سبايلة وذياب يؤكدان على ضرورة تغيير النهج الاقتصادي وإعادة النظر في التحالفات الدولية
أكد المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية الدكتور عامر سبايلة أن التدخل العسكري الروسي في سوريا نقل المواجهة مع تنظيم داعش لتأخذ بعداً جديداً في طبيعتها، حيث بدأت تتركز على توسيع رقعة المواجهة في سعي التنظيم لإظهار قدرته على الحركة و الضرب في عدة أماكن و الاستهداف المباشر لأماكن حيوية مدنية يستطيع ن خلالها شل الحياة المدنية، و خلق حالة من الهلع و بالتالي توجيه ضربة مهمة للاجهزة الامنية.
فيما لفت الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية إلى أنه لأول مرة يتداخل عامل الإرهاب مع الأزمة الاقتصادية، ونوه إلى خطورة محاولات البعض تسويق الأزمة الاقتصادية على أنها ناتجة عن غياب الدعم الخارجي وتجاهل تراكم السايسات الاقتصادية الخاطئة على مدى السنوات الخمسة عشر الأخيرة.
جاء ذلك في الندوة التي عقدتها دائرة الإعلام في حزب الوحدة الشعبية، تحت عنوان:”الأردن بين الأزمة الاقتصادية والتحديات الأمنية” وتحدث فيها كل من الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية والدكتور عامر السبايلة مدير معهد الشرق الأوسط للداراسات الاستراتيجة، وأدارها الدكتور فاخر الدعاس مسؤول الإعلام في الحزب.
وأشار الدكتور عامر سبايلة في كلمته إلى أن التحديات السياسية أمام الأردن كثيرة، فالواقع الجيوسياسي يشير إلى ضرورة أن يسعى الأردن لإعادة ترتيب علاقاته مع سوريا و العراق. إضافة إلى تحرير الذهنية السياسية الاردنية من مسألة ضمان عملية السلام “وادي عربة” للاستقرار، أما التحدي الثالث فمرتبط بتطورات عملية السلام و التعنت الاسرائيلي و التغيرات الجذرية على طبيعة التعاطي مع ملف القدس و مسألة الوصاية الهاشمية.
التحدي الرابع: العلاقة مع بلدين مركزيين في المنطقة هما تركيا و ايران و قدرة الاردن على بناء علاقات ايجابية مع الطرفين. والتحدي الخامس: بناء علاقات سياسية و تحالفات مع موسكو نظرا لكونها لاعب اساسي اليوم في مجمل ملفات المنطقة، من مكافحة الارهاب الى عملية السلام.
فيما أكد الدكتور سعيد ذياب أن الحكومة لم تفكر في محاولاتها لتأمين مبلغ ال450 مليون دينار إلا في جيوب المواطنين الفقراء والطبقة المتوسطة. فيما غضت الطرف عن إعادة النظر في ضريبة الدخل عن البنوك وشركات التأمين وعن وقف الهدر المالي التي بلغت وفق تصريحات سابقة لوزير المالية الأسبق أمية طوقان 16% من الموازنة أي ما يزيد على المليار دينار سنوياً. إضافة إلى التهرب الضريبي، وذلك كون هذه الحكومة والحكومات المتعاقبة هي منحازة بالضرورة إلى أصحاب رأس المال وتدافع عن مصالحهم على حساب الشريحة الفقيرة والطبقة المتوسطة. مؤكداً على أن النهج الليبرالي عمق الازمة وقاد إلى درجة كبيرة من الاستقطاب في المجتمع وتمركز للثروة في أيدي حفنة قليلة.
وأشار الدكتور سعيد ذياب إلى أن المديونية في عهد الرئيس النسور ارتفعت بمقدار ثمانية مليارات دينار أردني في أربع سنوات دون أن تتم محاسبته من قبل مجلس النواب الذي غيّب دوره الرقابي تماماً. كما أن غياب الثقة بين المواطنين والحكومات المتعاقبة، وإغلاق الحكومة لقنوات الحوار بين السلطة وبين المجتمع من أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني، بدأ منذ عهد حكومة فايز الطراونة الأولى. هذا الغياب للحوار زاد من القلق لدى المواطنين من الوضع الاقتصادي بل والأمني.
وتالياً أبرز ما جاء في كلمة الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية:
ذياب: النهج الليبرالي عمق الازمة وقاد إلى تمركز الثروة في أيدي حفنة قليلة.
الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد ليست إلا واحدة من الأزمات التي عاشها الأردن، والتي تمثل أزمة عام (89) الأكثر وضوحاً للنفق الذي دخله الأردن من خلال الارتباط ببرامج صندوق النقد الدولي.
هذه الأزمات هي التعبير الأكثر وضوحاً عن الأزمة البنيوية التي طبعت اقتصاد الدولة الأردنية منذ نشأتها وذلك من خلال:
_ جهاز عسكري ومدني أكبر من الاحتياجات الفعلية للدولة.
_ الاعتماد على المساعدات الخارجية.
إن الجديد في هذه الازمة، هو ترافق الارهاب مع الاقتصادية وانعكاس ذلك على السياحة والاستثمار.
_ مظاهر الأزمة:
1_ تراجع في النمو الاقتصادي حيث تشير الارقام الحكومية أن النمو في النصف الأول من عام (2016) بلغ (2.1 مليار دينار) .
2_ تراجع في حوالات المغتربين وهذا ناتج عن الأزمة التي تواجه اقتصاد الدول المضيفة، بالإضافة إلى عودة المغتربين.
3_ على المستوى الاجتماعي نستطيع أن نلمس بشكل جلي اتساع مساحة الفقر وازدياد معدلات البطالة وتنامي العنف المجتمعي وظاهرة المخدرات.
الأسباب:
_ الاسباب كما اشرنا في بنية الاقتصاد.
2_ الانفاق الحكومي المتصاعد.
3_ الاعتداء على المال العام.
4_ تفشي الفساد.
5_ فشل السياسات الاقتصادية السائدة، وأكبر مثال مشروع الموازنة نفسه الذي يقود إلى تعميق الأزمة الاقتصادية لأنه يرتكز على اعتماد نهج الجباية الضريبية.
* إن الحكومات المتعاقبة كانت دوماً تلجأ إلى فرض السياسات الضريبية المتصاعدة، تحت حجة (تقليص عجز الموازنة)، وعدم اللجوء إلى الاستدانة.
إلا أن التجربة الأقرب إلى الذهن، هي حكومة الدكتور عبدالله النسور بالرغم من سلسلة الاجراءات الضريبية، كان الدين يرتفع بمعدل (2) مليار دينار سنوياً. وهذا ما يفمد بالكامل تلك الحجة ويكشف عدم صحتها.
* في عام (2005) تم ضبط العجز واصبح في حدود المعقول، لكن الملفت للنظر أن العجز والمديونية سرعان ما ارتفعت وتفاقمت بسبب غياب الرقابة والمحاسبة والمسائلة.
* الأردن بحاجة إلى مراجعة شاملة والابتعاد عن كامل سياسة القطعة الواحدة، والامساك بالمفاصل الاساسية التي من شأنها تجاوز الأزمة من خلال:
* ضبط الانفاق.
* تعديل السياسة الضريبية وتعديلها بما يقود إلى تحمل المؤسسات والشركات والبنوك العبء الضريبي.
* التعامل بشكل جدي ومسؤول في حل مشكلة الطاقة:
* التعليم: ربط مخرجات التعليم بحاجات السوق.
* التوسع في التعليم المهني.
* الادارة تعاني من ترهل حقيقي وتوسع في القطاع العام، أدى إلى نوع من البطالة المقنعة، بحيث اصبحت بالكاد المحصلات الضريبية لا تكفي للنفقات الجارية.
* لقد ترتب على اتساع تلك الظاهرة (ظاهرة الترهل الإداري):
1_ انتشار المحسوبية. 2_ تجاهل الكفاءات. 3_ بات الموظف لا يبذل جهداً لتطوير قدراته لأنه لا يرى في ذلك الجهد المعيار لارتقائه واستمراره.
* هذه الفلسفة قادت إلى تعميم الفساد من خلال التساهل في الانفاق العام، والأرقام تشير إلى أن نسبة الهدر (16%).
* المديونية ارتفعت بشكل مذهل لكن مشكلة المديونية أنها تمت من أجل الإنفاق الجاري، وأن الدولة عاجزة عن سداد عن الدين.
* ومسألة أخرى لا بد من حل مشكلة الهيئات المستقلة.
* ملخص القول أن النهج الليبرالي عمق الازمة وقاد إلى درجة كبيرة من الاستقطاب في المجتمع وتمركز للثروة في أيدي حفنة قليلة.
إن الحديث المتكرر عن ارتفاع في معدلات النمو فيه نوع من التضليل لأن هذا النمو كان يتم في قطاعات اقتصادية طاقتها التشغيلية محدودة. وبالتالي فإن نسبة المستفيدين من هذا النمو محدودة.
* التحدي الأمني: ظل الأردن وبشكل نسبي بعيداً عن العاصفة الارهابية التي ضربت المنطقة مع بداية ما يسمى “الربيع العربي”.
* وبالرغم من أن الاسباب الداخلية التي حفزت الارهاب في معظم اقطار الوطن العربي، كالفساد، الاستبداد، الاوضاع الاقتصادية الصعبة من فقر، بطالة، الفشل السياسي، والتبعية، إلا أنني اعتقد أن العامل الخارجي الذي لعب دور المحفز للارهاب، وإثارة الفتن والعنف الداخلي، بقصد تقسيم الوطن العربي وضرب هويته ضمن ما عرف بمشروع الشرق الأوسط الجديد.
أما الأردن بقي نسبياً بعيداً عن دائرة الاستهداف خلال السنوات الماضية بسبب الاصطفافات السياسية وتحالفات الأردن ودوره في فتح الحدود مع دول الجوار لتسلل العناصر الإرهابية وفتح معسكرات التدريب، كل ذلك أخّر بشكل أو بآخر وقوع الأردن ضمن الاستهداف.
ترى كل كان الإرهاب في الكرك مفاجئاً؟ وهل كان الأداء سليماً؟؟
أعتقد أن التحولات في المستوى الاقليمي، والعوامل الداخلية المذكورة، تؤكد أن الأردن لم بعيداً عن الارهاب، وأن ما جرى طرح سؤالاً حول مدى الجاهزية، ومدى الاستعداد للتصدي للإرهاب.
إن علينا نؤكد أن ربط الإرهاب بالعرب وبالإسلام مقولة مرفوضة وتحمل في بذورها بعداً عنصرياً لأن الإرهاب لا دين له ولا وطن ولا هوية.
علينا أن نشير أن اقحام الدين بالسياسة من أجل تحقيق أهداف سياسية من شأن ذلك احداث الانقسام في المجتمعات وضرب بنيانها.
إن مواجهة الارهاب يجب أن لا يكون محصوراً في الاطار الأمني بل يجب أن نمتلك رؤية متكاملة تتصدى للإرهاب بكل تجلياته الجسدي والمعنوي. أي اعتماد منظومة شاملة تؤكد على احترام الرأي والرأي الآخر وحرية المعتقد ونبذ ثقافة الإرهاب مهما أخذت من لبوس أو اسم هي التي يجب أن تسود.
وتالياً أهم ما جاء في كلمة الدكتور عامر سبايلة مدير معهد الشرق الأوسط للداراسات الاستراتيجة:
سبايلة: علينا الخروج من ذهنية أن عملية السلام “وادي عربة” ضامنة للاستقرار في الأردن
لايمكن النظر الى التحديات الامنية و السياسية في الاردن بعيداً عن التحديات الاقتصادية التي بدأت تظهر على السطح بصورة كبيرة.
التحديات الامنية امام الاردن يمكن وضع ابرزها بالنقاط التالي:
١ التحدي القادم ما بعد معركة حلب المتمثل بانتقال المواجهات الى الجنوب السوري و لاحقاً منطقة الجزيرة.
٢ التحدي القادم من انحسار المواجهات على الجبهة العراقي ما بعد معركة الموصل.
٣ التحدي القادم انتقال الاردن الى المواجهة المباشرة مع الارهاب الى مواجهة مفتوحة على الارض الاردنية “احداث الكرك انموذجاً”
٤ رفع كفاءة الاجهزة الامنية لمواجهة التحديات الارهابية الجديدة
منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا انتقلت المواجهة مع تنظيم داعش لتأخذ بعداً جديداً في طبيعتها، حيث بدأت تتركز على توسيع رقعة المواجهة في سعي التنظيم لاظهار قدرته على الحركة و الضرب في عدة اماكن و الاستهداف المباشر لاماكن حيوية مدنية يستطيع ن خلالها شل الحياة المدنية، و خلق حالة من الهلع و بالتالي توجيه ضربة مهمة للاجهزة الامنية.
مع هذه التحولات ظهرت تحديات جديدة امام الاجهزة الامنية بشكل عام، خصوصاً تلك التي مازالت تختبر قدرتهاعلى مواجهة الاستنزاف المباشر الناتج عن حالة التأهب المستمرة و التي تدخل عامها الخامس. التحديات الاكبرتواجه دول التماس المباشر مع الازمات المشتعلة و التي تواجه بالاضافة الى خطر التنظيمات الارهابية خطر انتشار العصابات المنظمة التي عملت بحرية تامة في محيط سوريا و العراق على مدار السنوات الماضية. اذاً بالاضافة الي التحديات الارهابية تواجه هذه الدول تحديات متعلقة بالجريمة المنظمة و تطورها في مناطق الازمات، كذلك احتمالية انتقال هذه الجريمة للعمل في مناطق جديدة بعد الحد من حريتها في سوريا و العراق.
كل هذه المعطيات تشير ان اهم امتحانات الاجهزة الامنية الحالية هي امتحانات قدرة الاجهزة و افرادها على مواكبة قفزات التطور السريعة في مستوى الجريمة و تعقيدات العمل الارهابي و التفريخات الجديدة للخلايا الارهابية.
ان استيعاب حجم التحديات هذه يشير الى ضرورة انتهاج استراتيجات جديدة معنية برفع قدرات الكوادر الامنية و تحضيرها بطريقة توازي حجم الاخطار التي باتت تمثلها الجريمة المنظمة و الارهاب. مع ضرورة التأكيد على تعزيز شعور المهنية و الالتزام و الحس بالمسؤولية و ادراك ان العبثية في التعامل او الخطأ له كلفة عالية جداً. يضاف الى ذلك ضرورة انتهاج استراتيجية واضحة لمكافحة التطرف لا تقتصر على المجتمع المدني بل ايضاً على القطاع الامني و العسكري حيث تشير بعض الدراسات ان كثير من ملامح التطرف بدأت بالظهور العلني على تركيبة المنظومة الامنية.
التحديات السياسية:
التحديات السياسية امام الاردن كثيرة، فالواقع الجيوسياسي يشير الى ضرورة ان يسعى الاردن لاعادة ترتيب علاقاته مع سوريا و العراق.
اما التحدي الثاني فهو موضوع تحرر الذهنية السياسية الاردنية من مسألة ضمان عملية السلام “وادي عربة” للاستقرار.
التحدي الثالث مرتبط بتطورات عملية السلام و التعنت الاسرائيلي و التغيرات الجذرية على طبيعة التعاطي مع ملف القدس و مسألة الوصاية الهاسمية.
التحدي الرابع: العلاقة مع بلدين مركزيين في المنطقة هما تركيا و ايران و قدرة الاردن على بناء علاقات ايجابية مع الطرفين.
التحدي الخامس: بناء علاقات سياسية و تحالفات مع موسكو نظرا لكونها لاعب اساسي اليوم في مجمل ملفات المنطقة، من مكافحة الارهاب الى عملية السلام.
التحديات الاقتصادية:
السياسة الاقتصادية العقيمة التي تم انتهاجها و التي ادت الى تحويل الاردن الى بلد معتمد تماماً على المساعدات و يخلو من كافة حالات الانتاجية.
التحرر من سياسات صنوق النقد الدولي يحتاج الى رؤية طويلة الامد لكن يمكن ان تبدأ بالبحث عن تطبيق الاقتصاد الواقعي المبني على تطوير المشاريع الانتاجية الصغيرة و التعاونيات القادرة على الاقل ان تكون جزءاً من استراتيجية الامن الغذائي و التي قد تتطور فعلياً للوصول الى مرحلة الاكتفاء الذاتي.
[justified_image_grid facebook_id=837903202891783 facebook_album=1580085968673499]