التغيير
نتحدث كثيرا في حواراتنا عن التغيير ولكننا قليلا ما نذهب لتحديد ماهية هذا التغيير وما هي موجباته وما هي العوامل التي تعرقل حصوله، وما هي نقطة البدء في احداث التغيير.
عندما يحدث الطغيان وتصادر الكلمة وتصبح عملية التعبير عن الرأي مسالة يعاقب عليها القانون لمن يمارسها فهذا يشير الى انشغال الشعوب عن القضايا العامة بمسألتين المعيشة والترفيه، وهذة تتوافق مع ثنائية الخبز والالعاب التي اطلقها جوفينال الشاعر الروماني في فترة الانحطاط للامبراطورية الرومانية، عندما كان الرومان مأخوذين بالمتع الحسية من مأكل وشرب وبالالعاب.
يقول هذا الشاعر كما ورد في كتاب(نظام التفاهة ) اعط الناس ما يحتاجون خبزا وسيركا، فهي الوسيلة الانجح للالهاء المنظم الذي تقوم به الحكومات، لدفعه عن الانشغال في الشؤون العامة.
والا كيف نفسر انشغال الشعوب بكرة القدم في الوقت، الذي يتعرض شعبان عربيان لبنان وفلسطين للدمار والابادة، وتنشغل الناس في اشباع رغباتها الاستهلاكية، وهما يعانيان من الحصار والمجاعة.
هنا ياتينا السؤال الاهم كيف نتجاوز هذا الواقع ونحدث التغيير.
ما هو التغيير الذي نريد؟
تتعد تعريفات التغيير لكنها تتوافق في جوهرها باعتباره الانتقال من الواقع الحالي الى واقع اخر منشود ومرغوب وتتوافق علية القوى صانعة التغيير.
ويرتبط التغيير بوجود مصلحة للناس في حدوثه، ولكن بالاضافة الى المصلحة فإن الملل حسب رأي الاستاذ سعيد ناشد يلعب دورا مهما فى ذلك فالرتابة فى الاشياء وتكرار الفعل يخلق حالة من عدم الجدوى وبالتالى الملل والرغبة في التغيير، فعلى سبيل المثال شعور الناس بأن الانتخابات لا تحدث شيء جديد يقود الناس الى حالة من الملل وبالتالي العزوف عن المشاركة فى الانتخابات.
فالملل هو شعور عاطفي يتيح لك معرفة انك تفعل شيء لا تشعر بالمتعة العقلية ولا يمنحك احساسا بالرضا.
يرى بعض الباحثين ان نقطة البدء في التغيير تنطلق من تغيير الذات، تغيير التفكير، والسلوك،والتعامل مع الاخرين،تغيير الذات يفتح لك أبواب واسعة للتغيير العام.
واعتقد ان تغيير الذات يتحقق عندما نكون قانعين بوجوب التغيير.
ان حالة الانحطاط الذي تعيشها امتنا وسياسة التغييب للجماهير التى يمارسها حكام مستبدين تجعل من مهمة التغيير مهمة ملحة وضرورية.
ان الهجمة الصهيونية والامريكيه التي تتعرض لها شعوبنا وامتنا، وما نعيشه من ازمات معيشية وسياسية، وما يشهده العالم من ثورة في التكنولوجيا، وادراك لاهمية مؤسسات المجتمع المدني، عوامل تضع على كاهلنا افرادا وجماعات البحث عن التغيير.
باتت حالة المراوحة وسياسات الالهاء وسياسة الترهيب اعباء شديدة يجب علينا التخلص منها، والسير حثيثا نحو مرحلة جديدة.
ان ما نشهده من تخلي واضح للحكومات العربية عن دورها في دعم واسناد الشعب اللبناني والفلسطيني في تصديهم الشجاح للحرب الاجرامية التى يشنها العدو الاسرائيلي، بقدر ما يعكس من انتقاص لشرعية تلك الحكومات فانها تؤكد على الوجوب الشعبي لدخول مرحلة التغيير.