“وادي عربة” بين فشل حكومي في تسويقها وفشل المعارضة في إسقاطها
21 عاماً على توقيع معاهدة وادي عربة، ولا تزال المعارضة الوطنية تحيي ذكرى هذه المعاهدة دون قدرة على إلغائها، في مقابل حكومة تصر على المضي فيها رغم فشلها الذريع في تسويقها شعبياً.
21 عاماً ولم تسقط المعاهدة
“معاهدة وادي عربة ليست معاهدة معزولة عن الواقع العربي، فهي في السياق التاريخي ليست إلا محطة في مرحلة الانهيار الرسمي العربي، هذا الانهيار الذي بدأ بالتوقيع على اتفاقية كامب ديفيد وأوسلو وأخيراً في وادي عربة”. يقول الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية في رده على استفسار نداء الوطن حول أسباب فشل المعارضة في إسقاط المعاهدة.
ويضيف ذياب أن “وادي عربة” ليست معزولة عن محيطها، بل أريد لها أن تكون جسراً للتطبيع، وأريد لها أن تُحدث إلغاءً في إستراتيجية الأردن وأولوياته. ولهذا السبب باعتقادي أن عجز المعارضة عن إسقاط وادي عربة هو عملياً يرتبط مع القوى الشعبية العربية وما تعيشه من واقع مأزوم.
وبحسب ذياب فإن أوسلو ووادي عربة وقبلهما كامب ديفيد، هذه المحطات الثلاث فتحت المجال للعديد من الدول العربية لإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني (الممثليات والمكاتب… إلخ)، ثم وفّرت المناخ لبروز الأطروحات الصهيونية مثل الشرق الأوسط الكبير الذي كتب ونظّر له شمعون بيريز، ثم مؤتمر الشرق الأوسط وشمال افريقيا الاقتصادي، هذه المؤتمرات التي تهافتت الأنظمة العربية على استضافتها بحضور الكيان الصهيوني.
في حين يرى الدكتور أحمد العرموطي رئيس اللجنة العليا لمجابهة التطبيع، أن المعارضة ليس لديها وسائل إلا بالطرق السلمية التي تعبر من خلالها عن رفضها للمعاهدة والمطالبة بإلغائه، مطالباً مجلس النواب بالتقدم بقانون جديد لإلغاء هذه الاتفاقية.
الكاتب الصحفي في جريدة الغد الأستاذ جهاد المنسي لفت في تصريحه لنا بأن الأحزاب الوطنية مطالبة بالبحث عن آليات عمل جديدة للوصول إلى أهداف الشعب، حيث ما زالت هذه الأحزاب تعتمد على آليات منذ 30 عام، الآن الأحزاب تخاطب جيل جديد وهو جيل وادي عربة، لذلك يجب أن تطور من آليات عملها، وتبحث في الأسباب التي تدفع الشباب للرفض وتقنعهم بوجوب إسقاط معاهدة وادي عربة.
تسويق حكومي فاشل
يؤكد الدكتور أحمد العرموطي رئيس اللجنة الوطنية لمجابهة التطبيع أن الحكومة لم تنجح لغاية الآن بتسويق معاهدة وادي عربة لا جماهيرياً ولا شعبياً وذلك بسبب عدم رضا الشعب الأردني على هذه الاتفاقية ولقناعته أن أي اتفاق كوادي عربة مع العدو الصهيوني لن يعيد لنا حقوقنا ولن يعيد لنا حريتنا ولن يعمل على تحرير فلسطين. ويرى أن التوقيع على هذه الاتفاقية يعطي الكيان الصهيوني الشرعية بأنه كيان ومعترف به وقابل للحياة، ونحن نتعامل معه ككيان شرعي، وهذا الأمر مرفوض لدى أمتنا العربية وشعبنا الأردني.
ويلفت العرموطي إلى أن الثوابت التاريخية التي نؤمن بها هي أن فلسطين من البحر إلى النهر أرض عربية وستعود عربية، وأن هذا الكيان الاحتلالي الاستعماري الغاصب إلى زوال. فمن النتائج السلبية لهذه المعاهدة، أنها أعطت أجزاء من الأرض الأردنية للكيان الصهيوني ولم تعد سيادتها تتبع إلى الأردن مثل الأغوار التي تم تأجيرها للكيان الصهيوني والسماح بإقامة مناطق صناعية ودخول الصهاينة إلى الجانب الاقتصادي في الأردن، وموضوع التطبيع الزراعي مع الكيان الصهيوني الذي أضر بمصالح المزارعين الأردنيين، وفوق ذلك كله موضوع الاختراق الأمني، اختراق الأردن من خلال السماح بدخول الإسرائيليين إلى الأردن بدون أي رقابة وهذا خرق للأمن الوطني.وأيضاً إنشاء مشاريع كبرى تخدم الكيان الصهيوني أكثر ما تخدم الأردن مثل ناقل البحرين، وشراء الغاز من الكيان الصهيوني، وهذا خطر على الأمن القومي للأردن.
هذه الاتفاقية أفقدت الأردن السلطة في موضوع المقدسات فلم يحترم هذا الكيان الوصاية الأردنية على المقدسات، حيث تم تدنيس المسجد الأقصى عشرات المرات مما يسيء إلى الحكومة الأردنية، ورأي شعبنا هو إلغاء هذه الاتفاقية.
ويماثله في الرأي، الدكتور ذياب، حيث يرى بأن الحكومة فشلت في تسويق المعاهدة شعبياً وذلك لأن للشعب الأردني رأي آخر في اتفاقية وادي عربة، فهذا الشعب الذي راح يؤكد على انتماءه العربي وأنه جزء لا يتجزأ من القوى التي تخوض معركتها ضد المشروع الصهيوني. الأمر الذي دفع الشعب الأردني للتمسك بمقاومة التطبيع ورفض إقامة علاقات دبلوماسية مع العدو والمطالبة المستمرة بطرد السفير الصهيوني.
هذا الموقف الشعبي العربي هو الذي عطّل الحكم وأفشل جهوده في تسويق المعاهدة.
فيما يرى الأستاذ المنسي، أن الحكومة من مصلحتها أن تبقى معاهدة وادي عربة حيث أن هذه الحكومة ترى أن المعاهدة كانت جيدة حسب وجهة نظرها، وأنا لا أعتقد ذلك، فكل المعاهدات من وادي عربة إلى كامب ديفيد إلى أوسلو هي معاهدات فردية من الحكومات، وليست من الشعب. وبالتالي الآن علينا أن نذهب باتجاه آخر، علينا أن نقنع جيل الشباب بأن معاهدة وادي عربة لم تحقق المطلوب.
والموضوع الأهم، هو كيف نخاطب جيل الشباب؟!
إذن هو فشل حكومي في تسويق المعاهدة لشعب يعرف بوصلته جيداً، وإلى حين أن تنجح المعارضة في استغلال هذا الفشل الحكومي وتحويله إلى أداة لإسقاط المعاهدة، تبقى سفارة الكيان الصهيوني جاثمة على صدورنا في الرابية قلب العاصمة عمان، وتبقى الاحتجاجات في كافة أرجاء الوطن بشعارها الناظم “تسقط وادي عربة”.