تزايد القلق من تراجع احتياطات النقد الأجنبي
في تقرير حول الاحتياطيات النقدية الأجنبية المنشور على موقع البنك المركزي الأردني أن احتياطي النقد الأجنبي حتى نهاية آب الماضي بلغ (12.667) مليار دولار مقارنة مع (15.240) مليار دولار في نفس الفترة من عام (2015)، وقد أظهر تقرير رسمي أيضاً بتاريخ 20/3/2017 أن نسبة تراجع احتياطات النقد الأجنبي الأردني بلغت (16.9%) في شهر آب الماضي.ومنذ مطلع العام الجاري تراجع احتياطي النقد الأجنبي بنسبة (10.5%) وهذا حسب مصادر إعلامية يكفي لــــ (7 شهور) استيراد للسلع والخدمات مع الإشارة أن المتوسط الدولي للواردات هو (6) شهور، فيما المعايير العالمية المعتمدة من صندوق النقد الدولي يشير بأن المعدل بالنسبة للعملات الأجنبية يكون معتدلاً في حال تغطيته واردات الدولة من السلع والخدمات هو (3) شهور. ومن المفيد الإشارة إلى أن احتياطيات النقد الأجنبي تكون في صعود وهبوط ارتباطاً بعدة عوامل أهمها حوالات المغتربين والدخل السياحي إضافة إلى انحسار حجم التدفقات للاستثمار الأجنبي المباشر، فإذا ما أصيبت هذه القطاعات بالشلل، لظروف سياسة خارجية أو داخلية أو لظروف اقتصادية، فإن المتوفر من العملات الأجنبية سرعان ما يستنزف، وتنكشف خزينة الدولة.
ففي نهاية عام (2013) انخفض الاحتياطي النقدي بحيث وصل إلى (12) مليار دولار مما اضطر الأردن إلى طلب منح ومساعدات خليجية، وهذه ساعدت في رفع نسبة الاحتياطي النقدي إلى (17%) نهاية عام (2014) بحيث وصل حجم الاحتياطي النقدي إلى (14.07) مليار دولار.
وللعلم فإن احتياطي النقد الأجنبي هو عبارة عن ودائع وسندات من العملة الأجنبية دون احتساب احتياطي الذهب ومعظمها مقدرة بالدولار. ومن هنا يرى بعض الاقتصاديين أن البلد المدين يستطيع بيع احتياطي الذهب أو جزء منه لسداد الديون المتراكمة والتخلص من أعباء هذه الديون.
أما إذا ظل الأردن يراهن على المساعدات والمنح الخارجية، وكذلك تحسين في مردود السياحة وتحويلات المغتربين، فالمؤشرات لا تخدم هذه المراهنة. فالقطاع السياحي لأسباب تتعلق بإدارة جذب السياح عانى من انخفاض في الدخل حوالي (1.2%) خلال الــــ (9) شهور من عام (2016) أما تحويلات المغتربين فقد تراجعت بنسبة (2.4%) عام (2015) وارتفعت نسبة التراجع إلى (2.7%) عام (2016).
وعلى صعيد الوضع الاقتصادي، فإن العوامل التي ساهمت وما تزال بالتراجع الاقتصادي خلال الأعوام الماضية، مستمرة وتزداد تفاقماً ومن أبرز هذه العوامل، انخفاض المساعدات الخارجية، وإغلاق الحدود مع سوريا والعراق، مما يعمق من الاختلال في الميزان التجاري وبالتالي الحساب الجاري، كما أشارت مصادر إلى فقدان الأمل بمنحة خليجية أخرى، الأمر الذي سيضغط على القطاع الضاعي ويسبب انخفاضاً في حجم الإنتاج، وبقاء مشاريع حيوية واستراتيجية دون استكمال وترحيلها إلى سنوات قادمة كما أشارت بنود الموازنة العامة لهذا العام.
إذن، فإن الانخفاض المستمر في حجم الاحتياطي من العملات الأجنبية إنما يتسبب في زيادة الضغط على الدينار ويثير عدم الثقة به مما يهدد سعر صرفه وبالتالي سيضطر الأردن إما إلى تعويم عملته، أو خفض سعر صرفها، كما حصل في أزمة عام (1986) عندما فقد الدينار أكثر من (40%) من قيمته، واضطر الأردن منذ ذلك الوقت إلى اللجوء لصندوق النقد والبنك الدوليين وما زال يرزح تحت شروطهما التي تسببت بكل هذه المشاكل الاقتصادية وزادت المديونية بحيث وصلت العام الماضي إلى حوالي (35) مليار دينار ويتوقع أن تصل مع نهاية العام الجاري إلى (42.2) مليار دينار وهو ما تفوق نسبته الـــــ (95%) من الناتج المحلي الاجمالي.