نداؤنا

هبّة تشرين…د. سعيد ذياب

القرار اللامسؤول الذي اتخذته حكومة الدكتور عبدالله النسور برفع الدعم عن المحروقات، كان بمثابة صاعق التفجير للغضب الذي عبّر عنه الشعب الأردني بخروجه من كل مدنه وقراه وبواديه ومخيماته، رافضاً ذلك القرار الذي رأت الناس فيه سبباً لزيادة فقرها وبؤسها ومعاناتها، ودللت الحكومة فيه عن انحيازها المفضوح لقوى رأس المال، حينما استسهلت تدفيع وتحميل الجماهير الشعبية عبء سياستها ونهجها، ولم تبحث عن بدائل من شأنها تخفيف العبء عن الفئات الفقيرة.
إن رؤيتنا لهذه الهبة الشعبية وهذا الغضب الأردني العارم، نرى فيه احتجاجاً واضحاً على القرار ورفضاً للنهج الاقتصادي الذي انطلقت الحكومة منه بقرارها، هذا النهج الذي كرس التبعية والارتهان للمؤسسات الدولية، وبدد ثروات البلد، وفاقم من الفساد والهدر في المال العام.
هذه الهبة كانت كذلك احتجاجاً على سياسة اللامبالاة التي مارسها الحكم، وعدم الاستجابة لنداءات الشباب المطالبة بالإصلاح السياسي، وتمكينهم من المشاركة على أسس من العدالة في التمثيل، ووفق قانون ينطلق من روح المواطنة.
إن إصرار الحكم على محاربة التغيير، وإبقاء الحال على ما هو عليه، من فساد واستبداد، وتهميش وإقصاء للقوى السياسية، هذا الإصرار هو الذي حفز الناس للخروج تحت شعار (كفى).
لقد تعامل حزبنا مع هذا القرار وهذه الهبة الشعبية، بانخراطه المباشر مع القوى الشعبية والمشاركة في كافة حراكاتها، انطلاقاً من التزامه ببرنامجه المتمثل بالدفاع عن مصالح الفقراء والكادحين من أبناء الشعب الأردني، والتصدي ورفض سياسة الحيتان التي تتحكم في البلاد والعباد.
ولم يكن دور الحزب مقتصراً على المشاركة المباشرة في الحراك فحسب، بل قدّم رؤيته لمواجهة الأزمة التي تعيشها البلاد، هذه الرؤية التي تنطلق من ضرورة إلغاء القرار واستقالة حكومة عبدالله النسور، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تأخذ على عاتقها مواجهة الواقع الاقتصادي المأزوم، ومغادرة النهج الاقتصادي بشكل كامل، وبحث كافة السبل التي من شأنها تعزيز الاعتماد على الذات، والتحرر من سياسات التبعية.
إن المرحلة التي نعيش هي مرحلة الإصلاح وإعادة النظر بكل السياسات التي أوصلتنا إلى هذه الحالة، الأمر الذي يتطلب منا عدم السماح للحكم بطي ملف الإصلاح من خلال انتخابات أقل ما يقال عنها أنها ستعيد إنتاج ما هو موجود.
وبقدر تمسكنا بالإصلاح، فإننا في الوقت نفسه نرفض العنف ونؤكد على سلمية الحراك مما ينزع الذرائع من أيدي السلطة التي اندفعت في الآونة الأخيرة في ممارسة العنف ضد المحتجين واعتقال النشطاء منهم.
إننا نطالب وبشكل قوي كافة القوى السياسية والشعبية المعنية بإنجاز مرحلة الإصلاح بالتوحد وفق برنامج ناظم لحركتها وسعيها من أجل التغيير الوطني الديمقراطي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى