ذياب يستعرض لنداء الوطن بانوراما 2015: انتكاسة على صعيد الحريات وارتفاع المديونية إلى أرقام فلكية
العديد من المحطات والأحداث والقرارات والقوانين التي شهدها العام 2015.
الرفيق الدكتور سعيد ذياب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية يستعرض لنداء الوطن بانوراما لأهم أحداث هذا العام على الصعيد المحلي والإقليمي والعربي والدولي.
على المستوى المحلي:
اتسم عام 2015 بإقرار مجلس الأمة لبعض القوانين التي لها ارتباط بالحياة السياسية من حيث الشكل، أُريد بها الإصلاح، لكنها من حيث المضمون كانت التفافاً على ذلك. أبرز مثال على تلك القوانين، قانون الأحزاب واللامركزية.
على صعيد الحريات العامة شهدنا تراجعاً كبيراً تجلى بالحد ومنع العديد من الفعاليات والنشاطات وتوقيف النشطاء والصحافيين.
وتبقى حادثة استشهاد معاذ الكساسبة حرقاً على أيدي داعش الحادث الأبرز لعام 2015. هذا الحادث بالرغم من آلامه وقسوته، فإن الحكومة حاولت استغلاله من أجل خلق حالة من القبول والرضا الشعبي لقرارها السابق بالمشاركة في التحالف الدولي ضد الإرهاب.
الحادث الآخر ذو الدلالة الكبيرة هو حادث الموقر، والذي تم خلاله قتل خمسة أشخاص من ضمنهم أمريكان وجنوب أفريقي. كل هذه المؤشرات تدلل على أن عام 2015 بالنسبة للأردن لم يكن عاماً يقود إلى حالة من الاستقرار، بل يثير علامات من القلق حول المستقبل.
وعلى المستوى الاقتصادي الأردني، ارتفع معدل البطالة حيث وصل إلى 13% حسب البيانات الرسمية، ودائرة الفقر توسعت، والأزمة الاقتصادية تزداد تعمقاً. إن المؤشر الأكبر للأزمة الاقتصادية هو ارتفاع حجم المديونية الذي تجاوز حدود 80% من الناتج المحلي الإجمالي. إن ما يعطي لهذا الواقع سمة الخطورة هو افتقار الحكومة لأي رؤية متكاملة لمعالجة الأزمة الاقتصادية واكتفائها بسياسة جباية المال من جيوب الفقراء.
كما شهد هذا العام استمرار تراجع الدور الاجتماعي للدولة على مستوى التعليم والصحة، وتجلى ذلك من خلال رفع الرسوم الجامعية الأمر الذي يشير إلى أن السياسة الحكومية تتجه نحو خصخصة التعليم من ناحية، وحصره بالأغنياء من ناحية أخرى.
كما اتسم هذا العام باتساع دائرة العنف والجريمة والمخدرات، كمّاً ونوعاً، وهي مؤشرات تدعو إلى القلق الشديد.
على المستوى الفلسطيني:
كان الحدث الأبرز هو الانتفاضة الثالثة، انتفاضة الشباب، هذا الجيل الذي رأى أن قضيته الوطنية تتسرب من بين يدي المفاوضين، وأن العدو يتمادى في سرقة الأرض وزرع المستوطنات وإذلال السكان. فكانت انتفاضتهم بكل ما أوتوا من قوة لرفض هذا الواقع. لقد نجح هؤلاء الشباب في جعل قضيتهم الوطنية، أن تحتل مكانها الطبيعي في الصدارة بعد أن تراجعت إلى الخلف درجات كبيرة.
على المستوى العربي:
كان هذا العام الأسوأ من بين كل الأعوام السابقة، لأنه شهد مزيداً من الحروب والاقتتال بين الدول العربية، كانت الحرب على اليمن (تحت يافطة التحالف العربي) الذي قادته السعودية، هي الأقسى والأسوأ لأنها استهدفت الشعب اليمني الفقير والمسالم. وكذلك وضعت السعودية نفسها في نفق مظلم تعرف بدايته ولكنها قطعاً لا تدري نهايته.
التدخل الروسي في سورية كان الحدث الأهم ليس على مستوى الإقليم فقط، بل على الصعيد الدولي أيضاً. هذا التدخل أحدث انقلاباً جدياً وفعلياً في مسار الأزمة السورية، ووضع الجميع وجهاً لوجه أمام الإرهاب ووجوب التصدي له، بل أن هذا التدخل جعل شعار الأولوية هي لمحاربة الإرهاب هو الشعار السائد. ونجح التدخل الروسي كذلك في إحباط المخططات الاستعمارية الأمريكية الغربية الرامية إلى السير قدماً في تقسيم الدولة السورية وضرب وحدتها الوطنية.
لقد فرض التدخل الروسي مساراً عسكرياً واضحاً يتمثل بمواجهة المنظمات الإرهابية على كافة أشكالها ونجح كذلك في كشف الممولين والداعمين لهذه المنظمات.
والمسألة الأخرى أن التدخل الروسي نجح في وضع قطار البحث الجدي عن حل سياسي للأزمة السورية، وخلق نوعاً من التلازم بين الحل السياسي وضرب المنظمات الإرهابية.
على المستوى العالمي:
كان عاماً دموياً، حيث اتسعت دائرة الإرهاب وطالت العديد من الدول وسقط العديد من الضحايا.
والقضية الأخرى التي أحدثت تطوراً على المستوى الإقليمي، تمثلت بتوقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الخمسة + واحداً، حيث حققت إيران في هذا الاتفاق رفعاً للحظر الاقتصادي الدولي، وراحت تتسابق العديد من الدول والشركات نحو الاستثمار في إيران، وبدأت عجلة تحرير الأرصدة التي تم تجميدها في التدفق. وترى إيران أنها في هذا الاتفاق حافظت على ديمومة أهدافها ونجحت في الحفاظ على دورها الإقليمي مقابل وقف التوجهات النووية ذات الطابع العسكري.
هذا التطور بدون أدنى شك، سيكون له انعكاسات كبيرة جداً على الوضع الإقليمي خاصة وأن إيران أكدت بأن هذا الاتفاق لن يؤثر على علاقة إيران بأصدقائها (سورية، حزب الله، العراق، اليمن).
الأمر الذي لا بد من ذكره، أن هيمنة القطب الواحد لم تعد قائمة وأن القبضة الأمريكية راحت تتراخى في معظم المواقع العالمية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، تنامي الدور الروسي والصيني على المستوى العالمي، وتنامي تأثيرهما في التعامل مع المشكلات الدولية، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه لعالم متعدد الأقطاب من شأنه أن يقود إلى نظام دولي جديد.
خلاصة الأمر، إن عام 2015 أبقى كافة الملفات مفتوحة وكافة بؤر الصراع مستمرة ومحتدمة، الأمر الذي يقودنا إلى الاعتقاد أن عام 2016 ترتبط ظروفه بحصيلة تطورات هذا العام.