جنون الأسعار في الأردن إلى متى ؟؟
لم يعد المواطن الأردني قادراً على تحمل أعباء المعيشة، فقد أثقلت الضرائب كاهله، وفتكت أسعار السلع والخدمات وفواتير الكهرباء والمياه والمواصلات والاتصالات ورسوم التعليم وتكاليف العلاج بكل مقومات الحياة للشعب الأردني. لقد تحول الشعب الأردني إلى حقل للتجارب من قبل النظام الحاكم والحكومات التي تتعاقب على إدارة شؤون البلد، وأصبحت كل حكومة يتم تشكيلها في الأردن وفق آلية التشكيل المكررة لا تخجل من الكذب علانية على الشعب ولم يعد يهمّها لا مظاهرات غاضبة، ولا ندوات ومهرجانات احتجاجية، ولا تنديد بسياساتها الفاشلة حالها حال أحد رؤساء الحكومات الأسبق، الذي قال ليصرخ الشعب كما يريد .. أنا أفعل ما أريد.
على ماذا تراهن الحكومة الأردنية؟ والأردن يرزح تحت مديونية ثقيلة تشكل (95%) كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وتعاني الموازنة العامة من عجز يتجاوز الملياري دولار ، والعجز في الميزان التجاري، وميزان المدفوعات في تصاعد، والاستثمارات تهرب إلى أسواق خارج الأردن والبطالة بارتفاع، ومعدلات الفقر أصبحت في مستويات مخيفة!.
قبل إقرار الموازنة العامة لهذا العام، وعدت الحكومة بأنه لن يتم المساس بأسعار حوالي (91) سلعة غذائية، لكن فرضيات الموازنة تقول عكس ذلك، لأنها تشير إلى رفع ضريبة المبيعات، وإلغاء الإعفاءات الضريبية وهذا لا يمس الـ (91) سلعة فقط، وإنما يمس مئات السلع والخدمات، كما وأن رفع أسعار المشتقات النفطية بداية الشهر (25) فلساً، لكل لتر محروقات، جاء ليكذّب وعد الحكومة، وعندما اضطرت الحكومة للإعلان عن موجة جديدة من رفع الأسعار، ولكي يتم تنفيذ إجراءات رفع الأسعار، قامت الحكومة بتسريب أنباء متناقضة، ونشر بالونات اختبار لردود الفعل في الشارع الأردني، حول إمكانية تعديل أسعار السجائر، وخدمة اشتراك الهاتف النقال، والراديو المتنقل والضرائب على المشروبات الغازية، وزيادة رسوم جوازات السفر، ورسوم التصاريح للعمالة الوافدة التي يدفعها صاحب العمل.
ثم وفي غفلة من الشعب، أعلنت الحكومة عن دخول ما أسمتها إجراءات الإصلاح الإداري والاجتماعي والاقتصادي حيز التنفيذ، لقد تم رفع أسعار السجائر مرة ثانية بواقع (5_10) قرش للعلبة الواحدة، وفرض ضريبة بواقع (26%) على خدمة اشتراك الهاتف النقال والراديو المتنقل، ومبلغ (2.6) دينار عن كل خط جديد وفرص ضريبة بواقع (10%) على المشروبات الغازية، واستيفاء مبلغ (400) دينار رسوم تصريح العامل الوافد أو تجديد هذا التصريح كما ارتفعت أسعار الدجاج والبيض والخضار.
هذه الحملة الهوجاء على جيوب المواطنين وخاصة الفقراء وذوي الدخل المحدود، هي كما تعلن الحكومة، أحد مطالب صندوق النقد الدولي رضوخاً لاتفاق تم في حزيران الماضي وينص على توفير (1.5) مليار دينار خلال (2016 _ 2018) وهذا البرنامج يستهدف كما يزعم المحافظة على نسبة إجمالي الدين العام عند مستوى (94%) من الناتج المحلي الإجمالي والعمل على خفض النسبة لتصبح (77%) نهاية عام (2021)، في الوقت الذي تحصل فيه الحكومة على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة (723) مليون دولار وبحيث يتم صرف المبلغ بالنظر إلى نتائج المراجعة الدورية للصندوق أي زيادة حجم المديونية، ولا ندري كيف يمكن تخفيض المديونية والحكومة مستمرة في الاقتراض، وهل بقي شيء في جيوب الأردنيين يمكن سحبه لتخفيض عجز الموازنة؟
لم يعد ثمة إمكانية للصبر وتحمل هذه الضغوط على الجماهير الشعبية فخرجت في شتى أنحاء الأردن المظاهرات والهبّات الشعبية والوقفات الاحتجاجية، وصدرت التنديدات من غالبية الأحزاب والشخصيات السياسية وعدد من النواب ومجلس النقباء والجميع أصبح يطالب برحيل الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني حتى أن السفارة الأمريكية طالبت رعاياها بعدم الاقتراب من المناطق التي تشهد احتجاجات، دليل على تفاقم الوضع، وطالب عدد من الشخصيات بلقاء الملك وإطلاعه على ما يشهده الأردن من مخاطر وإمكانية حدوث انفجار شعبي الأردن في غنى عنه في مثل الظروف التي تمر بها المنطقة. فهل سنشهد إقالة حكومة هاني الملقي -التي أدارت ظهرها للشعب واستسلمت لصندوق النقد الدولي حسب تعبير أحد السياسيين- تحت الضغط الشعبي كما حدث في حكومة سمير الرفاعي عام 2011؟!