عقوبات مبيحة لإيذاء الأطفال وإيقاع العنف عليهم
في الشهر الماضي تداول الناشطون والحقوقيون باهتمام كبير قضيتين منظورتين أمام القضاء، أولاهما كانت لسيدة حصلت على حكم مشاهدة لأطفالها الذين ما زالوا في عمر حضانتها، ولكنها ما تزال تنتظر حكم القضاء في قضية الشقاق والنزاع بهدف الطلاق من زوجها، تلك السيدة وبعد انتهاء مشاهدتها لأطفالها سلمتهم حسب الأصول، لتسمع بعد دقائق صراخهم وبكاءهم جراء تعنيفه لهم وهو الأمر الذي لم تتحمله تلك الأم لاسيما أن الضرب والتعنيف حجتها الأولى في طلب الطلاق.
ذهبت في محاولة للفهم والحماية، أخذت ابنتها ذات الخمس سنوات، أما ابنها بقي مع والده يلاقي مصيره المجهول عنها الى الان. وتقول :”وذهبت لحماية الأسرى لتسجيل شكوى بحقه فتفاجأت أنه قام بتسجيل شكوى بالمقابل مدعيا انني قمت بضربه، محضرا تقريرا طبيا بانه يعاني من الصداع وآلام في الظهر ومثلنا أمام المحكمة بقضية ايذاء متبادل، أجلت لحين احضار البينات. قامت المحكمة الشرعية في شمال عمان باستدعائي على خلفية ادعائه أنني قمت باختطاف ابنتي من مقر الاتحاد ، ولما مثلت امام القاضي وشرحت ما حصل قام بالقول حرفاً إنه والدهم ويحق له فعل ذلك اي ضربهم وانني يجب علي ارجاع ابنتي والا انا مهددة بالحبس بحقي وحق الكفيل في قضية المشاهدة”.
هذه السيدة مازالت تخوض معركتها أمام القضاء والقوانين المجتزأة وتحاول حماية ابنتها من العنف والايذاء..
أما القضية الثانية والتي تعتبر الأولى من نوعها أمام المحاكم فكانت الحكم بتعويض طفل قاصر جراء تعنيف والده. وحسب الخبر فإن الطفل الذي يبلغ من العمر 13 عاما، يعيش مع والده وزوجة والده، كان قد ذهب إلى البقالة وتأخر قليلا، ما دفع الأب إلى ضربه ضربا مبرحا بعلاّقة حديدية، على قدميه ويديه وظهره، وواصل ضربه في اليوم التالي بركله بكل أنحاء جسده”.
وبعد ملاحظة أحد المعلمين آثار الضرب على وجه الطفل، وبعد التحقق من الفاعل وملابسات المشكلة، هيأ المعلم الفرصة للطفل للاتصال بوالدته (المطلقة) لإبلاغها بما جرى، والتي اصطحبت الطفل إلى إدارة حماية الأسرة، لاتخاذ الإجراء المناسب.
فكان قرار المحكمة بتجريم الأب بجرم “الايذاء”، وحكمت عليه بالسجن لمدة أسبوع، وإلزامه بدفع 300 دينار للمشتكية المدعية بالحق الشخصي بصفتها ولية أمر الطفل تعويضا ماليا عن الأذى الذي لحق بالطفل.
في القضيتين نقطة مشتركة مهمة وهي أحقية الأب / الوالدين في تأديب الأطفال حسب المادة 62 من قانون العقوبات الأردني والتي تنص بشقها (أ) على التالي :” يجيز القانون أنواع التأديب التي يوقعها الوالدان بأولادهم على نحو لا يسبب إيذاءً أو ضرراً لهم ووفق ما يبيحه العرف العام”.
انتهاء مادة قانونية تشريعية بالارتهان الى “العرف العام” بحد ذاته شيء خطير يجب التوقف أمامه والغاؤه، سيما أن تقدير حجم الضرب التأديبي وأذاه هنا يعود للمزاجيات واختلاف البيئة وهذا بحد ذاته خطير وغير متوازن.
المطلوب أن يتم الغاء هذه المادة وعدم محاولة تجميلها أو تعديلها، لأن الأصل أن يكون القانون مساعد في الوقاية أولاً ومنع العنف، ومن ثم ايقاع العقوبة في حال حدوث جريمة العنف والايذاء بحق الأطفال.