الإصلاح الضريبي وشروط صندوق النقد. / خالد الزبيدي
مكافحة الفساد وتشجيع المنافسة العادلة من خلال التجارة وتحسين فرص الحصول على تمويل للشركات الصغيرة والناشئة والاستثمار بمهارات الشباب وتحقيق مبدأ الانفاق المتكافئ وتعزيز حقوق المرأة القانونية والإصلاح الضريبي..هذه هي الشروط التي طرحها صندوق النقد الدولي على الاردن في الاجتماعات الاخيرة.
وفي قراءة سريعة لما قامت به الحكومات المتعاقبة منذ بدء برنامج الاصلاح الممتد منذ خمس سنوات، تم تلبيته بشكل حرفي تقريبا وفي بعض الاوقات تم بنوع من التشدد والمبالغة، منها على سبيل المثال.. رفع اسعار الخبز بنسب تراوحت ما بين 66% الى 105%، ورفع اسعار الكهرباء في الربع الاول بنسبة فاقت 17% تحت بند غير منطقي وهو بدل رفع اسعار المحروقات، علما أن الاردن لا يستخدم النفط ومشتقاته في توليد الكهرباء، وفرض ضريبة على اكثر من 160 سلعة اساسية وغير اساسية..
ويبقى الهدف الاصعب والاكثر تأثيرا على المستهلكين والاستثمار في كافة القطاعات، تعديل جوهري على ضريبة الدخل، تحت مسمى توسيع قاعدة المكلفين وتحصيل مئآت الملايين من المواطنين، ذلك بتخفيض إعفاء الرواتب ودخول المواطنين بحيث يتم الرجوع عن قانون ضريبة الدخل النافذ حاليا الذي يعفي دخل الاسرة البالغ 24 الف دينار سنويا واقل.
اما الحديث عن مكافحة الفساد والتمويل الميسر للشركات الصغيرة والناشئة وحقوق المرأة هي مجرد مفاصل لا خلاف عليها، والاردن ينفذ ما يمكن تنفيذه وفق الاوضاع الاقتصادية والتنموية الضعيفة، اذ يتراوح معدل النمو السنوي منذ سنوات ما بين 2% الى 2.5% في احسن الاحوال، اما تخفيض الدين العام فهو مجرد امنيات مع استمرار عجز الموازنة العامة للدولة والوحدات المستقلة الذي يبلغ 821 مليون دينار للعام الحالي.
فالدين العام يتجه نحو 100% نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي، اذا ما تم احتساب مستحقات شركات الادوية وتوزيع الكهرباء والمقاولين وخطط الاقتراض الحكومي للعام الحالي، اي ان تكاليف الدين العام (الاقساط والفوائد) لا زالت مرتفعة وترهق الموازنة العامة للدولة.
مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي جهاد ازعور (وزير المالية اللبناني السابق) يعتقد ان القوانين الاردنية تحابي المواطنين وجمهور المستهلكين، اذ لا يدفع السواد الاعظم من المواطنين ضريبة عن مداخيلهم، وان الحاجة والاصلاح المالي تستوجب تخفيض الاعفاءات وتوسيع الشرائح المكلفة بدفع ضريبة على الدخل.
ويغفل ازعور ان الاردنيين يدفعون عشرات من انواع الضرائب المختلفة والرسوم وصولا الى السلع الاساسية وغير الاساسية، وان إعفاء مداخيل الاردنيين حسب قانون ضريبة الدخل لا يعني ان المواطنين لا يدفعون قوائم من الرسوم والضرائب التي قلصت قدراتهم الشرائية واثرت سلبا على المنتجات الاردنية في اسواقها واسواق التصدير، واضعفت قدرة الاقتصاد على استقطاب المزيد من الاستثمارات العربية والاجنبية.. الاصلاح المالي يجب ان يضع ما يتحمله المواطن والمستهلك في سلة واحدة لخدمة الاقتصاد والنمو المطلوب.
نقلا عن الدستور