لماذا رحيل الحكومة ؟!
كانت ولا تزال آلية تشكيل الحكومات هي الإشكالية الرئيسية التي تواجه تطوير المؤسسة التشريعية والحياة السياسية وأساليب الحكم.
تتشكل الحكومات في الدول الديمقراطية على أساس الأغلبية البرلمانية، وتحصل على ثقة البرلمان بناءً على برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، وبالرغم من كل الصخب الإعلامي الذي رافقها ورافق تشكيل الحكومة، إلا أنها لم تغادر ذات الطريقة في التشكيل.
لقد ساعدت تلك الآلية في تشكيل الحكومة بالإضافة إلى ضعف مجلس النواب، على فرض رؤيتها الاقتصادية، تلك الرؤية التي اتسمت بالأحادية في التعاطي مع المشكلة الاقتصادية، وتجلت في الجباية المالية من جيوب الفقراء، من خلال رسوم جديدة أو رفع الدعم عن السلع الأساسية. كل تلك السياسة، قادت إلى تعميق أزمة مستحكمة في البلاد منذ مدة.
ولقد فاقم من تلك الأزمة، عملية الردة عن الإصلاح السياسي الذي قادته الحكومة، وما يعني هذا الكلام من تنكرٍ للمطالب الشعبية والحراكية بالإصلاح، عدا عن أن الإصلاح الاقتصادي يتسم بصعوبة التحقيق في ظل غياب ديمقراطية حقيقية وتداول للسلطة وتعددية حزبية.
لم تغادر حكومتنا سياسة الجباية، ولم تبذل جهداً ولو يسيراً لتوسيع دائرة الحلول للعجز المتراكم في الموازنة، الأمر الذي يزيد الصورة صعوبةً على المواطن من تحمّل هذه الإجراءات الاقتصادية وهو يرى حكومته تشيح بوجهها بعيداً عن محاربة الفساد، تاركةً إياه يمارس دوره التخريبي في الاقتصاد وفي العلاقات الاجتماعية.
ويصعب على المواطن الفقير إبداء درجة عالية من تحمّل تبعات هذه القرارات وهو يرى حكومته تمالئ أصحاب رؤوس الأموال وتخفض العبء الضريبي عليهم بدلاً من تحميلهم مسؤولية العجز. وتزداد الأمور صعوبة على الفقير وهو يرى إنفاق حكومته يتسم بالبذخ وهو يكابد شظف العيش.
انطلاقاً من ذلك، فإن الحزب يرفع شعار رحيل الحكومة وإسقاط النهج الاقتصادي والسياسي كتعبير عن مطلب شعبي يرى بشكل واضح أن هذه الحكومة عاجزة عن مواجهة التحديات، بل ويرى فيها حكومة إفقار له، ويطالب بحكومة قادرة على النهوض بالمهمات الوطنية والديمقراطية وإعادة النظر وبشكل شامل بآلية تشكيل الحكومات.