65 عاماً على النكبة
تحل هذه الأيام ذكرى النكبة التي حلّت بفلسطين عام 1948، والواقع أن النكبة بقدر ما هي فلسطينية، تم فيها اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها، فإنها بالمقابل، نكبةً عربيةً لأن الكيان الصهيوني استهدف قلب الأمة العربية وعطّل نهضتها ووحدتها بما يمثله كأداة متقدمة للقوى الاستعمارية الغربية.
النكبة ليست مجرد يوم، بل هي فعل عايشه ويعيشه الشعب الفلسطيني منذ بدايات القرن الماضي، وهو يشاهد أرضه يتم استيطانها ويتم حرمانه من العمل فيها.
النكبة يعيشها الشعب الفلسطيني الآن مشتتاً في مخيمات اللجوء، بكل ما تحويه من معاني البؤس والحرمان، يعيشها محروماً من حقه بتقرير مصيره وبناء دولته المستقلة والعودة إلى وطنه.
إن استحضارنا للنكبة ليس لمجرد الندب والبكاء، بقدر ما هي شحناً لنا من أجل عودة روح المقاومة، ومن أجل توحيد المرجعية للشعب الفلسطيني.
إنها مناسبة من أجل التأكيد على العمق العربي للقضية ومركزيتها في توحيد الأمة، هذا هو درس النكبة واستخلاصها الأكبر.
إن تأكيدنا على حجم الخطر الذي يمثله الكيان الصهيوني على حاضر الأمة ومستقبلها، وأن التناقض معه تناقضاً تناحرياً لا يمكن حلّه بالتفاوض أو بالمساومات هي في صلب الاستخلاصات لدروس النكبة.
إن ما تشهده الأمة العربية من حراكات شعبية تطالب بالتخلص من أنظمة الاستبداد والفساد وأنظمة التخلف والتبعية والارتهان للأجنبي، هذه الحراكات الشعبية أدركت مركزية القضية الفلسطينية في صراعها لذلك طالبت حكوماتها بطرد سفارات العدو، ووقف كل أشكال التطبيع معه، لأنها تدرك أن سعيها لبناء أنظمة ديمقراطية وذات سيادة لا يمكن أن تتحقق إلا بقطع كل أشكال العلاقة مع الكيان الصهيوني وتوفير كل عناصر الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني في نضاله العادل لتحرير وطنه الكامل والناجز.
ولعل وعينا لواقعنا كواقع متخلّف وسعينا لتجاوز هذا الواقع عبر ممارسة النقد والنقد الذاتي، وتكريس العقلانية في التفكير والبحث العلمي، هو مدخلنا للرد على النكبة وأسبابها وتجاوز نتائجها. نحن بأمس الحاجة إلى لغة جديدة نكشف فيها عن واقعنا بدلاً من أن نعمل على حجبه.
إن معيار اليسار يرتبط بدوره لرفض الاستسلام للأمر الواقع، والعمل على تجاوزه قولاً وفعلاً، إن التغيير هو الذي يقودنا إلى الاقتراب أكثر من أهدافنا في هزيمة المشروع الامبريالي الصهيوني ونحو مجتمع حر وسيّد تسوده العدالة الاجتماعية.