الخضرا والقضاة وال15% / مقال فاخر دعاس
تشهد أروقة التعليم العالي صراعاً مريراً وصل حد تكسير العظام بين أعضاء مجلس التعليم العالي “المُقالين” من جهة ووزير التعليم العالي وبعض أعضاء المجلس “غير المقالين” من جهة أخرى، وكان العنوان الأبرز لهذا الصراع هو قرار المجلس برفع معدلات القبول في الجامعات الرسمية والخاصة. وتحول هذا الصراع الأكاديمي –افتراضاً- إلى صراع سياسي بين أركان السلطة الحاكمة. فاعتبر البيروقراط أن توجهات الوزير محاولة جديدة لتقليص نفوذهم والامتيازات التي يتمتعون فيها، فيما رأى الليبراليون في توجهات الوزير فرصة سانحة لإعادة الاعتبار لأجندتهم التي تم وضعها في الدرج بعيد اندلاع شرارة الحراك في كانون ثاني من عام 2011.
استمر الصراع بين الطرفين في اجتماعات مجلس التعليم العالي إلى أن اتخذ الوزير قراراً بإقصاء معارضيه -أو بشكل أدق معارضي توجهاته-،فيما واصل تجلياته في مجلس النواب إلى أن قام رئيس الوزراء باستخدام حنكته وذكائه فأصدر تصريحاً يعلن فيه أن قرار رفع معدلات القبول هو قرار سياسي ولا يملك مجلس التعليم العالي حق اتخاذه دون العودة لمجلس الوزراء، مضيفاً أنه بانتظار نتائج لتوجيهي لحسم ملف رفع معدلات القبول. ما يعني تأجيل الأزمة لشهر على أقل تقدير.
حملة ذبحتونا أخذت قراراً بعدم الانجرار إلى صراع مراكز القوى داخل الحلف الطبقي الحاكم، وأن يكون رهانها دائماً على الطالب والمواطن الذي يدعم ويساند الحملة في نضالاتها لمواجهة سياسات التعليم العالي. لذلك اكتفت ذبحتونا بإصدار بيان تؤكد فيه على ترحيبها بقرار رفع معدلات القبول لما سيكون له من أثر إيجابي على مدخلات التعليم العالي ومخرجاته.
التزام الحملة الانحياز للطالب وعدم الانجرار لهكذا صراع لا يعني السكوت عن مغالطات يقوم البعض بتمريرها وتضرب مصداقية ما تطرحه ذبحتونا، ولذلك أجد لزاماً علي الرد على هذه الطروحات والتي كان آخرها مقالاً للأستاذ الدكتور عبدالكريم القضاة عضو مجلس التعليم العالي السابق والنائب السابق لرئيس الجامعة الأردنية، الذي طرح أن مجموع المقبولين على البرنامج العادي بالاستثناء لا يتجاوز ال15% وأن ما تم طرحه من أن نسبة الاستثناءات تتجاوز ال70% هو غير موضوعي مؤكداً على أن الموازي ليس استثناءً وأن لا أحد يستطيع معرفة نسبة الاستثناءات في القبول الجامعي!!!!
تأكيد الدكتور عبدالكريم القضاة أن نسبة الاستثناءات لا تتجاوز ال15% من القبول الموحد ليس ناتجاً عن دراسة علمية لنتائج القبول الموحد وإنما هو استناد لتصريح في شهر 10/2014 أدلى به الدكتور أمين محمود –وزير التعليم العالي آنذاك-، وقامت ذبحتونا بتقديم دراسة تدحض هذا الرقم بالمطلق، حيث استقت الحملة أرقامها من القرص المدمج للقبول الموحد الذي تقوم الوزارة بتوزيعه على الإعلام. وتالياً أهم ما جاء بالدراسة حول نسبة المقوبلين على الاستثناءات:
بلغ عدد الطلبة المقبولين على التنافس للعام الدراسي 2014/2015 (15406) طالب وطالبة من ضمنهم 5% توجيهي سابق ( 770 طالب) و 5% توجيهي غير أردني (770 طالب)، أي أن طلبة التنافس من حملة التوجيهي لهذا العام لا يتعدون ال13866 طالب وطالبة.
فيما تجاوز عدد طلبة مكرمة الجيش ال6072 طالب وطالبة وبنسبة وصلت إلى 24.8%، حصل منهم على مقعد استثنائي 4578 يمثلون نسبة 18.3% من المقبولين ، فيما حصل الباقي (1494) طالب وطالبة على مقعد تنافسي.
كما حصل 2294 طالب وطالبة على مقاعد من خلال مكرمة المعلمين، حيث وصل عدد من حصلوا منهم على المقعد بالتنافس 1792 يشكلون نسبة 7.4%، فيما حصل الباقي (502) على مقعد استثنائي ويشكلون نسبة 2%.
وتوزعت باقي مقاعد القبول الموحد وفق التالي: 115 مقعد لذوي الإعاقة، 303 مقعد مكرمة مخيمات، 173 أوائل محافظات، 37 أول لواء، 51 اول مدرسة.
وإذا ما حذفنا طلبة المكارم الحاصلين عل ىمقاعد تنافسية، فإن مجموع الطلبة الحاصلين على مقاعد استثناءً يصبح كالتالي:
4578 (استثناء مكرمة الجيش مخصوماً منهم الحاصلين على مقاعد تنافس) + 502 (استثناء مكرمة المعلمين مخصوماً منهم الحاصلين على مقاعد تنافس) + 115 (ذوي الإعاقة) + 173 (أوائل محافظات) + 37 (أول لواء) + 51 (أول مدرسة) = 5456 من أصل 15000 أي بنسبة 35.4% وإذا ما أضفنا مكرمة العشائر والأقل حظاً والتي تبلغ 2760 مقعد، وأبناء المعلمين (530) والتي تشكل 2% من المقبولين، فإن حجم الاستنثاءات ضمن البرنامج العادي سيصبح كالآتي:
4578 (استثناءات مكرمة الجيش) + 502 (استثناءات مكرمة المعلمين) + 115 (لذوي الإعاقة) + 173 (استثناءات أوائل محافظات) + 37 (استثناءات أول لواء) + 51 (استثناءات اول مدرسة) + 2760 (استثناءات العشائر والأقل حظاً) + 530 (استثناءات أبناء عاملين) + 770 (توجيهي سابق) + 770 (توجيهي غير أردني)= 10286 وهي تشكل نسبة تتجاوز ال 38%.
مما سبق يتضح أن ما طرحه أستاذنا الدكتور عبد الكريم القضاة الذي نكن له كل الاحترام ومن قبله حديث وزير التعليم العالي السابق الدكتور أمين محمود لا يمت لواقع الأرقام بصلة، فنسبة الطلبة الذين حصلوا على مقاعد في القبول الموحد ضمن الاستثناءات ليست 15% كما ذكرا وإنما تتجاوز ال38%، فيما لا تتجاوز نسبة التنافس حاجز ال60%، وإذا ما أضفنا طلبة الموازي والدولي فإن نسبة الاستثناءات تقفز ل70%-85% حسب الجامعة والتخصص.
أختم بالتأكيد على أن البيروقراط والكومبرادور والليبراليين والمحافظين يختلفون ويتصارعون في كافة الملفات من أجل الحفاظ على مصالحهم ونفوذهم ولكنهم في النهاية متفقون ومتوافقون على رفع رسوم الجامعات الرسمية، فجيب المواطن هو “الهدف الأسمى” للحلف الطبقي الحاكم بكافة أجنحته.