ذبحتونا: امتحان الكفاءة يكشف فشل خطط واستراتيجيات التعليم العالي
**لم تستطع أي من الجامعات الرسمية والخاصة الوصول إلى نسبة النجاح في اختبارات الكليات العلمية **رسوب أكثر من نصف الجامعات الرسمية والخاصة في امتحان الكفاءة للمستوى العام
**تراجع كبير في نتائج الجامعات الرسمية التي كانت تحصد معظم المراتب الأولى على حساب الجامعات الخاصة في كافة التخصصات وبخاصة العلمية منها
**غياب الجامعة الأردنية “الجامعة الأم” عن المراتب الأولى في كافة اختبارات الكفاءة المتوسطة
**كلية الإعلام في جامعة اليرموك احتلت المرتبة الأخيرة على مستوى الجامعات الرسمية والخاصة
** إعادة النظر في استراتيجيات التعليم العالي التي أدت إلى تدهور مخرجات التعليم وإلى النتائج الكارثية
أكدت الحملة الوطنية من اجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” أن نتائج امتحان الكفاءة التي أعلنتها هيئة الاعتماد قبل عدة أيام تثبت مرة أخرى حجم التدني والتراجع في مخرجات التعليم الجامعي وخاصة في الجامعات الرسمية.
فقد أظهرت نتائج الامتحان وجود تقارب في نتائج الجامعات الخاصة والرسمية بعكس ما كان عليه الحال في الامتحانات السابقة حيث كانت تحظى الجامعات الرسمية بالمراكز الأولى. وأشارت الحملة إلى أن التدقيق في أرقام هذه النتائج تثبت بأن التقارب في النتائج بين الجامعات الخاصة والرسمية لا يعود لارتفاع مستوى الجامعات الخاصة وإنما لانخفاض مستوى الجامعات الرسمية.
ورسبت أكثر من نصف الجامعات الرسمية والخاصة في امتحان الكفاءة للمستوى العام ولم تتجاوز حاجز ال45% في الامتحان، فيما لم تستطع أي من الجامعات الرسمية والخاصة الوصول إلى نسبة النجاح في اختبارات الكليات العلمية ( الهندسة ، العلوم الطبيعية والعلوم الزراعية والحاسوب وتكنولوجيا المعلومات) حيث لم تتجاوز الجامعة التي حصدت المرتبة الأولى في اختبار نسبة الاتقان للمستوى المتوسط لبرنامج الهندسة (جامعة الأميرة سمية ) نسبة ال41% وهي أقل من نسبة النجاح بأربعة نقاط.
الأمر نفسه ينطبق على برنامج العلوم الطبيعية (الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات وعلوم الأرض) حيث احتلت جامعة البتراء المرتبة الأولى وبنسبة 40% وبنسبة أقل بخمس نقاط عن الحد الأدنى للنجاح. فيما كانت المرتبة الأولى في برنامج العلوم الزراعية لجامعة العلوم والتكنولوجيا بنسبة 41% وهي أيضاً أقل من الحد الأدنى للنجاح بأربعة نقاط.
وتالياً أهم ملاحظات الحملة حول نتائج التقرير:
1_ امتحان الكفاءة لهذا العام تميز عن كافة الامتحانات السابقة بكونه إجباري لكافة الطلبة المتوقع تخرجهم، وبآلية تقييم تختلف عن لالتقييم الذي كان متبعاً في امتحانات الكفاءة سابقاً، حيث اتسمت هذه الآلية بقدرة أكبر على تقييم مستوى الطالب والجامعة، وتم تقسيم هذا التقييم إلى ثلاثة مستويات: العام (macro) والمتوسط (med) والدقيق (micro). وعلى الرغم من عدم عقد المستوى الثالث (micro) إلا أن نتائج الامتحان العام والمتوسط يمكن البناء عليها فيما يتعلق بمخرجات التعليم.
2_ بلغت النسبة العامة لامتحان اتقان المستوى العام لكافة الجامعات الرسمية والخاصة 44% وهي أقل من نسبة النجاح المحددة من قبل هيئة الاعتماد (45%).
3_ جاءت نتيجة امتحان المستوى العام صادمة وبخاصة فيما يتعلق مهارات التواصل الشفوي والمكتوب، حيث بلغت 21.88 %، وفي مهارات التفكير المنطقي 24.66 %.
خطورة هذه النتائج تأتي كون هذه المهارات تعكس الثقافة التي اكتسبها الطالب خلال السنوات التي قضاها في الجامعة والناتجة عن دراسة المواد العامة وتقديم الأبحاث إضافة إلى النشاطات اللامنهجية التي يشارك بها الطلبة، والتدني الكبير فيها على مستوى الجامعات الأردنية جميعها دون استثناء يضع علامة استفهام كبيرة حول جدية إدارات الجامعات في التعاطي مع هذه الملفات.
4_ وفقاً لهيئة الاعتماد ونتائج امتحان الكفاءة، لوحظ عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية في نسب إتقان النتاجات والكفايات والمهارات الكلية لامتحان الكفاءة/ المستوى العام، ويعزى ذلك لمتغير نوع الجامعة (رسمية، خاصة). وهو ما يشير إلى تراجع كبير في نتائج الجامعات الرسمية حيث كانت هذه الجامعات تحصد معظم المراتب الأولى على حساب الجامعات الخاصة في كافة التخصصات وبخاصة العلمية منها منذ البدء في امتحان الكفاءة في عام 2006.
5_ على صعيد نسب الإتقان بامتحان الكفاءة المتوسط ، لم تستطع أي من الجامعات الرسمية والخاصة الوصول إلى نسبة القطع (النجاح) المحددة ب 45% في البرامج العلمية (العلوم الطبيعية والهندسة والعلوم الزراعية والحاسوب وتكنولوجيا المعلومات). وهذه النتيجة الصادمة تشير إلى ضعف الخطط الدراسية وازدحام قاعات التدريس والمختبرات ما يجعل من الصعوبة على المدرس إيصال المعلومة إلى الطلبة بالطريقة المناسبة.
6_ على الرغم من أن معظم المقبولين في الجامعات الرسمية الرئيسية (الأردنية، العلوم والتكنولوجيا، اليرموك والهاشمية) هم من الطلبة الحاصلين على أعلى العلامات في التوجيهي(أي أن مدخلات هذه الجامعات هي الأفضل)، إلا أن هذا لم ينعكس إيجاباً على نتائج هذه الجامعات في امتحان الكفاءة (مخرجات التعليم فيها) حيث كانت نتائجهم متدنية وأقل من نسبة النجاح في كافة التخصصات العلمية، كما أن العديد من الجامعات الخاصة استطاعت التفوق على هذه الجامعات الرسمية في امتحان الكفاءة لهذا العام.
7_ كان لافتاً حصول جامعة الأميرة سمية وجامعة “الأونروا” على المراتب الأولى في المستوى العام وهما الجامعتان غير الربحيتين ما يؤكد على أن سياسة التعليم العالي “الربحية” سواء على صعيد الجامعات الرسمية أو الخاصة تلعب الدور الرئيسي في مستوى مخرجات التعليم.
8_ غياب الجامعة الأردنية “الجامعة الأم” عن المراتب الأولى في كافة اختبارات الكفاءة المتوسطة وتراجعها للمرتبة السابعة على المستوى العام يدلل على أن سياسات الجامعة على صعيد التوسع في القبول على البرنامج الموازي والارتفاع الكبير في أعداد طلبة الجامعة (عدد طلبة الجامعة بلغ العام الماضي 42 ألف طالب وطالبة) دون وجود بنية تحتية وطاقم أكاديمي قادر على استيعاب هذه الأعداد، هذه السياسات تلعب دوراً كبيراً في تراجع مستوى الجامعة وخفض مخرجات التعليم فيها. وذلك على الرغم من أن الجامعة الأردنية تضم الطلبة الحاصلين على أعلى المعدلات في التوجيهي.
9_ أظهرت نتائج امتحان الكفاءة في برنامج الإعلام تراجعاً كبيراً في مرتبة كلية الإعلام في جامعة اليرموك حيث احتلت هذه ا لجامعة المرتبة الأخيرة على مستوى الجامعات الرسمية والخاصة وذلك على الرغم من أن كلية الإعلام في جامعة اليرموك هي الأقدم بين الجامعات، كما أنها خرجت أعداداً كبيرة من الصحفيين والإعلاميين الذين يشغلون اليوم مناصب مهمة سواء داخل الوطن أو خارجه.
إن هذه النتائج تؤكد مرة أخرى بأن سياسات التعليم العالي في الخمسة عشر عاماً الأخيرة لم تؤدي إلا إلى المزيد من التدهور في مخرجات التعليم العالي. وأشارت الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” إلى أن تحذيراتها المستمرة من خطورة هذه السياسات لم تلق آذاناً صاغية من الجهات الرسمية الأمر الذي أدى لوصولنا إلى هذه النتائج الكارثية على مستوى جامعاتنا الرسمية والخاصة.
إننا في الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” نعيد التأكيد على مطالبنا التي نرى أنها ستسهم بشكل كبير في رفع سوية التعليم الجامعي والارتقاء بمخرجاته:
1_ إعادة النظر في كافة سياسات واستراتيجيات التعليم العالي التي أدت إلى تدهور مخرجات التعليم ووصولنا إلى هذه النتائج الكارثية.
2_إعادة النظر في أسس القبول الجامعي.
3_ العمل على إخضاع الجامعات الرسمية لأسس الاعتماد العام والخاص بالتوازي مع زيادة الدعم لحكومي لهذه الجامعات، بحيث يتناسب عدد الطلبة مع حجم إمكانات الجامعة من حيث البنية التحتية والتجهيزات المخبرية والطاقم التدريسي.
4_ الخفض التدريجي في أعداد المقبولين على البرنامج الموازي على مدى خمس سنوات لتصبح 10% من مجموع المقبولين في الجامعات كحد أقصى.
5_ زيادة الدعم الحكومي للجامعات الرسمية بالتوازي مع وجود رقابة مالية على هذه الجامعات لضبط الفساد المالي والإداري.
6_ وضع حد أدنى لرواتب الأكاديميين في الجامعات الخاصة وإعادة النظر في رواتب نظرائهم في الجامعات الرسمية وذلك لوقف هجرة الخبرات الأكاديمية.
7_ وقفف كافة سياسات رفع الرسوم الجامعية سواء على صعيد الموازي أو التنافس، حيث لعب هذا الرفع الدور الأكبر في خفض مخرجات التعليم وحرمان الكفأ دراسياً من الحصول على مقعد لحساب الأقدر مالياً.
8_ إعادة النظر بقانون الجامعات بما يمنع تدخل أصحاب هذه الجامعات بالأمور الأكاديمية لهذه الجامعات وبما يخضع موازناتها لرقابة مباشرة من مجلس التعليم العالي.
9_ إعادة النظر بالمواد الحرة التي يدرسها الطالب (متطلبات الجامعة) بما يعزز التواصل الاجتماعي والقدرة على التعبير عن الذات والتفكير المنطقي (انظر نتائج امتحان المستوى العام).
10_ وضع الانضمام إلى أحد الأندية الطلابية لمدة عام واحد على الأقل والمشاركة بثلاثة أعمال تطوعية كحد أدنى شرط لتخرج أي طالب وذلك كي يسهم في تعزيز مهارات الاتصال لدى الطلبة.
في الختام تؤكد الحملة الوطنية من اجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” على تقديرها لجهود هيئة الاعتماد في الخروج بامتحان كفاءة يعكس حقيقة مستوى الطلبة وهو مغاير للامتحانات السابقة، حيث أظهرت نتائج إحدى الدورات (2007/2008) أن “كافة الجامعات الرسمية والخاصة قد نجحت في الامتحان وأن الجامعات الرسمية تطابق المعايير الدولية من حيث مخرجات التعليم”.
من هنا فإننا نطالب مجلس الوزراء بالعمل على ضمان استمرار هذا الامتحان وتطويره بما يسهم في إعادة النظر بالخطط والآليات للارتقاء بجامعاتنا، وتحذر الحملة من ضغوط المتنفذين وأصحاب رأس المال من الضغط على الحكومة للتلاعب في نتائج امتحان الكفاءة للدورات القادمة.
الحملة الوطنية من اجل حقوق الطلبة “ذبحتونا”
30 كانون ثاني 2015