آذار وانتصار السوشال ميديا و- وهم معرفة- ستيفن هوكينج
يبدو أن جميع أشكال ووسائل التطور المختلفة غير قادرة على وقف بث خطاب الكراهية المنتشر بين المشبوهين من فئات المجتمع. كيف لا ونحن نرى أستاذاً جامعياً يحاضر بتشويه كتاب سماوي في العلن وتحت ضوء الكاميرات الرقمية دون رقيب أو حسيب، لتبدأ من بعده الأصوات المؤيدة والمعارضة لما تحدث فيه في ظل صمت رسمي لحكومة تدّعي حمايتها لحقوق الجميع بما فيها الدين، حاملاً معه استياءاً كبيراً في الأوساط المثقفة التي تدعو للمواطنة ومحاربة التطرف.شكلت وسائل التواصل الاجتماعي نصرةً للمظلوم في بعض الأحيان، في ظل تغول أصحاب رأس المال وأصحاب القرار على نواحي الحياة المختلفة. فقد شاهدنا حجم الضغط الذي تعرض له أحد النواب بعد أن تسبب بأذى لأحد أصحاب المشاتل في عمان. كما شاهدنا كيف أثرت السوشيال ميديا في قضية بسطة أم رامز مع أمانة عمان، أو مؤخراً في حالة اعتداء رقيب سير على أحد المواطنين.
وهذا بعض مما نشره مواطنون وناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، في قضية أم رامز التي حملت هاشتاغ -ام-رامز نشر أ.غ عبر صفحته «عزيزي المواطن هل تعلم ان 80% من العاملين في امانة عمان يعملون في البيع على البسطات بعد انتهاء عملهم» .
ومن الجدير بالذكر بأنه وعلى اثر انتشار قضية ام رامز بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي فقد اضطر امين عمان الكبرى يوسف الشواربة لنشر تغريدة عبر تويتر محاولاً «ترقيع» ما فعله موظفي الامانة «كرامة أم رامز.. من كرامة كل أم أردنية»
فيما يتعلق بقضية المشتل فقد أطلق مجموعة من الناشطين هاشتاغ -الكرامة-فوق-الحصانة وقد نشر الناشط ر.ح «يعتدي على منزل مواطنين وطفل في الكرك، ثم يعتدي على شاب فاليت في تاج مول، ثم يعتدي على صاحب المشتل، هل هذا نائب أم بلطجي!»
في قضية رقيب السير أو قضية المشاجرة التي تمت على دوار المدينة بين سائق باص ومواطن آخر وما سبقها من قضايا قد تمت الإشارة لها فقد ساهمت الحوارات عبر وسائل التواصل الاجتماعي باحداث تغيير في السلوك الرسمي مما أجبرهم على التوجه لحل القضايا بعيداً عن التباطؤ الحكومي المعتاد.
الرحمة لهوكينج
شهر آذار يحمل في طياته إحدى أهم المناسبات التقدمية «يوم المرأة، وعيد الأم» وهي أيام تعنى بالتذكير الدائم بحضور المرأة ودورها الريادي في تطوير المجتمع ورفعته وازدهاره، فما ان يجيء شهر آذار لتعلو الأصوات المطالبة بحقوق المرأة والتأكيد على دورها مستغلين العاطفة «الجياشة-اللحظية» في مشاعر الرجل الشرقي تجاه المرأة لعلها تحدث تغييراً تراكمياً في الوعي المجتمعي تجاه المرأة.
وفي الحديث عن وسائل التواصل الاجتماعي ودورها فهناك وجه آخر تجاري بعيداً كل البعد عن التقدمية فعند ذكر الأم تتسارع المحال التجارية في تقديم العروض المتواصلة بمناسبة هذا العيد لتجد الأم عشرات الهدايا على شكل «خلاط – مكنسة – سشوار – موبايل» لعلها في غالبها تعكس رؤية المجتمع الحقيقية لدور المرأة على عكس تلك «البوستات» المليئة بالتقدمية عبر مختلف الصفحات..
حمل آذار وفاة العالم الإنجليزي ستيفين هوكينغ ليترك البعض حجم العلم الكبير الذي تركه لينقلونا لحوار أكثر أهمية تحت عنوان «تجوز الرحمة على هوكينغ ام لا؟ « لتقتحم هذه النقاشات الكثير من الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كيف لا وقد قام بعض رجال الدعوة بتخصيص محاضرات بهدف تكفير هوكينغ والحديث عن خطره ضاربين بعرض الحائط جميع الانجازات التي حققها في مجال الفيزياء وفي نظرة الإنسان للكون بشكل عام.
قد تناسى جميع هؤلاء الداعين لعدم الترحم على هوكينغ حجم الإضافة التي قدمها، وتناسوا ايضاً مواقف هوكينغ من مقاطعة الأكاديميين لـ»إسرائيل» وموقفه من غزو العراق وغيرها.
إن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين ولعل أفضل ما يمكننا تلخيصه لخطاب الكراهية بما قاله هوكينغ «اكبر عدو للمعرفة ليس الجهل، إنما هو وهم المعرفة»، ولعل اهم ما يمكننا التدليل به على اهمية قراءة هذه الوسائل ما يجري الآن في بريطانيا حول قيام شركة كامبريدج أناليتيكا بتشويه سياسيين وتوجيه العملية الانتخابية في امريكا لعام 2016، وحجم الجدل العالمي الكبير حول دور موقع فيس بوك في التأثير على المجتمعات لا سيما في الجانب السياسي واستخدام الاساليب القذرة في توجيه الرأي العام.