بيان صادر عن المؤتمر الوطني للحقوق والحريات
الحقوق المكفولة بالدستور لا تجزأ ولا تستجدى
ونرفض النهج العرفي الذي يقود البلاد الى المزيد من الأزمات
تابع المجتمع الأردني باستغراب شديد حالة الاستعجال غير المبررة لتمرير مشروع قانون الجرائم الالكترونية المثير للجدل، والذي يعتبر الاسوأ والأخطر على الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة في تاريخ الدولة الأردنية.
هذا القانون الذي يعيد البلاد الى مرحلة الأحكام العرفية بل وأكثر منها تراجعاً وتشديداً للقبضة الأمنية، وذلك من خلال التضييق على الناس وقطع الطريق عليهم لتوجيه نقد لأي شخص أو جهة تتولى المسؤولية، وهو ما لا يمكن فهمه الا في إطار أن هذا القانون الذي دبر بليل جاء لخدمة شريحة طبقية فاسدة ولحماية مصالحها، والتي أوصلت البلاد الى أزمة عميقة على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هذه الشريحة الحاكمة التي أوصلت البلاد الى مديونية ما يقارب (40) مليار دينار، وتوسع ظاهرة الفقر والتي وصلت الى نسبة (35٪) من الأردنيين، ونسبة بطالة وصلت الى (24٪)، وتعميق حالة التبعية والارتهان للمؤسسات المالية الدولية، وتوقيع اتفاقيات ومعاهدات مع الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية تتعارض مع المصالح الوطنية لشعبنا الذي لم يكن يوماً الا في خندق الدفاع عن عروبة الأردن والحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني.
إن تمرير هذا القانون دون حوار وطني تشارك به الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، وارساله قبل ساعات معدودة من انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، وحتى دون نشره على موقع ديوان التشريع، يطرح عدة تساؤلات لماذا الآن؟ وما هي الاستهدافات التي يسعى لها من صاغ القانون ودفع به بهذه السرعة لمجلس الأمة وتمريره بهذا الوقت القياسي؟ إننا في اللجنة التنسيقية لسحب قانون الجرائم الالكترونية، والتي تضم في صفوفها أحزاب سياسية تعكس التنوع السياسي والفكري، ومؤسسات مجتمع مدني، وكتاب وصحافيين وشخصيات وطنية، طالبنا منذ البداية وما زلنا نطالب بسحب هذا القانون الذي نرى فيه ليس فقط تكميماً للأفواه وقمعاً للحريات، وإنما اضراراً حقيقياً بالمصلحة الوطنية العليا للدولة الأردنية،في ظل ما نشهده من تراجع ملحوظ في سلم الحريات خلال السنوات الأخيرة، ونرى أن استمرار الضغط سيقود الى انفجار اجتماعي نحذر من وقوعه ونتائجه.
كما أننا ندين السلوك الذي مثله مجلس النواب ومجلس الأعيان بالتصويت على قانون لم يتم مناقشته مع أي جهة، ولم يعطوا حتى لأنفسهم الفرصة لقراءته، ونسجل التقدير لكل الأصوات التي وقفت ضد مشروع القانون وطالبت برده وفتح حوار مجتمعي للوصول الى توافق على تشريع قانون لا يصادر الحريات ولا يكمم الأفواه ويضبط كل التجاوزات التي قد تحصل في الفضاء الالكتروني.
إن مطلب قطاعات عريضة من الشعب الأردني وقواه الشعبية هو العودة عن هذا القانون وسحبه ووقف التعدي على الحريات العامة إذا كان هناك توجه حقيقي لتحديث المنظومة السياسية والوصول الى برلمان يعكس التنوع داخل المجتمع الاردني، وصحافة فاعلة غير مرعوبة قادرة على تعرية الفساد والفاسدين، ودون ذلك لا يمكننا فهم ما هو مطروح عبر هذا القانون الخطير، الا بمزيداً من الضغط على الأردنيين من أجل تمرير أجندات سياسية للمرحلة القادمة. ومن أجل ذلك نطالبكم بسحب هذا القانون، لأن الشعب الذي أسقط المعاهدة الاردنية البريطانية،وأسقط حلف بغداد ورفض الأحكام العرفية، قادر على إسقاط هذا القانون.
عمان في 4/8/2023
المؤتمر الوطني للحقوق والحريات