التدهور في الحريات العامة، لماذا؟ د.سعيد ذياب
منذ عقدين ونيّف من الزمن، والقوى السياسية والحزبية وكل مؤسسات المجتمع المدني، تطالب بالإصلاح السياسي، واحترام الحريات العامة والفردية. ولكن، بدلاً من أن تسير هذه الحريات بخطٍ بياني صاعد، وتطوير الانفتاح المحدود الذي تعيشه البلاد، فإن واقع الحال يشير إلى أننا نسير وفق خطٍ بيانيٍ هابط، وبشكل يتعاكس مع طموحات الشعب الأردني.
في الأيام الأخيرة صرنا نشهد تراجعاً واضحاً في الحريات العامة، وعادت سياسة تكميم الأفواه، والنيل من حرية التعبير، وتوقيف الصحافيين، والاعتقال لنشطاء الحراك الشعبي، ومما يزيد من حالة القلق لدى المواطن الأردني، أن سياسة تكميم الأفواه طالت حتى قنوات التواصل الاجتماعي.
بدلاً من أن تعمل الحكومة على تعديل قانون المطبوعات والنشر، بما يضمن حماية الصحافيين والصحافة نفسها، شكّل قانون محاربة الإرهاب وقانون المطبوعات والنشر متكأً للحكومة للنيل من الحقوق الفردية والجماعية ومبرراً لتجاوزاتها وتقاعسها عن إنجاز أي تقدم في مسألة الإصلاح.
إن انتهاكات الحكومة للحريات العامة، كحرية التعبير، لم تقف عند تلك الحدود، بل امتدت إلى الحريات الاقتصادية، حيث شهدنا ارتفاعاً وبمستويات قياسية لمعدلات البطالة، والفقر، والغلاء.
إننا نرى في مسألة البطالة وغياب فرص العمل، في جوهرها، انتهاكاً مكشوفاً لحق الإنسان في العمل، ونرى في سياسة رفع الرسوم الجامعية، اعتداءً على حق الناس في التعليم، والأمر ذاته ينطبق على الحالة الصحية.
إن مجمل السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة، لا تقود، في جوهرها، إلا إلى حرمان المواطن الأردني من الحصول على حقوقه في السكن والتعليم والصحة والغذاء.
أمام هذه الصورة، والتي تعبّر عن نفسها بردةٍ مكشوفة عن الإصلاح، فإننا نؤكد رفضنا لهذه الردة، وهذه التجاوزات. الأمر الذي يتطلب وبشكل جدي، إعادة النظر بالنهج الاقتصادي، والتعامل الأمني في مسألة الحريات، لأن هذا الدرب لن يقود إلا إلى مزيد من التأزيم الذي يعيشه المجتمع الأردني.
إن المناخ الحكومي هو مناخ تراجع، واستخدام أي نص قانوني للنيل من الحقوق والحريات العامة.
الأمر الذي يتطلب رحيل هذه الحكومة، وإعادة النظر بمجمل السياسات بما يخدم الحريات العامة، والتحرر من شروط صندوق النقد الدولي.