أخبار محلية

عن “المسخمين” في الأردن / محمد الفضيلات

يصر رئيس وزراء الأردن، هاني الملقي، على الظهور بمظهر المعزول عن واقع المملكة التي يتقلد فيها أرفع منصبٍ يستوجب منه دراية سياسية واقتصادية واجتماعية واسعة بـ”أحوال البلاد والعباد” حتى يتخذ القرارات الصائبة. خلال واقعة استجداء أحد أعضاء مجلس النواب للرئيس بهدف ثنيه عن المضي قدماً في قرار رفع ضريبة المبيعات على أسعار الدواء، انسجاماً والموازنة العامة للدولة التي أقرها مجلس النواب، أنكر الرئيس وجود “مسخمين” أردنيين، بعدما استحضرهم النائب في معرض معارضته الخجولة للسياسات الاقتصادية للحكومة.

تتعدد تعريفات معاجم اللغة للمصطلح (مسخمين). وبعيداً عن استحضار المعاجم، يستخدم في الدارج للدلالة على الشخص عاثر الحظ، وفي الأردن يستخدم على نطاق واسع لوصف الفقراء، كما في السياق الذي ورد على لسان النائب. بالتسليم بأن الرئيس يدرك المعني الدارج للمصطلح، فإنه ينفي وجود فقراء في الأردن، متجاهلاً أو جاهلاً بأن دائرة الإحصاءات العامة قدرت نسبة الفقر في آخر مسح أجرته في العام 2010 بـ 14.4 في المائة.

المنطق يفترض أن الرئيس “ابن البلد” لا يحتاج للدراسات والمسوحات لإثبات المثبت، بقدر حاجته لها لمعرفة نسبة الفقر وأماكن تركزه وأسبابه بغية وضع خطط لمعالجته. يستطيع أي مواطن مساعدة الرئيس في التعرف على “المسخمين”، باصطحابه في جولة مسائية على الحاويات (مكبات النفايات) لمشاهدة الباحثين عن بقايا الطعام، أو إلى القرى النائية حيث ينتعل الأطفال ما يشبه الأحذية، أو يسيرون حفاة، وحيث ينام مواطنون في زرايب (حظائر) الأغنام أو المُغر. منفصل عن الواقع من لا يعرف أن أطفالاً يحلمون بمصروف الجيب أثناء ذهابهم إلى المدرسة، وأن الخبز الذي توزعه المخابز على الفقراء ينفد ويسأل عن توفره، وأن الخضار شبه التالف (البرارة) يجري التنافس على شرائها. تلك النماذج تمثل شريحة من “المسخمين”، وبالضرورة توجد نماذج أكثر بؤساً. يومياً تزداد نسبة “المسخمين” في الأردن لأنهم مبتلون بحكومات غارقة في الإنكار ونواب عاجزين عن حمايتهم.

كتبه:محمد الفضيلات في العربي الجديد

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى