بعد رفع الحكومة للمحروقات والسلع الخدمية وبمباركة “النواب”، هل ستطرق هبة تشرين أبوابها من جديد ؟
قامت الحكومة برفع أسعار البنزين بنسبة 7%، وتشمل تلك النسبة الزيادة العالمية خلال الشهر الحالي وتطبيق مقدار الضريبة المقطوعة التي أقرتها الحكومة وتبلغ قيمتها 3 قروش لكل لتر من البنزين. مصادر حكومية أكدت أن هذه الزيادة ستليها زيادة أخرى بمقدار قرشين في الأشهر المقبلة.
وتأتي هذه الإجراءءات الحكومية كبداية لسلسلة قرارات أخرى تهدف لتوفير مبلغ 450 مليون دينار كـ “ضرائب أخرى”، كان مجلس النواب قد أقرها، وتشمل رفع الضرائب وفرض الرسوم على خدمات الاتصالات وبعض السلع الأساسية، إضافة إلى رسوم أخرى ستعلن عنها الحكومة في حينها.
وعلى الرغم من تأكيد رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي بأن القرارات الحكومية بالرفع لن تطال الطبقة المتوسطة والفقيرة، إلا أن رفع المحروقات لوحده كافٍ لرفع معظم السلع الخدمية نتيجة لارتفاع التكاليف التشغيلية في وسائل النقل، وفق خبراء اقتصاديين.
فيما يرى النائب الدكتور مصلح الطراونة أن الإجراءات الحكومية لم تطل الطبقات الوسطى او الفقيرة، معتبراً ما تقوح به الحكومة مسألة “تصحيح اقتصادي”.
كما أكد النائب الطراونة في حديثه لـ نداء الوطن على ضرورة أن يتحمل الشعب هذه الإجراءات, لافتاً إلى أن مجلس النواب لن يقف مكتوف الأيدي في حال طالت الإجراءات الحكومية الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
من جهته، لفت الرفيق عبد المجيد دنديس عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية إلى أن الإجراءات الاقتصادية الحكومية جاءت استكمالا لسياسات النهج السياسي والاقتصادي للتحالف الطبقي الحاكم الذي كرسته الحكومات المتعاقبة باستسهال الاستدانة من المؤسسات المالية الدولية، واعتماد سياسة الجباية من جيوب المواطنين لمعالجة العجز المتنامي في الموازنة العامة الأمر الذي عمق من مفاعيل الأزمة الاقتصادية والمعيشية على المواطنين وبشكل خاص الفقراء وأصحاب الدخل المحدود.
ورأى دنديس في حديثه لـ نداء الوطن أن ما شهدناه من ردود فعل شعبية لم ترتقي الى مستوى مواجهة وإسقاط هذا النهج أو وقف هذه الاجراءات الاقتصادية التي تنوي الحكومة تطبيقها وذلك لأسباب عديدة أهمها الدور السلبي لمجلس النواب وعدم إدراكه لدوره في الرقابة والتشريع وانقياد المجلس لتوجهات وسياسات الحكومة ليكون شريكاً لها على حساب قوت ووجع الناس، إضافة لتشتت الحركة الشعبية وعدم قدرتها على صياغة شعارات محددة تشكل ناظم للحراك الشعبي، وضعف دور الأحزاب وربما حتى غياب أو تغييب هذا الدور، وتراجع دور النقابات المهنية.
إلا أن الرفيق دنديس يشير إلى أنه لا يمكن التسليم بهذا الواقع، وأن جماهير شعبنا وخاصة المتضررة والمسحوقة من هذه السياسات والاجراءات لن تقف مكتوفة الايادي وستقول كلمتها انطلاقا من الحقوق التي منحنا اياها الدستور بحق التجمع والاعتصام والتظاهر والاضراب رفضاً لهذه الاجراءات وهذه السياسات، مشيداً بفكرة المقاطعة التي بدأت تنتشر في أوساط المواطنين والتي تدلل على حجم وعي الأردنيين ورفضهم للإجراءات الحكومية.
فيما نوه الكاتب جهاد المنسي المختص في الشؤون البرلمانية، أن “فزاعة” الأمن والأمان غير كافية لتجنب ردة فعل الشارع، مشيراً إلى أن الفقر لا يخلق أمناً ، بل يخلق كفراً وتطرفاً وأفكاراً منبوذة.
ختاما، يجب على الحكومة ألا تتناسى المهمشين الذين خرجوا في هبّة تشرين، والذين لن يعدموا الوسيلة لتكرار التجربة بأنماط مختلفة ومبتكرة تحافظ من خلالها على الأمن والأمان من جهة، وتسترد حقوقها وتوقف التغول الحكومي على جيوبها من جهة أخرى.