قراءة في فكر حسين مروة / وائل أبو صالحة
كنت في مقالة سابقة في نهاية العام الماضي، تناولت الفلسفة العربية الوسطى من خلال قراءتي لكتاب (فلسفة اللغة) للدكتورة -عائشة الحضيري- حيث بحثت الدكتورة عائشة الحضيري في الفلسفة العربية الاسلامية الوسطى بمنهج ابستيمولوجي حددت فية ملامح تلك الفلسفة من خلال جدلية الاسم والمسمى والتوقيف – لا أريد الإطالة ممكن الرجوع إلى تلك المقالة.
ما أريد قوله في هذة المقالة هو القبض على ملامح البحث المضني الذي قام به الشهيد الفيلسوف (حسين مروة) المعنون – النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية – الصادر عام 1978 عن دار الفارابي.
إن المحاولة التي قام بها (حسين مروة) تجيء كشكل من أشكال الاستجابة لضرورة راهنة لدراسة التراث بتاريخيته الشاملة بمنهج بحثي هو المنهج المادي التاريخي – وأستنتج من قراءتي لذاك المتن التالي:
1-دراسة الفلسفة العربية الاسلامية انطلاقا من كونها نتاج عملية تاريخية داخل حركة تطور الفكر العربي ذاته، مرتبطة بحركة تطور المجتمع العربي الاسلامي خلال القرون الوسطى، أي أن هذه الفلسفة لم تظهر كنتاج عامل خارجي هو العامل الوحيد في إنتاجها كما قيل, وهو اقتباس فلسفات الشرق والغرب اليوناني.
2-الكشف عما أهملته أو أخفته دراسات البعض، أو لم تستكمل الكشف عنه الدراسات الأخرى، وهو ما يحتويه التراث الفلسفي من قيم تقدمية أو نزعات مادية.
3-دراسة التراث الفلسفي من خلال القضايا المطروحة في التراث، لا من خلال الشخصيات الفلسفية ذاتها. مع الانتباه إلى أن هناك جانبا من التداخل بين القضايا والمراحل والشخصيات الفلسفية. فقد يحتل فيلسوف عظيم مرحلة بكاملها، بل قد يحتل أكثر من مرحلة في تاريخ الفلسفة.
ولكن يجب الانتباه أن احتلال فيلسوف ما لمرحلة أن افكاره تجيء في لحظتها التاريخية كقفزة كيفية في طريق تطور الفكر الفلسفي البشري. غير أنه ما من قفزة كيفية إلا وقد مهد لها تطور جرى خلال مدة معينة.
4-تحديد المقدمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لنشأة البذور الأولى للتفكير الفلسفي، وتشكل الفلسفة العربية الاسلامية بصورتها المستقلة عن أشكال التفكير الأخرى في عصرنا.
5-دراسة حركة التفاعل بين العرب وسائر الشعوب التي دخلت جزءاً عضوياً في البنية الاقتصادية – الاجتماعية – السياسية – الثقافية المتكاملة لمجتمع واحد هو المجتمع العربي – الاسلامي.
6-دراسة دور المصادر الخارجية في تطور الفكر الفلسفي للتراث.
* يجب التنويه ان هناك الكثير من الاقتباسات منقولة ليست حرفيا من الكاتب.
وهنا نطرح السؤال التالي: هل كانت الفلسفة العربية – الاسلامية أصيلة ام كانت تفتقر للأصالة؟
موقفي الفكري من هذا السؤال أنه لا شك أن الفلاسفة العرب تأثروا بالفلسفة اليونانية، لكن الفلسفة اليونانية لم تكن المصدر الأوحد الذي شكل تفكيرهم فحركة العقل العربي – الاسلامي يمكن لحظها منذ المعتزلة بالاضافة الى جدل التفاعل مع الكثير من الحضارات المحيطة بالحضارة العربية – الاسلامية.
البحث يطول في متن (النزعات المادية في الفلسفة العربية – الاسلامية) من حيث مراحله التاريخية التالية:
1- الجاهلية – نشاة وصدر الاسلام
2- المعتزلة – الاشعرية – المنطق
3- تبلور الفلسفة – التصوف – اخوان الصفا
4- الكندي – الفارابي – ابن سينا
وكل محطة تاريخية من هذة المحطات تحتاج الى وقفة فكرية مطولة.
المحصلة – يقول مهدي عامل: « ان التراث شىء ومعرفة التراث شىء آخر، ولا يصح الخلط بينهما. فمشكلة التراث ليست في إحيائه او في العودة إليه – وفي الحالتين – استحالة -، بل هي في انتاج المعرفة العلمية بهذا التراث الذي هو موضوع معرفة. وفي هذا طرح جديد يختلف جذريا عن كل طرح سابق يرى في التراث نموذجا يجب تقليده او الاهتداء به او استلهامه، او يفرض على الحاضر، باسم الأصالة والأمانة للذات، ضرورة ان يكون امتدادا للتراث يعيد إليه استمرارية تاريخية كانت قد انقطعت في فترة زمنية معينة، أو يرى في التراث عناصر ينتقي منها ما يخدم الحاضر ويسقط منها ما لا يخدمه، فيشوه التراث والحاضر معا “.