سلطة ثقافية / رامي ياسين
قد لا يختلفُ اثنان على أنّ أيّ رئيس له صلاحيات “الإله” ذلك وفق ما تربّى عليه الإنسان العربي على يد أمهر الأنظمة البوليسية قمعاً وأدهاها في سياسة التجهيل وطاعة “السلطة”.
إنّ تعزيز مفهوم “السلطة” الذي تمارسه هذه الأنظمة عبر دعم الذهنية الرجعية، عمل على تحفيز ذهن المرؤوسين على “مسايرة” رؤسائهم وحتى مجاملتهم حين افتراض حسن النية ورشوتهم في افتراض واقعيتها.
نجد ذلك منعكسا في شكل سلطة “الأب” أو حتى الاخ الأكبر في المنزل، و”المدير” في العمل، وحتى على “مشرف العمال” في الورشة: بشكل يشبه عدوى البكتيريا الوراثية!.
إنّ أقسى تجليّات توارث مفهوم السلطة تتمركز في ذات المثقف العربي، فالمثقف الذي يقع عليه فعل التغيير والتحريض عليه، أصبح لا يبحث عن ناقد للتجربة بقدر ما صار يبحث عن مسوّق لها، وحتى تعامله مع الصحافة بات من باب العلاقات العامة، ولك أن تقيس على ذلك حين يصبح هذا المثقف صاحب “سلطة”، كرئيس او حتى عضو في لجنة تحكيم جائزة ثقافية، أو كرئيس تحرير صحيفة، ستفسّر حينها يا قارئ هذه الكلمات لماذا تضجّ الصحف المحلية والعربية بمواد صحفية او ابداعية لم تنضج بعد، في حين يتم حجب الجائزة / النشر على المواهب المبشّرة والحقيقية من أجل مجاملات ستعود على “الرئيس” بمصلحة ما، أو تلذّذا بممارسته للسلطة الممنوحة اليه مجاملةً، هذا اذا افترضنا معرفته بتقييم النصوص!
إنّنا أمام أزمة غياب للنقّاد وللصحافة النقدية الحقيقية متمثلة باعطاء الـ “السلطة” لرؤساء تحرير ورؤساء أقسام ثقافية يفتقدون لعلم النقد ومتفقّهون بعلم المجاملة.