قيادات سياسية ونقابية ونيابية تستعرض لنداء الوطن بانوراما 2015 قوانين إصلاحية “شكلاً” .. تَمسُّك حكومي بمبدأ “الرفع” وتجذر السطوة الأمنية
العديد من المحطات والأحداث والمواقف التي شهدها العام 2015.
ونحن نودع هذا العام، تقدم نداء الوطن في هذا الجزء بانوراما لأهم هذه الأحداث من وجهة نظر قادة الرأي العام من ساسة وكُتاب ومحللين ونواب على الصعيد الأردني الداخلي.
الطميزي: أداء حكومي متناقض مع تطلعات الجماهير،
والعودة إلى نهج عُرفي في العلاقة مع الأحزاب ونشاطاتها الجماهيرية
الرفيق فرج الطميزي أمين عام الحزب الشيوعي الأردني: عام 2015 يعتبر شعبياً وجماهيرياً من السنوات العجاف! فقد أصرّت الحكومة في هذه السنة على الإمعان في سياسة التفرد بالقرارات السياسية والاقتصادية والسياسية، رافضة سماع الرأي الآخر، ومؤكدة على نهجها الإقصائي لمن هو من خارج التحالف الطبقي الحاكم حتى ولو كان من رأي آخر من رموز كانت بالأمس من صميم صناع القرار.
فعلى الصعيد السياسي، شهدت البلاد خلال هذا العام رجوعاً ونكوصاً عن الإصلاح السياسي وإمعاناً في تغييب الحريات العامة والصحافة وكل أشكال التعبير عن الرأي الآخر.
وفي مجال القوانين الناظمة للحياة السياسية، فقد أصرّت الحكومة على صمّ الآذان وعدم إشراك المعنيين بالأمر من القطاعات الشعبية والنقابية، وفي المقدمة منها الأحزاب السياسية، عند إقرار العديد من هذه القوانين. ولم يكن آخر مشروع قانون للانتخابات ملبياً لتطلعات جماهير شعبنا. هذا إضافة إلى بروز واضح ورغبة صريحة للعودة إلى نهج عُرفي في العلاقة مع الأحزاب ونشاطاتها الجماهيرية، فشهدت البلاد العديد من منع فعاليات شعبية سلمية دون مبرر إلا الرغبة والحنين إلى حقبة الأحكام العرفية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فقد كانت سنة 2015 فعلاً من السنوات العجاف، حيث أقرت وشرّعت الحكومة العديد من القوانين الاقتصادية والضرائب التي طالت جيوب الفقراء فقط وتوالت مسلسلات ارتفاع الأسعار.
وأمعنت الحكومة في نهجها الاقتصادي الذي ينطلق من الاستجابة السريعة لوصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، واستمالة الدولة لنهج المديونية الخارجية واستمرار ارتفاع العجز في الموازنة العامة.
وفي خضم الهجمة الظلامية التكفيرية التي تتعرض لها المنطقة، وبدلاً من أن تقوم الدولة بوضع خطة وطنية شاملة بالحوار مع مؤسسات المجتمع الأردني لمواجهة هذا الخطر، فقد أقدمت على التفرد في اتخاذ عدة قرارات هامة وعلى الأخص في المجال التربوي، حيث عقد مؤتمر تربوي في أوائل آب الماضي، حشدت له من أسمتهم بالخبراء التربويين، وهم في الحقيقة من أوصلوا العملية التربوية إلى هذه الحالة. وفي نفس الوقت استبعدت وزارة التربية خبراء تربويين حقاً، من المشاركة على اعتبار أنهم “مشاكسون”.
سنة خلت حملت في طياتها الكثير من المواقف التي تتناقض مع تطلعات جماهير شعبنا، حيث انخرط الأردن خلالها في تحالفات سياسية وأحلاف عسكرية ليس للشعب الأردني أي مصلحة فيها .
ومع إطلالة عام قادم ورحيل العام المنصرم، تتطلع جماهير شعبنا إلى آلية حكومية حقيقية تهدف لبناء الجسور الفاعلة بين الدولة والمواطن.حيث أن الثقة قد انعدمت بفعل تلك السياسات الحكومية، حتى بات رحيلها مطلباً شعبياً منذ أمد بعيد.
