التمثيل النسبي في النقابات المهنية: رغبة حكومية أم إرادة هيئات عامة
في لقائه مع النقابات المهنية والعمالية، بهدف شرح الإنجازات الحكومية لحزمة “مشاريع القوانين الإصلاحية”، طرح رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور على النقباء تطبيق فكرة التمثيل النسبي في انتخابات النقابات المهنية أسوة بمشروع قانون انتخاب البرلمان. هذا الطرح أربك النقباء الذين لم يتوقعوا أن يقوم الرئيس بطرح هكذا فكرة دون سابق إنذار.
الدكتور فؤاد حبش العضو السابق لمجلس نقابة الصيادلة ومسؤول دائرة العمل المهني في حزب الوحدة الشعبية، يشير إلى أن النقابات المهنية تحكمها أنظمة وقوانين تقرها هيئاتها العامة، فحتى قانون التمثيل النسبي الذي نحن نسعى إليه، بحاجة إلى تعديل بالقانون وبحاجة إلى موافقة الهيئة العامة على هذا التعديل قبل أن يشرّع.
ويتفق الدكتور فايز الخلايلة أمين عام مجمع النقابات المهنية ومسؤول المكتب المهني لحزب البعث الإشتراكي، مع ما ذهب إليه حبش، حيث يرى أن أية تعديلات على قوانين النقابات يجب أن تنبثق من هيئاتها العامة وهذا ما ينص عليه قانون النقابات، فلا يجوز للحكومة أن تتدخل، مؤكداً أن أي تعديل على قوانين النقابات يجب أن ينبثق من النقابات نفسها.
فيما يعتبر الناشط النقابي ميسرة ملص، النسبية مفتاحاً للمشاركة الواسعة للأطياف الفاعلة في النقابات في مجالسها المختلفة، سواء المجلس النقابي أو مجالس الشعب أو الفروع. ويضيف أنها تزيد الخبرات وتعزز التنوع وبذل الجهود من جميع الفاعلين، حيث يشعرون أنهم جزء من القرار، وبالتالي يبذلون جهوداً مضاعفة لإنجاح قرارهم.
وفي رده على استفسار نداء الوطن حول الخشية من أن يكون طرح النسور مقدمة لفرض قانون حكومي على النقابات المهنية، أكد حبش على أن ما قدمه الرئيس نسور هو مجرد اقتراح، والأمر برمته يعود للنقابات التي من حقها الأخذ به أو رفضه. فيما أكد الخلايلة لنداء الوطن أن التدخل الحكومي بأي حال من الأحوال لن يكون تدخلاً إيجابياً وبتجارب سابقة، عندما تقرر النقابات أي تعديل على مادة وليس قانون وطرحه على الحكومة، الحكومة تتدخل في باقي القوانين والمواد وترسلها لمجلس النواب الذي بدوره يتدخل مرة أخرى وهكذا.
فيما يعتبر ملص حديث رئيس الوزراء تدخلاً مرفوضاً جملةً وتفصيلاً، مشيراً إلى ما ذهب إليه كل من حبش والخلايلة من أن الأمر أصلاً من صلاحيات الهيئات العامة للنقابات، ولا شأن للحكومة فيها، وهذه النقابات جاءت بقوانين خاصة، وضمن هذه القوانين، تحدد طريقة تعديلها.
وفي مقال له في صحيفة الغد يشير الكاتب محمد سويدان المتخصص بالشأن النقابي، إلى أن هناك من يعتقد أن بعض القوى النقابية والحزبية، وخصوصاً الإسلامية منها التي تسيطر على نقابتي المهندسين والمهندسين الزراعيين، ترفض التمثيل النسبي، من منطلق أنها تعتبره محاولة لتحجيم دورها، وتخفيض حضورها وسيطرتها المطلقة في هذه المجالس النقابية. ولذلك، فإنها تعارضه. لكن رفض التمثيل النسبي لن يصمد طويلاً، فهذا النظام الانتخابي، مهما كانت الذرائع لرفضه، سيساهم في تفعيل العمل النقابي على كل المستويات ومنها الوطني والعام والمهني.
الأمر ذاته أكده الرفيق حبش، الذي أشار إلى أن التمثيل النسبي مطلب قديم من عدة اتجاهات نقابية، لأنها ترى في مبدأ التمثيل النسبي عدالة أكبر في التوزيع وبشكل أكثر ديمقراطية، وبالتالي، فإن النسبية لا تسمح بالهيمنة من قبل اتجاه على اتجاهات أخرى. ويلفت إلى أنه من غير المعقول أن قائمة تحصل على 55% من الأصوات تسيطر على النقابة بالكامل وتحرم قائمة أخرى حصلت على 45% من الأصوات من ممارسة حقها والمشاركة في القرار. إلا أن الدكتور الخلايلة ينبه إلى صعوبة تطبيق قانون التمثيل النسبي على كافة النقابات، مشيراً إلى أن عوامل كثيرة تلعب دوراً في نجاح هذه التجربة من فشلها، من ناحية عدد منتسبيها، ومن حيث طبيعة المهنة.
في الختام، يختلف النقابيون في موقفهم من تطبيق التمثيل النسبي، لكنهم متفقون على رفض أي تدخل حكومي في شؤون يعتبرونها نقابية ولا يحق لأي جهة إسقاطها عليهم ويؤكدون أن الحكم في هذه الأمور هي الهيئات العامة للنقابات وليس أي جهة أخرى.