ثقافة وأدب

مواقع التواصل الاجتماعي وإحياء تراث غسان كنفاني

هكذا بدأت القصة ..

في عام 1972 رحل غسان كنفاني بعدما تم اغتياله على يد جهاز المخابرات الإسرائيلية، ومعه رحل الكثير من الأدب الشعبي والقومي في حينها، قبل أن يتم نشر الأدب العاطفي والموروث الكبير الذي خلّفته رسائله للكاتبة غادة السمان.

بعد أعوام قليلة، وفي كل عام في 8 تموز، تستذكر بعض المؤسسات الثقافية والأحزاب السياسية والحركات الوطنية ذكرى هذا الرجل الذي أغمض عينيه عن ضوء المكان، وبقي هكذا الحال من سبعينيات القرن الماضي وحتى العام 2010 تقريباً، عندما عاد غسان كنفاني للحياة اليومية من جديد .. ولكن؛ كيف كان ذلك؟

مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مؤخراً هي المكان الوحيد ربما في العالم، الذي يجتمع عليه كل شيء عرفته البشرية، شباب يعشقون كنفاني ويعشقون أكثر ما ترك خلفه من أوراق ورصاص، أعادوا نشر حياة الرجل وكتاباته من جديد من خلال الإعلام المجتمعي، حيث تعتبر المادة “الوطنية” والثقافية” ذات اهتمام كبير وواسع من المتابعين.

غسان الوطن، رمز وقضية

البُعد الوطني الذي حمله أدب غسان كنفاني، جعل منه مادة دسمة جداً للشباب المتفاعلين عبر منصات الإعلام المجتمعي، وأبعد من ذلك.. أصبحت مقولاته وكتاباته شعارات تنتشر بشكل كبير جداً عبر هذه المنصات، ويتم تداولها بشكل مكثف في كل ذكرى تقترب من الوطن وألم اللجوء والنزوح عن فلسطين.

العديد من رواياته تحمل بين طيّاتها اللغة الشعبية السهلة التي يتقنها ابن المدينة وابن القرية والفلاح المتربع فوق بئر مزرعته، روايات غسان لا تبدأ من تاريخ ولا تنتهي لتاريخ، وهذا ما أعطاها نجاح التوقيت الدائم طوال هذه السنوات العابرة.

فرواية عائد إلى حيفا -مثلاً- التي أصدرها في بيروت عام 1970، ما تزال حتى اليوم تقرأ عبر منصات الإعلام المجتمعي، وما زال البعض يقتنيها ويقرأها، عائد إلى حيفا بعد أكثر من 45 عاماً تقرأ بشكل يومي، وربما نسبة تداولها وبيعها عبر المكاتب الرقمية على الإنترنت يفوق أضعاف أضعاف ريع بيعها عند إصدراها في عام 1970.

كتابات غسان أصبحت أكبر من أن تكتب فقط عن وطن، ففي الثورة المصرية مؤخراً، العديد من النشطاء المصريين قاموا بنشر مقولاته وربطها بالوطن “مصر”، وهذا ما أعطى غسان البُعد القومي والوطني، غسان لا يكتب فقط عن فلسطين! غسان يكتب عن هذا الوطن الممتد من الماء إلى الماء.

جيل جديد، يعرف غسان أكثر من جيله نفسه

تساهم مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير جداً في تشكيل عقلية وهوية الشباب، أدب غسان كنفاني اليوم بسبب هذه المنصات، يتابعه الملايين من العالم ورواياته تنشر بأكثر من لغة، وصوره تملأ الفضاء الإلكتروني، جيل اليوم يعرف غسان ويعشقه أكثر من جيل غسان نفسه، مواقع التواصل الاجتماعي أعادت إحياء غسان كنفاني من جديد، الفكرة لا تموت.. وغسان كنفاني أصل الفكرة، الفكرة الوطن والقضية والأمل على التحرير يوماً ما! ولو؛  بحرف واحد.

*حاتم الشولي/ صحفي وأخصائي في الإعلام الإلكتروني

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى