مقالات

الإستراتيجية الإعلامية بين المضمون والواقع…عبد المجيد دنديس

في مراجعة للإستراتيجية الإعلامية 2011 – 2015 التي أقرتها حكومة الدكتور معروف البخيت، التي كانت حصيلة حوارات موسعة قامت بها الحكومة، حددت الهدف بتعزيز البيئة الموائمة لإيجاد إعلام أردني مستقل ومستنير، والأخذ بعين الأولوية والاعتبار ضرورات الإصلاح الإعلامي، وتنمية هذا القطاع الحيوي وتعريف المفاهيم المتصلة بدوره وجوهر رسالته، ومتطلبات انطلاقه، بما يتواءم مع مشروع الإصلاح السياسي، ويحقق ركيزة أساسية في مسيرة التنمية والإصلاح الشامل.

هذه المراجعة لمضمون الإستراتيجية وربطها بالواقع يكشف حجم المشكلة التي يعاني منها الإعلام وخاصة الإعلام الرسمي الموجه، الذي لم ينفض عن نفسه سيف الرقابة المسبقة، ولم يتحول الى إعلام وطن، ولم يلتفت للأولويات ولم يعكس أي رسالة تحاكي الواقع، ولم يقترب للحظة واحدة من مشروع الإصلاح السياسي، وبقي في إطار إعلام “الفزعة” و “كتاب التدخل السريع” و”الإعلام المرعوب”، الذي استمر في ذات القالب، وانحصرت مهمته فقط بالتطبيل والتزمير للحكومات وسياساتها التي أوصلت البلاد لأزمة حقيقية، بحيث حولته السياسة الحكومية الى جزء أساسي من هذه الأزمة.

وبدل أن يكون التوجه لتطوير مهنية أداء وسائل الإعلام، جهدت الحكومة الحالية وما سبقها من حكومات في البحث عن صيغ ومضامين لإدخال تعديلات على قانون المطبوعات والنشر لمزيد من فرض القيود والحجب والمحددات على وسائل الإعلام، وعملت على زرع الخوف لدى أغلبية من الصحفيين بفرض رقابة ذاتية، وخلق شريحة من الكتاب والإعلاميين مهمتهم التغطية على الفساد، وممارسة الخداع والتضليل، والتحايل على مشاعر الأردنيين والتعامل مع عقولهم باستخفاف.

الأزمة التي يواجهها الإعلام تتمثل أيضاً في الصحافة الورقية اليومية، التي قبلت بأغلبيتها أن تمارس دور البوق للحكومات على حساب استقلاليتها ومهنيتها، وغيبت بالكامل الرأي الآخر المعارض، والديون المتراكمة التي تعاني منها الآن بسبب السياسات الخاطئة التي تتحمل مسؤوليتها الإدارات التي تعاقبت على الصحف، ولن تنفعها الآن سياسة الاستجداء من الحكومة لإنقاذها من السقوط.

حال المواقع الالكترونية والتي تعرض عدد كبير منها للحجب بموجب القانون الجديد؛ حالها لا يختلف كثيراً، مع استثناءات لبعض المواقع والصحفيين الذين يحاولون ايجاد مساحة من الحرية الإعلامية بعيداً عن سيف الرقابة، وعكس صورة تختلف عن الصورة النمطية للإعلام في ذهن المواطنين.

تغييب مشروع الإصلاح واستمرار ذات السياسات الحكومية هو السبب بكل الأزمات التي نعاني منها، ولن نتقدم خطوة واحدة بدون الشروع الجدي بعملية الإصلاح السياسي والاقتصادي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى