27 وزيرة في 96 عاما.. ويحدثونك عن المساواة! / جهاد المنسي
أن تعرف أنه منذ تأسيس الإمارة العام 1921 وحتى العام 2017 تقلدت الوزارة 27 سيدة فقط فإن ذلك يدعو للتوقف كثيرا، ويفتح بابا واسعا للتفكر حول مفاهيم الجندر والمساواة عندنا، ويدعونا لنسأل ان كنا فعلا نريد ان نصل لتمثيل عادل للسيدات في كافة مناحي الحياة، ام اننا نتحدث عن ذلك في المؤتمرات والخطابات فقط من دون ان نعكس ذلك واقعا!
فبعد تأسيس الامارة ومن ثم المملكة وحتى العام 1979 حيث تم تعيين السيدة إنعام المفتي كأول وزيرة أردنية وحتى اليوم تم تعيين 27 وزيرة هن السيدات: إنعام المفتي، ليلى شرف، ريما خلف، سلوى المصري، تمام الغول، رويدة المعايطة، علياء بوران، أمل الفرحان، أسمى خضر، ناديا السعيد، سهير العلي، مها الخطيب، هالة لطوف، نانسي باكير، سوزان عفانه، رابحة الدباس، نسرين بركات، هيفاء أبوغزالة، ناديا العالول، ريم أبو حسان، لانا مامكغ، لينا شبيب، مها العلي، مجد شويكه، ياسرة غوشة، خولة العرموطي، ولينا عناب.
وبعد، أيعقل أيها السادة أن تتوزر 27 سيدة فقط خلال 96 عاما؟! مع العلم أن العدد ارتفع في الالفية الجديدة، اذ أن العدد قبل ذلك كان يتراوح حول أصابع اليد الواحدة، أيعقل ان نبقى نتعامل مع نصف المجتمع نظرة ثانوية بهذا الشكل الفاضح وغير المقبول؟! أيعقل أننا نريد دولة مدنية عصرية حضارية من دون أن نذهب لتغيير هكذا واقع؟!
الحق، فانه لا يستوي أن نتحدث عن اصلاح منشود ودولة عدالة ومساواة، وفي الوقت عينه نغفل تمثيل نصف المجتمع، ونتعامل معه باعتباره خلف المشهد، او ديكورات تكميلية ثانوية لاضافة نكهات على أي تشكيل حكومي.
وفي السياق فانه لا يمكن تبرير مثل هكذا امر تحت أي بند، باستثناء ان هذا يأتي في اطار منظور ذكوري فقط يستبعد المرأة من الحضور في المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والبرلماني، ويتعامل معها بذات الفكر الذي كان يتم التعامل معها في العصور الوسطى الغابرة!
الارقام تتحدث عن نفسها والواقع واضح امامنا، والحل يتمثل في الذهاب لتعزيز فكر التشاركية والمساواة والعدالة قولا وفعلا، وأن نتعامل مع نصف المجتمع باعتبارهن يملكن ذات قدرة الرجل على العمل والانتاج وربما اكثر، ولديهن شفافية في القيادة اكثر من الرجل بحسب ما تثبته الدراسات العالمية، كما ان لديهن فسادا اقل بحسب الدراسات عينها، وهذا يدفع لاعلاء الصوت للمطالبة برفع تمثيل المرأة حتى النصف في كل مناحي صنع القرار وزيرات وامناء عامين ومديرات وقيادات وغيرها.
أما بقاء المشهد كما هو عليه الان فان ذلك يعني مواصلة التعثر في الذهاب للاصلاح ومواصلة بحثنا عن تمثيل جهوي ومناطقي واقليمي لمواقع الوزارة، وهو الامر الذي يمنع عجلة الاصلاح من السير على سكتها الصحيحة.
لو كنا نريد اصلاحا حقيقيا فعلينا تغيير النظرة والسير باتجاه الدولة العصرية المدنية، وتعزيز مبدأ التشاركية وانهاء فكر الجهوية والمناطقية والجندرية في تشكيل الحكومات وغيرها، والابتعاد عن فكر الارضاء والتدخلات وخلافه من افكار مشوشة، وان نعترف ان النساء يحتللن المراتب الاولى في الثانوية العامة وكذلك في الجامعات، فلم لم نشهد سيدات اكثر في مواقع قيادية، ولم لم نفكر بسيدات في وزارات سيادية، وفي رئاسة الجامعات وغيرها من المواقع الاخرى؟
الحقيقة اننا نتجمل، نعتبر المرأة ديكورا نزين به حكوماتنا بعدد اقل في وزارات غير سيادية ونخرجها في أي تعديل باعتبارها “ضلعا قاصرا” يمكن ان نميل عليه في أي مناسبة.
قفوا أمام مرآة حقيقتكم، واعترفوا وأجيبوا هل تريدون دولة عدالة ومواطنة ومساواة؟! ان كنتم تريدون ذلك فحققوا ميزان العدل، وانطلقوا للاصلاح، فالاصلاح لا يأتي بالكلام المعسول، وانما بالعمل والفعل الحقيقي على ارض الواقع، وأرى اننا ما نزال بعيدين كل البعد عن ذلك حتى الان.