مقالات

النكبة هي جريمة القرن الــ 21/ بقلم: حاتم استنبولي

عام 1947 أبلغت بريطانيا الأمم المتحدة بأنها ستنسحب من فلسطين في الأول من آب 1948, وقدمت اقتراح يشكل وجهة نظرها لما ستؤول إليه الأوضاع في فلسطين بعد خروج الاحتلال البريطاني, حيث أقر الاقتراح وتحول لقرار في الجمعية العامة ومجلس الأمن وتحول لقرار 181, والغريب أن ممثل بريطانيا امتنع عن التصويت ورفض الاقتراح من قبل الدول العربية وكوبا واليونان.

إن أية مراجعة تاريخية للأحداث منذ الحرب العالمية الأولى والتي تلاها من تقسيم أماكن نفوذ الدولة العثمانية بين كل من بريطانيا وفرنسا بما يعرف بــ (سايكس بيكو). وكان وزير خارجية  بريطانيا قد وجه رسالة للورد روتشيلد يبلغه تأييد الحكومة البريطانية الكامل لإقامة وطن قومي في فلسطين.

من هذا التاريخ أسس للنكبة الفلسطينية ووضع السيناريو بين الوكالة اليهودية والحكومة البريطانية.  حيث عمل المستعمر البريطاني على تسهيل هجرة اليهود من كل بقاع الأرض إلى فلسطين. حيث كانت نسبة اليهود لعدد السكان 8% في عام 1916. عملت بريطانيا والوكالة اليهودية على تغيير التكوين الديمغرافي لفلسطين بين عامي 1918 و1947 وتغاضت عن المنظمات الإرهابية اليهودية التي تشكلت في فلسطين والتي ارتكبت العديد من الجرائم بحق الفلسطينيين. لقد عمل الاحتلال البريطاني على تهيئة كافة المناخات الديمغرافية والجيوسياسية والسياسية والاقتصادية والقانونية والعسكرية لتصبح النكبة حقيقة واقعية قائمة. فالنكبة هي جريمة سياسية إنسانية أخلاقية قانونية. وكانت كل من بريطانيا والوكالة اليهودية حريصتان على إبعاد العامل الفلسطيني وإلحاقه وإلغائه, لطمس الجريمة وتغيير معالم المكان. ولكن إصرار الشعب الفلسطيني على حقوقه التاريخية وانطلاق ثورته المعاصرة أعادت الأمل في الكشف عن ملامح الجريمة ومرتكبيها. وفشلت كل المحاولات لتصفية الثورة الفلسطينية واستعيض عنها بمحاولة احتوائها من خلال زرع بذور الفتنة بين فصائلها وتقديم مجموعة من الوعود من أجل تغيير العامل الفلسطيني من عامل مناهض للاغتصاب إلى عامل مشرّع له. واستحضر العامل الفلسطيني ووقع أوسلو وتبين أنه كارثة سياسية وقانونية وأخلاقية, حيث شرّع الاغتصاب وألغى الحقوق التاريخية.، وأخرج القضية الفلسطينية من المنظومة القانونية الدولية وفك ارتباطها بالعمق العربي ووضعها في تناحر مع حاضنتها الفلسطينية والعربية. النكبة الفلسطينية لم تنتهي فإن كل يوم يمر على بقاء الشعب الفلسطيني في الشتات هو نكبة تحمل طابع الاستمرار.

إن العودة بالقضية الفلسطينية لموقعها في المنظومة القانونية الدولية كقضية تحرر وطني, وأعادتها إلى عمقها العربي هو الطريق للخلاص من المعضلة القانونية والسياسية التي تعاني منها.

بعد مرور 68 على اغتصاب فلسطين و23 عاماً على اتفاق أوسلو وإقرار قيادة السلطة بفشله.  المصلحة الوطنية الفلسطينية تقتضي بأن تعاد القضية الفلسطينية إلى موقعها في المنظومة القانونية الدولية من أمم متحدة ومجلس أمن والمحكمة الدولية لمطالبتهم بتحمل مسؤوليتهم القانونية والسياسية والأخلاقية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى