حكومة الملقي والحكومة البرلمانية..
ما أن انتهت الحكومة من الإشراف على الانتخابات النيابية، حتى قامت الدكتور هاني الملقي بتقديم استقالته ليصار بعد ذلك إلى تكليفه بإعادة تشكيل الحكومة. على النقيض مما جرى بعد انتخابات البرلمان السابع عشر، حيث جرى (ابتداع نموذج أردني لحكومة برلمانية) وذلك من خلال تكليف الرئيس الذي يتم اختياره من مجلس النواب.
إن شعار الحكومة البرلمانية كان من الشعارات الهامة التي رفعها الحراك الشعبي، والذي طالب بتغيير آلية تشكيل الحكومات واعتماد مبدأ اختيار الحكومة من الأغلبية البرلمانية.
لقد حاول الحلف الطبقي الحاكم وتحت وطأة الضغط الشعبي المطالِب بالحكومة البرلمانية، الالتفاف على ذلك المطلب من خلال تلك الصيغة أي تكليف الذي يحظى بأغلبية أصوات النواب.
إن مجيء حكومة الملقي والعودة للصيغة الماضية بالتشكيل الحكومي، تمثل الإعلان الرسمي عن إغلاق باب الإصلاح. تلك الردة عن الإصلاح التي بدأت ملامحها مبكراً مع حكومة الدكتور فايز الطراونة وعبدالله النسور وما رافقها من الإقدام على إجراء تعديلات دستورية فرّغت الحكومة ورئيسها من حق الولاية العامة وحولته إلى مجرد موظف كبير يدير الشؤون اليومية.
من المؤكد أن هذه النتيجة ترتبط بشكل وطيد بالعملية الانتخابية وبالظروف التي رافقتها، سواء لجهة التدني الملحوظ في نسبة المشاركة، التي لم تتجاوز حدود 37%، ما يعكس عدم الثقة بالانتخابات نفسها، وبإمكانية أن يقوم المجلس بدوره بعد ربع قرن من الإخفاق المتكرر. والملاحظة الأخرى أن الرئيس عند تشكيله للحكومة لم يبادر بإجراء أي نوع من المشاورات مع الأحزاب أو النقابات أو أي من مؤسسات المجتمع والاستماع لرأيها فيما تواجهه البلاد من مشكلات وأزمات، الأمر الذي يدلل على الردة الكاملة عن ما هو مطلوب من إصلاح سياسي.
بالإضافة لكل ذلك، تأتي هذه الحكومة بعد انتخابات نيابية شابها العديد من الشوائب وبما يمس وبشكل كبير درجة نزاهتها، وكان للمال السياسي وما أحدثه من فساد وإفساد حضوراً كبيراً.
هذه الصورة العامة تدفعنا إلى التشكك بقدرة المجلس على القيام بدوره والوفاء بالتزاماته والأمر الذي نخشاه هو إطلاق يد الحكومة والسماح لها بالسير وفق مشيئتها ورؤيتها دون رقيب أو حسيب.