كلمة الدكتور سعيد ذياب في مهرجان إحياء الذكرى التاسعة للحكيم 13 شباط 2017
أيها الرفاق والرفيقات.. أيها الحضور الكريم
للمقاومين لحملة البنادق كل التحية، للأسرى الأبطال أولئك الكتيبة المتقدمة في مواجهة العدو تحية الفخار والاعتزاز، للشهداء المجد والخلود.
أيها الحضور الكريم
هذا المهرجان ليس مجرد نوع من الوفاء للقائد المؤسس فحسب، ذلك لأن ذكره وذكراه حية ولم تغب في يوم من الأيام، بل كان هو الحاضر دوماً في كل لقاء وكل مناسبة. لكني أعتقد أن هذا المهرجان يأتي في سياق استحضار ما جسده الحكيم من فكر وممارسة، وفي سياق الإجابة على السؤال، حول إمكانية تجسير الفجوة التي خلّفها غياب الحكيم، وهل نجح رفاق الحكيم في ذلك؟!
أعتقد أن ذلك ممكن، بمقدار فهمنا للحظات النضالية الأبرز التي صبغت مسيرة الحكيم، وبمقدار ما تركه في نفوس رفاقه من عزم وإيمان وتصميم على التمسك بالثورة والأهداف التي ناضل من أجلها.
أيها الرفاق..
الحديث عن الحكيم لا يستقيم بمعزل عن تلّمس ما تركته النكبة من أثر في فكره ووجدانه وهو يشاهد بأم عينيه محنة وطنه يغتصب ويسلب ويشرد شعبه في ظل تآمر دولي وتواطؤ عربي.
لذلك راح الحكيم يبحث عن سبيل المواجهة وكيف له أن يتصدى لمن احتلوا الأرض وشردوا الشعب. أيقن الحكيم أن الثورة لا بديل عنها، فهي التي بمقدورها نقل الجماهير من حالة اللجوء والضياع إلى حالة الثورة والثوار المتمردين على واقعهم الرافضين للمآلات التي راحت القوى المعادية تسويقها عليهم.
لقد بدا واضحاً أن المحطات التي عاشها الحكيم منذ كتائب الفداء العربي وحركة القوميين العرب انتهاءً بالجبهة الشعبية هي مراحل نضالية لم تكن مقطوعة عن بعضها بل أن الحكيم أدرك مبكراً أن النضال من أجل فلسطين يجب وضعه في إطاره القومي. لقد فرضت عليه تلك الرؤية أن يكون صاحب مشروع عربي تقدمي ووحدوي انحاز من أجل تحقيقه إلى الجماهير العربية وإلى رواد النضال القومي في تلك المرحلة، وفي المقدمة منهم، الرئيس جمال عبدالناصر.
الحكيم كان يؤمن إيماناً لا حدود له وثقة كبيرة بالجماهير، وقدرتها على الانتصار وإحداث التغيير، ويؤمن بالممارسة باعتبارها المعيار لمصداقية وصوابية الفكر والانتماء، الأمر الذي دفعه للانحياز للماركسية كنظرية ثورية وباعتبارها فلسفة ممارسة وفلسفة طبقية منحازة.
كان الحكيم لديه قناعة كاملة ومطلقة أن العدو الذي نواجهه عدو استعماري واستيطاني وإحلالي، لا يتعامل معنا إلا بالإلغاء الجسدي أو فرض الاستسلام علينا، الأمر الذي يجعل من إمكانية التعايش معه مستحيلة وينسف رؤية أولئك الذين راهنوا ولا يزالون على إمكانية صناعة سلام مع هذا العدو، وهذا ما يجعل من المقاومة الشرط الضروري للتحرير.
أيها الحضور الكريم..
تأتي هذه الذكرى ونحن نعيش وسط أمواج متلاطمة، تستهدف مركب القضية الفلسطينية ومركب حركة التحرر العربي وقواها المناهضة للمشروع الأمريكي الصهيوني، أمواج ومخططات تستهدف الأقطار العربية وحدتها وهويتها، تستهدف دورها المتصادم مع المشروع الأمريكي، مما يجعل من تماسك قوى الممانعة والمقاومة ضرورة وطنية ويجعل من دعم سورية ووحدتها وسلامة أراضيها جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
أيها الأخوة والأخوات..
بدأ الحكيم مبكراً ورفاقه في حركة القوميين العرب نضالهم في الأردن ضد مشاريع التوطين وضد محاولات إدخال الأردن في الأحلاف الغربية، لذا ليس غريباً وفي هذه المناسبة، أن نتحدث عما تعانيه جماهير الشعب الأردني من فقر وبطالة وارتفاع في الأسعار وتآكل في الأجور واتساع دائرة الحرمان. هذه الحالة هي نتاج سياسة الحكومة المتمثلة بفرض المزيد من الضرائب امتثالاً لطلبات صندوق النقد، وعجز الحكومة عن التفكير بأي حل لهذا الواقع وبأي خيار خارج مربع طلبات صندوق النقد. الأمر الذي يجعل من شعار رحيل الحكومة شعاراً صائباً والمطالبة بحكومة إنقاذ وطني تواجه هذه التحديات مطلباً ملحاً.
التحية للأبطال الأسرى
التحية للشعب الفلسطيني الصامد