مقالات

الأردن بين تحالفين…نداؤنا

 

وسط ظروف بالغة التعقيد والأخطار التي تتعرض لها أمتنا العربية جراء المخططات والمشاريع الإمبريالية الرامية إلى استنزاف طاقات دولها وتفكيكها وصولاً إلى تقسيمها، وسط هذه الظروف، وخلال مدة ستة أشهر دخل الأردن في تحالفين عسكريين؛ أحدهما دولي، والآخر عربي إقليمي.

شاركت الأردن في التحالف الدولي بالرغم من كلفته السياسية والعسكرية تحت شعار (محاربة الإرهاب)، وبرغم وجود اتجاه شعبي واسع يعارض هذه المشاركة ويرى فيها توريطاً للأردن في حرب ليست حربه، ويرى هذا الاتجاه الشعبي أن مواجهة الإرهاب والتطرف لا تتم من خلال الدخول في محاور إقليمية ودولية أهدافها غير واضحة بقدر ما تتم هذه المواجهة من خلال تعزيز البناء الداخلي والتلاحم الوطني والارتقاء بدور الدولة التنموي والديمقراطي وحماية حدودنا والتحرر من كل أشكال التبعية.

إذا كان البعض يرى في مشاركة الأردن في هذه الحرب له ما يبرره، فإن المشاركة الأردنية في الحلف العربي الأخير، وبقيادة السعودية، ضد اليمن الشقيق، ليس له ما يبرره إطلاقاً. والحديث عن تنامي دور الحوثيين في اليمن، باتت مقولةً سخيفة لأن هؤلاء الحوثيون هم جزء لا يتجزأ من الشعب اليمني وليسوا وافدين عليه.

إن مجريات الحرب الظالمة التي يقوم بها التحالف والتدمير الممنهج لمؤسسات الدولة اليمنية، يضع الناس في صدمة كبيرة أمام ما يتم ارتكابه بحق شعب فقير ومعدم يكابد للعيش بسلام.

فاليمن الذي يتم قصفه وتدميره، لم يشكل ولا يشكل أي نوع من التهديد العسكري على جواره، هذا البلد الذي يعيش صراعات سياسية منذ زمن ودور الدولة فيه ضعيف، لا يشكل بالمعنى العسكري أي مساس بأمن واستقرار دول الجوار، وكان حريّاً بدول جواره وبدلاً من إرسالهم للطائرات لتدميره، أن يمدوا يد العون للمساعدة ودفع الأطراف اليمنية المتصارعة للحوار وتشجيعهم على حل مشكلاتهم سلمياً.

إن المشاركة في ضرب شعب عربي تحت ذريعة وجود صراعات داخلية بين مكوناته، مسألة عدا عن أنها مستهجنة ومرفوضة، فإنها تشكل سابقةً خطيرة وتؤسس لسياسات مدمرة في العلاقات العربية _ العربية.

إننا نعتقد أن الواجب كان يقتضي بدل الانخراط المباشر في هذا المحور، العمل على البحث عن مقاربة وطنية بمشاركة شعبية واسعة ووفق آليات ديمقراطية لبلورة موقف مشترك تجاه ما تواجهه أمتنا العربية من نزاعات وأزمات داخلية.

لكن لأن قوى الشد العكسي والتي تصر على التهرب من استحقاق الإصلاح وتصر على الاستفراد بإدارة شؤون البلاد منفردةً، قادها ذلك إلى الارتهان إلى محور إقليمي لم يحدد مآل الحرب ولا الأهداف النهائية. ولم نفهم بعد عن المصلحة الوطنية الأردنية من المشاركة في مثل هكذا محاور.

إننا نعتقد أن الابتعاد عن المحاور هو المنهج السليم لحماية الأردن من الانعكاسات الضارة والخطيرة لهذه الحرب، ونرى أن مواجهة التدخل الخارجي تتأتى من خلال النهوض بمجتمعاتنا على أسس ديمقراطية متحررين من كل أشكال التبعية. 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى