الانتفاضة الثالثة سنة أولى
في بداية تشرين الأول 2015 انطلقت هبّة جماهيرية في فلسطين المحتلة، وبعد مرور عام على ما اصطلح عليه بــ “الانتفاضة الثالثة” نطرح سؤال إلى أين؟؟؟
تميّزت هذه الانتفاضة بعمليات الطعن بالسكاكين وعمليات الدهس وأطلق بعض السياسيين عليها انتفاضة السكاكين وهذه العمليات تميزت بالعمل الفردي غير المنتظم من قبل الطرف الفلسطيني ورغم أن قيادات الفصائل الفلسطينية قد أشادت بهذه العمليات الفردية وادعى بعضها أن المنفذين ينتمون إليه، إلا أن هذه الفصائل جميعاً لم تمارس حقها في قيادة هذه الانتفاضة وتخلت عن دورها الحقيقي في مثل هذه الظروف الصعبة والمعاناة المأساوية التي يعيشها شعبنا بل إن السلطة الفلسطينية مارست دوراً قذراً في عملية التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني من أجل الوصول إلى منفذي العمليات الذين نجحوا بالفرار بعد تنفيذ عملياتهم البطولية ليتم اعتقالهم وأحياناً تسليمهم مباشرة للعدو .
إن الفصائل حقيقة قد استنكفت عن المشاركة بالانتفاضة بل إن بعض الخلايا لهذه الفصائل عندما أصدرت بيانات باسم الانتفاضة تم إسكاتها وعدم الاستمرار بإصدار هذه البيانات لأنها تحملها مسؤولية هي أعجز من أن تقوم بها.
نعم، لقد أصبحت الاستراتيجية الفلسطينية لتحرير فلسطين التي وضعتها الفصائل المقاومة للاحتلال حبر على ورق ولا يتمسك بها سوى فئة قليلة صابرة على الضيم المزدوج من الاحتلال ومن قياداتها المسترخية والغارقة في الفساد.
واستمرت الانتفاضة وأنهت سنة أولى رغم كل المراهنات من قبل العدو وقبل الفصائل والسلطة الفلسطينية أنها ولدت ميتة.
وارتفعت حصيلة القتلى والجرحى الإسرائيليين إلى 498 شخصاً منهم 40 قتيلاً، ولم تتوقف الانتفاضة الثالثة في سنتها الأولى عند عمليات الدهس وعمليات الطعن بالسكاكين، بل أخذت عمليات استخدام “المولوتوف” الحارقة تزداد وتم استخدام الأسلحة النارية وفوجئت قيادات العدو بصناعة الأسلحة الرشاشة والبنادق والقنابل المحلية “الأكواع” واستخدامها الفعّال ضد جنود الاحتلال والمستوطنين الصهاينة.
وإن عمليات الإعدام الميداني التي مارسها العدو القتل بدم بارد كانت دلالة على الرعب الذي زرعته الانتفاضة وأبطالها البواسل في نفوسهم وإلا ماذا نفسر أن يطلق الجندي الصهيوني عشرين رصاصة أو أكثر على طفل أو طفلة لشبهة حمل سكين أو أن يطلق النار على يهودي مثله، نعم إنه الخوف الذي أصبح يسيطر على المجتمع الصهيوني.
بينما تتجلى البطولة في أطفال فلسطين وشبابها الثائر لدرجة أن يخطف الشاب سلاح الجندي ويقتله به، أو أن يطارد الشاب بسكينة جندياً يحمل سلاحه ومشاهد بطولية أخرى تنعش قلب الإنسان.
لقد استنفذ العدو كل وسائله لوقف الانتفاضة الثالثة قتل متعمد، هدم البيوت، وإصدار قوانين متتالية للعقوبات وصلت إلى سجن الأطفال إدارياً والحكم عليهم بالسجن عدة سنوات.
ولكن الانتفاضة أكملت سنتها الأولى محققة انتصارات على قيادة السلطة والفصائل الفلسطينية وكذلك محدثة ثغرة في صفوف المجتمع الصهيوني وصفوف العسكريين وثغرة في الاقتصاد الإسرائيلي وخاصة في السياحة بل أحدثت إرباكاً في القيادة السياسية واستراتيجيتها الأمنية والعسكرية.
هل تغير القيادة الفلسطينية نظرتها للانتفاضة بعد عام من ثباتها فتقودها إلى الانتصار؟ أم أن الانتفاضة باستمراريتها ستسقط هذه القيادات التي استهلكت واستنفذت قواها؟ قد يكون هذا ما سيحدث في سنة ثانية انتفاضة.