“جرائم” قانون الجرائم الإلكترونية
أصبح استدعاء إعلامي أو ناشط للمدعي العام على خلفية منشور له على صفحات التواصل الاجتماعي، أمراً طبيعياً وخبراً أقل من عادي، في ظل هذا الكم من الاستدعاءات والتوقيفات التي تكررت بشكل كبير في الأيام الأخيرة، وذلك على الرغم من أن التعديلات الحكومية المقترحة على قانون الجرائم الإلكترونية لم يتم إقرارها بعد، أي أن كافة هذه الإجراءات تتم وفق القانون الحالي.
قانون الجرائم الإلكترونية ومن قبله قانون منع الإرهاب، يحملان في طياتهما من المواد ما يسمح للحكومة بمحاسبة المواطن على انتقاد بسيط، بل قد تصل الأمور لاحقاً إلى ملاحقته على تعليق تم كتابته على صفحته أو وضعه لإشارة إعجاب (لايك) على منشور ما.
تقوم الحكومة بملاحقة مواطن انتقد التوجه الحكومي لرفع أسعار الخبز، وقام بتحطيم عداد المياه أو الكهرباء احتجاجاً وغضباً، لكن الحكومة لم تحاسب نفسها على سياسات اقتصادية أفقرت البلاد والعباد، إلى أن وصلنا إلى مرحلة “يستدين” في مواطنون ثمن الخبز.
تقوم إدارة جامعة ما بملاحقة مواطن وتحويله للمدعي العام على خلفية انتقاده على شبكات التواصل الاجتماعي، قرارها برفع الرسوم الجامعية، ولكن الحكومة لم تقم بمساءلة إدارة الجامعة عن حجم الأضرار الناتجة عن هكذا قرار وما سيؤدي إليه من حرمان للفقراء من الحق في الدراسة.
يقوم رجل أعمال أو نائب بتقديم شكوى بحق مواطن وتحويله للمدعي العام، لأنه انتقد أداءه أو تساءل عن مصدر أمواله، ولكن الحكومة لم تسأل نفسها لماذا لم تفتح ملفات الفساد؟ ومن يعيق إقرار قانون “من أين لك هذا؟”، ومن وضع قانون الانتخابات الذي أوصل نواباً ليرفعوا قضايا على ناخبيهم؟!
تحولت مواد هذين قانوني منع الإرهاب والجرائم الإلكترونية إلى فزاعة لتكتيم الأفواه وقمع أي صوت معارض تمهيداً لقرارات اقتصادية تعلم الحكومة حجم قساوتها وصعوبة مرورها مرور الكرام، ولتسهيل تسويق “صفقة القرن” التي يحملها ترامب إلى المنطقة، والتي يبدو أنها ستكون على حساب الأردن وفلسطين، والرابح الأوحد فيها هو الكيان الصهيوني.