قمحاوي: غموض في السياسة الخارجية،
والحكومة تتفوق على نفسها في تنفيذ إملاءات صندوق النقد الدولي، واستمرار للتغول الأمني
الكاتب والباحث الدكتور لبيب قمحاوي: من الصعب شرح ما جرى في الأردن عام 2015 في فقرات قصيرة، ولكن العناوين تعطي مؤشراً واضحاً على طبيعة تلك الملابسات.
تميز عام 2015 على الصعيد الداخلي في الأردن بغموض السياسات الخارجية ومزيد من الانهيار الاقتصادي وارتفاع المديونية الوطنية وتنامي العجز في الموازنة واستفحال التغول الأمني على مختلف مناحي الحياة.
إن غموض السياسات الخارجية قد تفاقم في عام 2015 نظراً للانفرادية في التعامل مع تلك السياسات وسحبها من سلطة الحكومة ووضعها في الديوان الملكي مما جعل العديد من المسؤولين غير قادرين على فهم أو استيعاب السياسات الأردنية الخارجية أو حتى تفسيرها، ناهيك عن التأثير عليها من خلال الحكومة، وهكذا أصبحت سياسة الأردن الخارجية تجاه مختلف القضايا كمّاً مجهولاً بالنسبة للمسؤولين وللحكومة وللمواطنين.
أما بالنسبة للاقتصاد، فقد تفوقت الحكومة الأردنية على نفسها في تلبية مطالب البنك الدولي ومستلزمات برنامج الخصخصة، ولجأت إلى سياسة رفع الأسعار لتمويل الفساد بالدرجة الأولى ومن ثم لتمويل العجز الحكومي الذي أخذ يتفاقم ومعه المديونية الوطنية إلى حدود غير مسبوقة، وتقلصت قدرة المواطن الأردني على الإنفاق نظراً لارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن المواد الأساسية والضرائب المرهقة.
أما التغول الأمني فهو الموضوع القديم الجديد، ولكن زادت قدرة هذه الأجهزة التي تحظى بالرعاية والاتفاق والدعم أكثر من التعليم والصحة، وامتدت مخالب هذه الأجهزة لتشمل كل شيء ولتعود بنا إلى حقبة ما قبل عام 1989.
النمري: احتواء خطر داعش وارتياح واضح على المستوى الأمني،
واستياء شعبي غير مسبوق بسبب مسلسل ارتفاع الأسعار
النائب جميل النمري: تنافس الهمّان الاقتصادي والأمني على أجندة العام 2015 لكن الإصلاح السياسي كان له نصيب عبر مشاريع القوانين التي نضجت من العام السابق وانتهى المجلس إلى إقرارها وهي قوانين الأحزاب واللامركزية والبلديات وتوجت بتقديم مشروع قانون الانتخاب الذي ينتقل بالكامل إلى نظام التمثيل النسبي للقوائم ولو أن كل هذه القوانين بقيت خلافية من حيث محتواها الإصلاحي.
الجهد السياسي والأمني والعسكري مع التحالف تمكن من احتواء خطر داعش وتراجعت المخاوف أردنياً وفي أواخر العام أصبح هناك ارتياح واضح على المستوى الأمني وقد دفع وزير الداخلية وقائدي الدرك والأمن العام ثمن الفشل النسبي في معان التي تم احتواء الشغب ونمو الداعشية فيها، لكن من جهة أخرى كان التشدد إزاء حرية التعبير واضحاً حيث تم اعتقال عدد من الصحفيين وتحويل عدة قضايا إلى أمن الدولة.
