ظاهرة اللامساواة في المجتمعات

تُعتَبَر هذه الظاهرة من أوضح تجليات العولمة والاقتصاد الحر، وهي بقدر ما هي نتيجة للنظام الرأسمالي، فهي سبب لظواهر أخرى، مثل الفساد وإدامة الفقر والصراعات الاجتماعية، لأنها – كما تعلمون – تعني تمركز الثروة واستئثار فئة قليلة بالناتج القومي.
اعتقد البعض أن ارتفاع معدل النمو من شأنه معالجة اللامساواة، إلا أن النتائج أظهرت تركز الثروة لدى نسبة قليلة من المجتمع، فقد بيّنت الوقائع عدم صحة هذه المقولة، وأن ارتفاع معدل النمو لا يستفيد منه إلا شريحة قليلة، وهي الفئة الثرية.
يرى بعض المحللين أن تفاقم هذه الظاهرة مردّه كذلك إلى تراجع الحراك الشعبي، بل وانعدامه، مما أطلق يد الفئات المتحكمة في عملية النهب، وقاد إلى تغوّل الفئة الرأسمالية.
حتى في فترات الأزمات الاقتصادية، فإن الرأسماليين، بدلًا من التعامل مع الأزمة بنوع من المسؤولية الاجتماعية، يلجؤون إلى تخفيض أجور العمال مقابل زيادة رواتب المديرين وتعظيم أرباح الشركات.
والأمر المؤكد أن السياسة الضريبية المُحابية للأثرياء، من خلال الاعتماد على ضريبة المبيعات وعدم انتهاج ضريبة الدخل التصاعدية، تُبقي الباب مفتوحًا على مصراعيه لتفاقم ظاهرة اللامساواة.
حتى شبكة الأمان الاجتماعي القائمة، وما يعتريها من عيوب، عزّزت أكثر من اللامساواة.
إن ظاهرة اللامساواة من أخطر الظواهر، وتركها بدون معالجة يعني ترك الأمور لمزيد من الاحتقان والقابلية للانفجار.