ديفيد كاميرون قدوتنا
انتشرت في الآونة الأخيرة صوراً لمجموعة من قادة الدول الغربية وهم يمارسون طقوسهم اليومية مرفقة بعاصر التشويق والإبهار “الغربي”. من مثل صورة أوباما وهو يتناول وجبة الغداء مع صديقه في مطعم شعبي في هانوي عاصمة فيتنام، مرفقة بتعليق أن أوباما بدون –حرس شخصي- هو من دفع حساب فاتورة الطعام . كما انتشرت أكثر من صورة لرئيس الوزراء البريطاني إحداها وهو يقرأ إحدى الصحف أثناء ركوبه مترو الأنفاق، حيث حصدت هذه الصورة مئات التعليقات التي تتغنى بتواضع ورقي رئيس الوزراء البريطاني.
صورة أخرى لديفيد كاميرون حظيت بنصيب أكبر من التعليقات، وهو يشترى سيارة مستعملة لزوجته مقابل 1495 جنيه استرليني فقط (2148 دولار أميركي)، حيث رأى الناشطون في هذه الصورة دلالة على حجم المسؤولية عند كاميرون في مقابل الفساد المستشري في صفوف “القيادات العربية”.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حظيت هي الأخرى بالإشادة والإطراء من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت لها صور “سيلفي” مع مجموعة من اللاجئين السوريين أثناء زيارتها لمكتب شؤون الهجرة في برلين عاصمة ألمانيا الاتحادية.
أما رئيس الوزراء الكندي الشاب الوسيم جاستن ترودو، فقد تجاوزت شعبيته كل التوقعات، بعد أن قام بنفسه باستقبال اللاجئين السوريين، وأخذ صورة سيلفي مع لاجئة “محجبة”،
لن أتحدث عن أوباما الذي يدعي التواضع وغياب الحرس الشخصي أثناء تناوله طعام الغداء، علماً بأن عدد أفراد الحماية التي تم توفيرها لحفل تنصيب أوباما تجاوزت ال25 ألف شخص. ولن أحدثكم عما فعله هؤلاء القادة المتواضعين وأسلافهم من تدمير للملاجىء والبنية التحتية لبلداننا ونهب ثرواتنا وقتل أطفالنا في العراق وليبيا وأفغانستان والسودان ولبنان وفلسطين. ولن أخبركم عن آلاف الإرهابيين الذين قامت الاستخبارات الغربية بتحريضهم على القتال في سورية من أجل تدميرها وتمزيقها.
هذه الأفعال التي لا يمكن أن تمحوها صورة “سيلفي” مع طفل يصحبها ابتسامة “هوليوودية” تتقنها ميركل وحلفاؤها بطريقة تفوق ابتسامة جوليا روبرتس. ولن يشفع ل”ترودو الوسيم” استقبال اللاجئين السوريين بغناء “طلع البدر علينا” في ظل بقاء كندا مكوناً رئيسياً من حلف الناتو الراعي الرسمي للاستعمار الامبريالي في العالم.. وستبقى صورة ديفيد كاميرون مرتبطة في أذهان العرب بتاريخ البريطانيين الأسود معنا منذ وعد بلفور، مروراً بالعدوان الثلاثي فحرب الخليجالأولى فغزو أفغانستان والعراق والتآمر على سورية وليبيا.
الليبرالية الغربية التي فشلت سابقاً في تسويق مشروعها الغربي لدى الشعب العربي، نتيجة المواقف الغربية من الوطن العربي والقضية الفلسطينية بالذات، تحاول اليوم إعادة تسويق مشروعها من خلال الآلة الإعلامية الضخمة التي تملكها مستفيدة من تراجع مكانة القضية الفلسطينية لدى الشعوب العربية نتيجة ما يسمى بـ “الربيع العربي”، ومستعينة بكمٍ هائل من المنظمات غير الحكومية التي تمولها هذه الدول. وللحديث بقية.