هذا هو المشهد… فلماذا تصمتون!!
السياقُ الذي تم بموجبه منع محافظ العاصمة إقامة فعالية سياسية لاحياء ذكرى استشهاد الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى الذي اغتالته عصابات الكيان الصهيوني داخل مكتبه بصاروخ موجه، لم يكن طبيعيا، وجاءت نتيجة حملة تحريض وكراهية غير مسبوقة ولم تكن يوما حاضرة ضمن قاموسنا السياسي والاخلاقي، تم بموجبها السماح لمثل اولئك بنبش ماض من السواد اتفق الجميع على طي صفحته.
الفعالية الممنوعة سبق ان تمت اقامتها اكثر من 10 مرات في اعوام سابقة، ومن كان يعتزم إحياءها هو حزب الوحدة الشعبية، وهو حزب مرخص وقانوني، ويسمح له قانون الاحزاب باقامة مثل تلك الفعاليات السياسية، والرجل الذي يراد احياء ذكراه استشهد على يد عصابات الكيان الصهيوني الغاصب، وقد ابرق جلالة الملك عبدالله الثاني للرئيس الفلسطيني آنذاك ياسر عرفات معزيا، كما استنكر عملية الاغتيال وزير الاعلام وقت ذاك صالح القلاب.
اذا لماذا تجري عملية المنع وما الذي تبدل؟!!
الواضح والأكيد ان منع الفعالية خلق جملة من الاسئلة لا جواب واضحا عنها؛ أولها، كيف كانت تتم تلك الفعالية سابقا؟ وكيف كان يسمح محافظون سابقون لمثل تلك الفعالية بأن تتم؟ وهل أولئك كانوا يتغاضون عن تطبيق القانون والمحافظ الحالي نفذه؟!، وثانيها، لماذا سمحنا لأولئك الناعقين بإقليمية بغيضة بزرع بذور فتنة انقضت واستحضروها لتفتيت عضد وحدتنا الوطنية التي تعلن الدولة تصريحا رفضها لمن يبث الفرقة بين الناس، فيما لم نلمس تحركا حكوميا واقعيا لكبح جماح اولئك الباثين لخطاب كراهية وتحريض، اذ كان الأجدر بالحكومة قبل الذهاب لمنع الفعالية محاسبة اولئك الذين استحضروا فتنا نحن في غنى عنها حاضرا، ومحاسبتهم لبثهم خطاب كراهية.
تألمت من طريقة منع الفعالية، فهذا الشكل من المنع بات يتكرر بشكل دائم، وترك الناس يكتبون ما يشاءون عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون وقفهم، بات يؤثر علينا وعلى اجيالنا المقبلة، وهنا نستحضر التحريض الذي تعرض له الشهيد ناهض حتر عبر مواقع التواصل الاجتماعي والذي سكتنا عنه، حتى أدى الامر في النهاية لاغتياله.
فمن يقرأ ما كتب خلال أيام العيد عن الشهيد أبو علي مصطفى، ووصفه من قبل بعض التائهين بالارهابي، يجعلنا نضع ايدينا على قلوبنا من أن تصل عملية الخلط التي يريدها الغرب والكيان الصهيوني بين الارهابي والمقاوم الى شهداء دفعوا حياتهم في مقاومة الاحتلال وجرى اغتيالهم على يد صهاينة، فأبو علي مصطفى ليس شبيها للزرقاوي ولن يكون، فالشهيد مقاوم للكيان الصهيوني، واغتاله الكيان لانه قاوم واستشهد، ولن تكون المقاومة فعلا ارهابيا كما يريده الغرب، ويريده اولئك التائهون، والكلام عن دور للشهيد في فتنة جرت قبل 50 عاما بات إرثا من ماضي توافقنا جميعا على طي صفحته، ولا يجوز ترك اولئك يهرطقون بما لايعرفون.
كان الأجدر بالحكومة تقديم اولئك المهرطقين الذين لايريدون لمجتمعنا ان يكون متسامحا للقضاء، وان تحاسبهم عما كتبوا باعتبارهم ينخرون في عظم وحدتنا الوطنية، ومحاسبة كل من هم على شاكلتهم من مثيري فتن واقليمية بغيضة.
وسكوت الدولة عن اولئك والأخذ بخاطرهم احيانا لا يعزز قيم الدولة المدنية، وهي الدولة التي أساسها المواطنة وسيادة دولة القانون والمؤسسات وتكافؤ الفرض.