اقتصادياً حققت الحكومة نجاحاً في إنقاذ المالية العامّة بوقف التصاعد في عجز الموازنة واستعادة الاحتياطي النقدي إلى مستويات جيدة واحتواء المديونية لكن الثمن كان باهظاً على الناس من حيث ارتفاع الأسعار وتقلص الوظائف وزيادة البطالة وركود الرواتب وملامح الانكماش الاقتصادي، أي أننا مشينا بنفس السياسة التقليدية التي تمثلها وصفات صندوق النقد الدولي الذي كان رضاه متطلباً حاسماً ليس فقط للحصول على تسهيلات وقروض ومنح أجنبية بل أيضاً عربياً وأفشت الحكومة سراً بأن المساعدات الخليجية كانت مشروطة بموافقة صندوق النقد.
وقد واجهت الحكومة استياءاً شعبياً غير مسبوق بسبب مسلسل ارتفاع الأسعار، وردد النواب صدى هذا الاستياء واستثمر البعض المناسبة لاستعادة لعبة تدوير الكراسي حيث ظهرت معارضة قوية وعدوانية في المجلس النيابي لكنها كانت تفتقر غالباً للمصداقية لأن رموز العداء لرئيس الحكومة لم يكونوا يمثلون معارضة سياسية وبرامجية معروفة بل مصالح مرتبطة بقوى الشدّ العكسي ومراكز النفوذ الفاسدة التي لم تحتمل بقاء الحكومة طويلاً وتريد تجديد فرصها بالعودة إلى موقع السلطة وهكذا فإن مذكرات حجب الثقة التي كان يوقع عليها أكثر من نصف النواب كانت تتقلص إلى عدد متواضع عند التصويت وهو ما ساهم في الإطاحة بصورة مجلس النواب في عيون الرأي العام.
البشير: استمرار الانكماش في الاقتصاد الأردني وازدياد جيوب الفقر
الأستاذ محمد البشير المحلل الاقتصادي: سياسياً شهد الأردن تراجعاً على صعيد الحريات العامة وفي ظل وعود متواصلة عن السنوات السابقة للإفراج و أو إقرار منظومة الإصلاح السياسي المتعلق بقانون الأحزاب وقانون الانتخابات بشقيها الانتخابات النيابية أو الانتخابات البلدية، حيث فاجأتنا الحكومة بإعادة طرح قانون الانتخابات العامة المقر في سنة 2012 من قبل لجنة الحوار الوطني بعد إجراء تعديلات على المادة (8) و (9) المتعلقتين بالنظام الانتخابي وعدد مقاعد مجلس النواب، حيث ادعت وخلافاً للواقع أن حصيلة حوارات متعددة مع كافة أطياف المجتمع الأردني.
أما تأثير المعركة المستمرة على قطرنا وشقيقنا سوريا والعراق، فقد كان للسلوك الحكومي المتناقض السمة البارزة في موقفه من ما يحدث بهذين البلدين وخاصة بعد أن تدخل الروس بشكل واضح لصالح سورية التي تخضع لحرب تدمير منذ أربع سنوات.
اقتصادياً: استمر الانكماش في الاقتصاد الأردني وازدادت جيوب القفر انعكاساً لزيادة نسبة البطالة، على الرغم من انخفاض أسعار النفط بشكل ملفت الذي لم ينعكس على السلع والخدمات بشكل عام وعلى فاتورة النفط بشكل خاص. والأمر نفسه ينطبق على أسعار الكهرباء والاتصالات والكثير من المواد الأساسية ذات المساس الأوسع لفئات شعبنا الفقيرة ومتوسطة الدخل.
كما شهد هذا العام تراجعاً في الاستثمارات الأجنبية لأسباب كثيرة كان أهمها عدم جدية الحكومة الحالية والحكومات السابقة في معالجة الاختلالات الجوهرية في الفروقات في دخول الأردنيون مما أضعف قضية الانتماء للوطن وقدرة المسؤول في مختلف المواقع في التصدي لقضايا الاستثمار وحاجات المستثمرين.
على الصعيد الاجتماعي: تنامت ظاهرة العنف في المجتمع بشكل عام والجامعات على وجه الخصوص انعكاساً للتخبط السياسي وتقييد الحريات الفردية والعامة وارتفاع نسب البطالة والفقر ولغياب العدالة على كافة الصعد، ما ساههم في تأجيج هذه الظاهرة.
كلنا ثقة أن يكون عام 2016 عاماً أفضل على أمتنا…