حوار أم مناكفة / حاتم استانبولي
جولات متعددة من الحوارات الفلسطينية على مدار عدة سنوات سادتها المناكفة ولم تنجح في إعطاء أمل للفلسطينيين للخروج من حالة التآكل الداخلي. في كل جولة يحمل كل طرف أجندته الفصائلية. فما هو جوهر الخلاف؟ ورؤية أطرافه؟
الخلاف له عدة أوجه بين الأطراف بين فتح وحماس وبين فتح وثلاثية (اليسار الفصائلي) وخلاف بين الجميع والسلطة.
لقد استطاعت القوى المتنفذة بالسلطة الفلسطينية أن تحسم الصراع بينها وبين فتح لصالح القوى المتنفذة بالسلطة وبذات الوقت صادرت وظيفة م.ت.ف وحولتها لمؤسسة فارغة تستخدمها عندما تتعرض شرعيتها للمسائلة, تحالف السلطة حسم الصراع بطريقتين القوة والتطويع. واعتبرت القوى التي خطفت التاريخ النضالي للمنظمة وفتح أن السلطة هي ملكية خاصة واستخدمتها ضد خصومها، وكل حواراتها تستند لهذه الرؤية، ومنظورها للمصالحة يستند لتقوية دورها وإظهار تحكّمها في الوضع الداخلي الفلسطيني لتسويقه أمام الرأي العام الداخلي والدولي. وفي سياق صراع السلطة مع فتح استطاعت حماس استثماره وعبر دعم داخلي وخارجي انقضّت على السلطة وفتح في غزة لتؤسس لمرحلة جديدة حُرف فيها الصراع عن جوهره الوطني التحرري.
ثلاثية (اليسار الفصائلي) لم تستطع أن تتعاطى مع خطوة حماس وردة فعل السلطة بخطوة وحدوية تواجه به صراعهم على السلطة, واستمرت رؤيته محصورة في إطار الرؤية النمطية السائدة، ولم تطرح أية رؤية مشتركة تتعاطى بجدبة مع المعطيات الجديدة، واستمرت بالمناشدات الأخلاقية.
لقد كان واضحاً من جولات الحوار، أن كل من السلطة وحماس جوهر اهتمامهم ينحصر في الحفاظ على مصالحهم السلطوية الفئوية وتدوير الزوايا بين ثلاثية فتح – السلطة – حماس، ولا مصلحة لأي منهم بإعادة الجوهر الوطني التحرري للقضية الفلسطينية من خلال مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية. فمن الواضح أن منظمة التحرير ليس لسلطتي فتح وحماس أية مصلحة فيها كونها تتعارض مع تسلّطهما وتفتح الأبواب لإعادة الروح النضالية لتأطير الشعب الفلسطيني، ويطرح من جديد شعار العودة الذي يتعارض مع رؤية السلطة ويصوب النضال الوطني الفلسطيني الذي يتعارض مع الرؤية الأيديولوجية لحماس.
إن إعادة تفعيل مؤسسات المنظمة بجميع أشكالها وإعادة تأطير جماهير شعبنا في الشتات من خلال إحياء المنظمات الشعبية الفلسطينية التي كانت الأذرع الممتدة لنضال الشعب الفلسطيني على قاعدة البرنامج الوطني في التحرير والعودة، هو الذي يؤسس لتصويب الصراع فلسطينياً وعربياً، وبناء تحالفات جديدة إقليمياً ودولياً, رداً مباشراً على سياسات الترامبية. هذه المهمة تتطلب وحدة اليسار الفصائلي ليكون مقدمة ورافعة لوحدة اليسار الفلسطيني كتيار اجتماعي ليفرض تفعيل م.ت.ف ببرنامج جديد ومهمات ملموسة تستند لأوسع مشاركة شعبية والتأكيد أن المعركة التي يواجهها شعبنا الفلسطيني في المناطق المحتلة منذ 48 هي جزء لا يتجزأ من نضالات شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.