةً وأمنيّةً كثيرةً.