أخبار محلية

قرارات حكومية برفع الأسعار وخبراء يحذرون من “سياسة الإفقار”

تحول برنامج صندوق النقد الدولي الخاص بالأردن من برنامج لا يسهم في الإصلاح الاقتصادي، وفق تقرير نشرته صحيفة يومية في شهر آذار من هذا العام، إلى “ضرورة لمواجهة أخطاء سابقة”، وفق تقرير آخر لنفس الصحيفة اليومية ونفس معدة التقرير السابق، ولكن بعد سبعة اشهر من التقرير الأول. وكان رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي قد طالب وسائل الإعلام ضرورة العمل لجعل المواطنين يتقبلون القرارات الاقتصادية “الصعبة والضرورية” التي تنوي الحكومة اتخاذها تنفيذاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وقعته مع صندوق النقد الدولي.

إجراءات “قاسية” على الفقراء
ويبدو أن “تباشير” هذه الإجراءات قد بدأت تهل، مع حديث حكومي عن نيتها رفع أسعار السلع الأساسية من أرز وسكر وحليب والبقوليات بأنواعها وما يقارب 90 سلعة أساسية أخرى، من خلال فرض ضريبة مبيعات عليها تصل إلى 12% بعد أن كانت هذه السلع معفاة من الضريبة. وحديث وزير المالية عن توفير ما يقارب ال400 مليون دينار في مشروع الموازنة من خلال بند الإيرادات الضريبية. كما تنوي الحكومة رفع تعرفة الكهرباء من خلال ربط أسعار الكهرباء بسعر برميل النفط عالمياً، إضافة إلى رفع أسعار المياه. في المقابل، فإن هذه الإجراءات تشمل خفض ضريبة المبيعات من 16% إلى 12% على مجموعة من السلع غير الأساسية والكماليات!!
هذه الإجراءات “القاسية والضرورية” وفق الوصف الحكومي لها، يبدو أنها ستكون “قاسية” على الطبقة الفقيرة والمتوسطة فقط، حيث من المنتظر أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء والدواء والكساء، الأمر الذي يعمق الازمة ويسهم في افقار الغالبية العظمى من المواطنين، وفق الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت.
ويضيف الكتوت في حديث خاص لـ نداء الوطن أن هذه الإجراءات ستعمل أيضاً على توسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، في بلد تقدر نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر المطلق نحو 35% وارتفاع معدلات البطالة التي بلغت نسبتها وفقا للأرقام الرسمية 15.8%.
ويرى الأستاذ الكتوت أن هذه التوجهات الاقتصادية ستضعف القدرة التنافسية للمنتجات المحلية عبر تخفيض الرسوم الجمركية للسلع المستوردة وتعرض الاستثمار المحلي الى مزيد من التدهور.
ويرى الكاتب والخبير الاقتصادي الأستاذ خالد الزبيدي أن هذه الاجراءات الجكومية “القاسية” تشكل امتداداً للسياسات المالية التي تنفذها الحكومات المتعاقبة. وأشار الزبيدي في تصريح خاص لـ نداء الوطن أن هذه السياسات المالية توسعية في الإنفاق بشقيه ( الجاري والراسمالي )، ولاتربط هذه النفقات بالقيمة المضافة للاقتصاد الكلي، وهذا اصعب ما تواجهه الدول الاردنية منذ ربع قرن تقريبا، حيث أفضت إلى تراكم الديون التي فاقت 36 مليار دولار حسب أحدث أرقام وزارة المالية.
وأكد الزبيدي أن المتضرر الأول من هذه الاجراءات هو السواد الأعظم من المواطنين الفقراء ومتوسطي الدخل، أما اصحاب الدخول المرتفعة فلن يعانوا نظراً لارتفاع دخولهم برغم تذمر البعض منهم.

قرارات غير ذات جدوى
وصف الحكومة لقراراتها الاقتصادية بـ”الضرورية”، يدحضه ما حدث مع حكومة النسور التي خضعت لبرنامج صندوق النقد الدولي لثلاث سنوات ولم يؤدي إلا إلى المزيد من المديوينة والعجز في الموازنة.
ويؤكد الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت أن الحديث عن أن الإجراءات الجديدة ستسهم في تقليص عجز الموازنة وخفض الدين العام، ليس في مكانه. فقد اتخذت حكومة النسور سلسلة من الإجراءات الضريبية التقشفية التي أسهمت في إفقار المواطنين بذريعة خفض العجز، فكانت الحصيلة النهائية زيادة المديونية من 17الى 25 مليار دينار خلال السنوات الأربع لحكومته. ولم تتقدم حكومة النسور بأي مشروع تنموي يسهم بتصويب التشوهات الهيكلية للاقتصاد الوطني.
ويتفق الكاتب والمختص في الشؤون الاقتصادية خالد الزبيدي مع ما ذهب إليه الكتوت مشيراً إلى أن القرارات والاجراءات القاسية والمستمرة منذ سنوات لم تخفض الدين العام ولم تعالج عجز الموازنة.
ويرى الزبيدي أن الإصلاح المالي الحقيقي يبدأ ببلوغ إيرادات مالية محلية تغطي النفقات الجارية قبل المنح والمساعدات الخارجية، عندها يمكن التحكم بالنفقات الرأسمالية وفق المنح والمساعدات الخارجية، وهذا معيار مالي دولي معتمد في السياسات المالية وفرضيات إعداد الموازنات للدول.
فيما يعتبر الأستاذ فهمي الكتوت أن المطلوب هو وضع حد للسياسات المالية والاقتصادية السائدة، واستثمار موارد البلاد وتحفيز القطاعات الإنتاجية المولدة للدخل في الزراعة والصناعة والسياحة وتكنولوجيا المعلومات، وزيادة إيرادات الخزينة بتحفيز الاستثمار التنموي وليس في الجباية الضريبية الانكماشية، ووقف هدر المال العام والتهرب الضريبي، وخفض النفقات غير المبررة ومكافحة الفساد المالي والإداري واستغلال الوظيفة العامة وتوزيع المزايا والامتيازات على كبار المتنفذين.

اظهر المزيد

نداء الوطن

محرر موقع حزب الوحدة الشعبية… المزيد »
زر الذهاب إلى الأعلى