نداؤنا

الغضبة المضرية للنواب

الصرخة المضرية التي أطلقها النواب في وجه الحكومة وقراراتها الأخيرة، بفرض رسوم جديدة على السلع، كانت مثار استغراب من الناس، خاصةً أن الحكومة وعبر مسيرتها الماضية، ارتكزت كل سياستها على فرض الرسوم المتكررة من ناحية، وتحرير الأسعار وانسحابها من أي نوع من الدعم، من ناحية ثانية، ولم نسمع صوت النواب عبر تلك المسيرة.

هذه الغضبة وهذا التراجع المخاتل للحكومة، طرح العديد من الأسئلة حول جدية ومصداقية المؤسسة التشريعية والتزامها بقضايا الناس والدفاع عنها. إن مسيرة ثلاث سنوات لم ينتج عنها أي موقف أو اعتراض من قبل المجلس، ولم يؤدِ إلى وقف النهج الحكومي، نهج الجباية وسياسة الإفقار. بل الأدهى من كل ذلك، أن المجلس لعب دور العرّاب لتلك السياسة وتمريرها!

إن هذه الحماسة المفتعلة هذه المرة، ليست إلا شعور من النواب بقرب انتهاء عمر المجلس وأنهم عما قريب سيكونون وجهاً لوجه مع الناخب الذي سيقوم بمسائلة هؤلاء السادة النواب على ما قدموه لحمايتهم من جور الحكومة وظلمها.

هذه الواقعة، واستسهال السلطة التنفيذية لهذا النوع من القرارات الخطيرة، دون أدنى تفكير بانعكاس تلك القرارات على الواقع المعيشي للناس، وما تسببه لهم من معاناة. تطرح سؤال، إذا كانت هذه هي سياسة الحكومة ونهجها، وهذا المجلس ورخاوته في القيام بدوره في الرقابة والتشريع، فمن حق الناس أن يتسائلوا هؤلاء الحكومة والمجلس، تُرى يمثلون من؟

إن أصعب شيء يواجهه مجتمعنا الأردني، هو هذا التدليس السياسي، والخداع الذي يمارس عليه من قبل الحكومة والبرلمان، دون أن يجد أحداً ما يحاسب على هذا التضليل.

إن ما يدلل على زيف هذه الغضبة لمجلس النواب، أن هذا المجلس نفسه، كان الشاهد على الاعتداء على الحريات العامة، والتوقيف للصحافيين، ونشطاء الحراك، ولكنه تعامل بصمت، صمت أهل القبور وكأن المسألة لا تعنيهم!!

هذه الصورة وبكل مساوئها، حكومة ومجلس نواب، تجعل من تعديل قانون الانتخاب والتغيير في آلية تشكيل الحكومات، والفصل بين السلطات، ووقف التدخل الأمني في مؤسسات الدولة، شروطاً لا بد منها للوصول إلى دولة القانون ودولة المؤسسات واحترام المواطنة. 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى