تطور وظائف البنك وصندوق النقد الدوليين / عبد المجيد الخندقجي
تمخض انشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عن نقاشات مؤتمر بريتون وودز المنعقد في يوليو (1944)، حيث كانت هناك دعوة للتعامل مع قضايا التمويل والنقد على المستوى العالمي.
فقد كان استقرار النقد وتوفير قابلية العملات للتحويل Convetibility وضمان حرية
Multilateral Trade ، من أهم اهداف النظام الاقتصادي الدولي الذي بدأ وفقاً للمبدأ الرأسمالي وبهيمنة وسيطرة كبيرة من الولايات المتحدة أنشيء البنك الدولي باسم البنك الدولي للانشاء والتعمير
International Bank for Reconstruction and Development
وقد بدأ نشاطه في تعمير الاقتصادات الاوروبية المحطمة بسبب الحرب العالمية الثانية ثم انتقل نشاطه نهاية الخمسينات لقضايا التنمية في دول العالم الثالث. وفي التسعينات في دول الكتلة الاشتراكية، ومعظم موارد البنك هي موارد مقترضة من الأسواق المالية وتتمتع الدول الصناعية الكبيرة بقوة تصويت تمكنها من السيطرة الفعلية على مقدرات البنك، وهناك اتفاق غير مكتوب بشير إلى أن رئيس البنك ترشحه امريكا.
مع نهاية الثمانينات تغيرت فلسفة البنك بحيث اخذ يدعو إلى تشجيع القطاع الخاص، وتقليص دور الدولة، والاهتمام بصناعات التصدير.
وقد اصطدمت توجهات البنك الدولي بالاعتبارات السياسية للدول المتلقية للقروض، من حيث عدم امكان التعرض إلى قضايا النظم السياسية وأساليب الحكم فيها، ومع ذلك اظهرت تجارب التنمية في العديد من الدول، أن فشل التنمية كان راجعاً إلى فساد النظم السياسية السائدة، وأنه لا يوجد امل حقيقي في أي تنمية متواصلة مالم تحدث تغيرات جذرية في اساليب الحكم، ومن هنا جاءت صيحة البنك عام (1989) بأن أزمة افريقيا هي ازمة في الحكم الصالح
A Crisis of Governance .
وعندما تفجرت ازمة الديون الدولية في اغسطس (1982) حيث اعلنت المكسيك توقفها عن الدفع، حدث ذعر شديد في الدوائر المالية العالمية، لأن معظم ديون المكسيك ودول امريكا الجنوبية عائدة لمئات البنوك التجارية في امريكا والعالم، ولذلك دعا وزير الخزانة الأمريكي جيمس ببكر صندوق النقد لجمع الاطراف المعنية وترتيب العلاقة بين المكسيك والبنوك الدائنة فيما عرف بتوفير حزمة انقاذ Rescue Package وتقديم فرصة للدول المدنية وتوفير قدر من التمويل لتمكين المكسيك من الاستمرار في خدمة الدين.
وهكذا انجر الصندوق إلى قضايا العالم الثالث وخاصة ما يتعلق باعادة جدولة الديون Rescheduling of Debts وتقديم قروض للدول المدينة مع الزامها بعدد من السياسات عرفت بالمشروطية Conditionalities وارتبطت هذه الشروط بما عرف بسياسة التثبيت المالي او النقدي Stabilization Programs .
غير أن الاضطرابات انفجرت ضد الصندوق الدولي مما هدد الاستقرار الاجتماعي، عند ذلك لجأ الصندوق إلى اساليب اخرى فيما عرف آنذاك بالاصلاح الهيكلي
Structural Adjustment .
من هنا نستطيع أن نستنتج أن صندوق النقد هو الذراع المالي للبنك الدولي، وهو لن يسمح للدولة المدينة ان تصل إلى مرحلة العجز عن الدفع واعلان افلاسها، لكي أولاً لا تضيع الديون وثانياً لكي تفلت من قبضة البنك كما حدث مع اليونان، وما يحصل مع الاردن حيث ما أن يدخل الاردن في مرحلة الخطر من تعاظم حجم الدين العام، حتى يهب صندوق النقد إلى منحه قرضاً يبقيه على القيد الحياة.