المواجهة بالخسائر.. وسيناريو التأجيل / وليد حسني
يقاتل نواب منذ نحو 48 ساعة على الفيس بوك بقوة، يُطلقون صيحات مدوية ويقولون لناخبيهم إنهم سيحجبون الثقة اليوم الأحد عن الحكومة.
هذا خطاب نيابي مدو تعوَدناه كثيرا في مناسبات شيقة، وفي مغامرات نيابية كانت دوما تودي بالمجلس وبسكانه الى المزيد من الخسائر، وفقدان الطموحات، وفقدان الحب الشعبي الذي يتوجب عليهم بناءه وتنميته، بدلا من خسرانه مجانا.
اليوم سيجد النواب أنفسهم وجها لوجه مع الحكومة، وسيختبرون مدى صلابتهم، واستقلاليتهم وقوة تأثيرهم، وستتكشف تلك الطباع السياسية والمصلحية وهم يمارسون حقهم الدستوري المطلق، مقابل الحكومة أيضا التي تمارس هي الأخرى حقها الدستوري بالإنصياع لتوجه النواب نحو حجب الثقة عنها.
واليوم ــ كما هو الحال في مناسبات مثيلة آفلة ــ سيجد النواب أنفسهم أمام استحقاق لا مناص منه، فإما الإطاحة بالحكومة، وإما منحها ثقة مجانية جديدة ومتجددة لم تكن تطلبها أصلا، لكنها تدرك جيدا ان ثمة ما تفعله لإفشال هذا الإصطفاف النيابي الذي وإن كان ضعيفا وهشا إلا أنها بحاجة تامة لتجاوزه واحتوائه وضمان النجاة منه بأقل الخسائر الممكنة.
وفي الوقائع فإن عددا من النواب يعتقدون صادقين بأن واجبهم يحتم عليهم الوصول الى هذه المواجهة بالرغم من الخسائر المحتملة وربما المؤكدة، وهم يؤمنون بان ما سيفعلونه اليوم مجرد مغامرة غير متكافئة خاصة وان الحكومة لم تخلع الغطاء الأمني عنها، في الوقت الذي لا يُراد فيه لمجلس النواب أن يخرج منتصرا من تلك الحفلة المتخمة بالخسائر أصلا.
اليوم ربما ستطلب الحكومة إمهالها عشرة أيام وهو حق دستوري لها، وفي هذه الحال فإن عقدة” العشرة أيام” ستحتاج للمزيد من التفسير والتأويل فقد طلب نائب رئيس الوزراء عشرة أيام للرد على توصيات مجلس النواب، وانتهت المهلة دون أن يرد، وقبيل أيام طلب رئيس الوزراء من المزارعين إمهاله عشرة ايام للرد على مطالبهم بعد استشارة صندوق النقد الدولي، مما يعني أن ثمة عقدة اسمها”عشرة أيام” تسيطر على الحكومة لا ندري كنهها ولا نملك لها تفسيرا أو تأويلا.
ولا أدري كيف غاب عن رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة إدراج رد الحكومة على توصيات النواب حول رفع الأسعار بعد ان انتهت مهلة الأيام العشرة التي طلبها نائب رئيس الوزراء د. ممدوح العبادي، إلا إذا كان هذا الرد سيكون أمام النواب اليوم وقبيل الذهاب الى فقرة التصويت التي ستكون بلا شك في غاية المتعة.
من حقي كمواطن ومن حق جمهور الناخبين أولا وأخيرا التعبير عن خشيتي على مجلس النواب مما سيتعرض له هذا اليوم من خسران ليس في صالحه، وفي الوقت الذي أتمنى فيه رحيل هذه الحكومة عن طريق المجلس، إلا أن هذه أمنية لن يحققها بالمطلق التحالف المركب داخل عمق الدولة الذي ينحاز عادة للحكومات على حساب مجلس النواب.
هذا اليوم ثمة مغامرة ستتشكل تفاصيلها على خاصرة العبدلي بعد عصر اليوم، وبعيدا عن كل السيناريوهات المحتملة فإن الخاسر سيكون مجلس النواب وجمهور الناس، وستكون الحكومة الناجي الوحيد من هذه المغامرة غير المتكافئة.