الخبز الضائع بين “العجلات ” و “حماية المستهلك ” / وليد حسني
غاب الخبز تماما عن التوصيات التي القاها رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونه على مسامع النواب في جلسة المناقشة العامة التي عقدت صباح امس وقطعها قبل ان يستكمل النواب طالبو الحديث حقهم بالمناقشة في مخالفة صريحة منه للنظام الداخلي للمجلس.
وبدلا من ان يحضر الخبز على مائدة التوصيات المعدة مسبقا حضرت عجلات السيارات باعتبارها الغذاء الأساسي للأردنيين وتستحق بجدارة ان تكون في سلم اولويات جلسة بدت سيئة للغاية ولا ترقى لحجم وتاثيرات عنوانها العريض، وتوقيتها الذي تأخر كثيرا.
بالأمس انهار أحد الجدران الإستنادية الرئيسية التي يستند مجلس النواب اليها في التمتع بآخر ما تبقى له من رضا شعبي، هناك صباح أمس وعلى خاصرة العبدلي بدا مجلس النواب زاهدا في المحافظة على ما تبقى لديه من رصيد الرضا فأضاعه بكل ثقة وامتنان.
منذ 22 سنة مضت وانا اقبع هناك على شرفة مجلس النواب، إلا أن مثل جلسة الأمس لم تتكرر كثيرا، فقد بدا واضحا ان نوابا لا يمكن إحصاؤهم ممن تحدثوا أو ممن لم يتحدثوا وجدوا كامل الأعذار والمبررات للحكومة لاتخاذ قراراتها رفع الاسعار وتحطيم المواطن وهرسه تحت عجلة الغلاء الذي لم يعد يرحم احدا، ولن يرحم لاحقا نسبة النمو التي تركض الحكومة وراء تحقيقها هذه السنة، وحركة السوق، وانسياب السلع والبيع والشراء، وستجد آلاف التجار يزورون المحاكم بقضايا مالية وقد يزور نصفهم ــ على الأقل ــ سجوننا الوطنية.
وجلسة النواب بالأمس لم تكن من نوع تلك الجلسات التي تدفع بالنواب للتكفير عن خطاياهم بحق المواطنين، بل كانت اٌقرب الى تكريس”الفئة المرعية ” المستفيدة باعتبارها الفئة الأكثر تأثيرا في اتجاهات التصويت في المجلس، وهذه ذاتها تلك الفئة التي أقرت الموازنة بكل ألغامها وقسوتها وجبروتها، وهي ذات الفئة النيابية التي عبرت عن دعمها للحكومة بذرائع “الإعتماد على الذات ” تارة، و ” الانتماء الوطني” تارة ثانية، و”التضحية من أجل الوطن” تارة ثالثة، لكن لم يقل أحد منهم كيف يمكن للمواطن بعد الآن الإيمان بان ثمة سلطة برلمانية تنظر اليه بعين الرضا والأسف لما اقترفته بحقه.
فازت الحكومة بالأمس، وعادت لمقاعدها في الدوار الرابع وكلها ثقة بان ما حصدته بالأمس يضاف لسلسلة انتصاراتها المجانية على مجلس نيابي أوهى من خيوط العنكبوت، واقل شأنا وتأثيرا من إشارة مرورية على شارع فرعي وضعت هناك بالخطأ.
ولعلي أسأل عن سر التوصية المتعلقة بضرورة دعم الجمعية الوطنية لحماية المستهلك؟ لماذا تحشر هذه الجمعية في توصيات مجلس النواب حشرا وبدون أي داع او مبرر؟ ومن هي هذه الجمعية؟ ومدى تأثيرها في الناس؟ وهل الأجدى بمجلس النواب التوصية بدعمها او بدفع المزيد من المال اليها، أم التوصية بمراجعة تسعيرة الخبز، او حتى تسعيرة التبن.
ربما تكون الإجابة سهلة ولا أظنني هنا مغاليا إذا قلت إنني لم أقرأ نهائيا للجمعية الوطنية لحماية المستهلك اي بيان ــ ولو من قبيل رفع العتب ــ تستهجن فيه رفع الأسعار والضرائب، لم تقل الجمعية أي شيء ، ولم ينتبه الناس لسؤالها لماذا فعلت ذلك ملتزمة الصمت، لأن الناس أنفسهم لا يعرفون عن تلك الجمعية شيئا، ولا أثر لها في حياتهم اليومية، ولو كانت بخلاف ذلك لكان للناس معها شأن آخر.
معلومات وصلتني قالت لي إن الجمعية حصلت على دعم مالي كبير من الحكومة هذا الأوان، فلماذا يتم حشرها الآن في 12 توصية لمجلس النواب منها توصية بكاملها ذهبت لتلك الجمعية التي لا أعرف أنا شخصيا عن تأثيرها أي شيء.
والأدهى أيضا تلك التوصية المتعلقة بعجلات السيارات، هل يعقل أن يذهب المجلس بنتائج توصياته وبجلسته الى تقزيم ما في عنوانها من خطورة وفجيعة الى عجلات السيارات؟ وكيف انطلت هذه التوصية على ذكاء رئيس المجلس وعلى النواب، ومن هو صاحبها؟ ولمصلحة من يتم حشر عجلات السيارات في توصيات تستهدف ــ على الاقل إعلاميا ــ الدفاع عن خبز المواطن ودوائه وعلاجه.. ثمة كوميديا أكثر من سوداء كانت تتمسرح بشكل لا يليق بالسلطة التشريعية على خاصرة العبدلي صباح أمس.. وكنت أسأل “هل هذا مجلس نواب؟؟!!”.. وظل السؤال عالقا في الصدى..