آراء ومقالاتمقالات

(الديمقراطية منظومة متكاملة)

لست في صدد الحديث عن بنية وتركيبة لجنة تطوير منظومة الحياة السياسية، لكن توزيع اللجان التي تمت داخل اللجنة، أسقطت من اعتبارها العنوان السياسي، وهو العنوان الأهم.

وهذا مدعاة للتساؤل هل وظيفة هذه اللجان فنية فقط؟

توزيعة اللجان في لجنة تطوير منظومة الحياة السياسية ملفته للنظر في عدة مسائل التي وبتقديري انها بحاجة للتأمل، وطرح أسئلة على بعض اطراف اللجنة مطلوب الإجابة عليها، فعلى سبيل المثال:

لم تحدد اللجنة الإطار السياسي الذي ستنطلق منه، من أجل صياغة  تصوراتها وبناء مشروعها للمرحلة القادمة.

و اعتقادي أن المسألة ليست عفوية،بل مبنية  على قاعدة “عفى الله عن ما مضى” ، فإذا لم تقرأ المرحلة السابقة منذ معاهدة”وادي عربه “ولغاية اللحظة على الاقل تكون المسألة أشبه بمن “يغمس خارج الصحن”، وهناك جملة من الأسئلة يجب طرحها قبل العمل على تشكيل لجان على شاكلة:

لماذا تعثر الاصلاح السياسي في البلاد عبر العقود الثلاثة الماضية؟

ومن هي الجهات التي تعيق عملية الإصلاح؟

هل يمكننا تجزئة التشريعات التي تتعلق بمنظومة العمل السياسي، الحريات العامة والديمقراطية، المواطنة… الخ.

 هل يمكن إنجاز قوانين  دون مراجعة شاملة لمجمل السياسات الاقتصادية، التي أوصلت البلاد لمديونية وصلت 50مليار دولار، وما لها من انعكاسات اجتماعية وثقافية على المجتمع؟

 الا يعد تزوير الانتخابات وهندستها بما يخدم شرائح طبقية بعينها، جزأ من منظومة الفساد؟

كيف يمكن للجنة تضع على عاتقها تطوير قانوني منظومة القوانين ومنها قانوني الأحزاب والانتخابات أن تغض الطرف عن الفساد المالي والإداري المستشري في المؤسسات؟

 وكان الأولى بأعضاء  لجنة تطوير منظومة  القوانين أن يطالبوا بلجنة تحت عنوان “السياسات”، ويأكدوا على المحددات التي يبنى عليها الحوار وان تقرأ واقع اللجان السابقة التي شكلت ومخرجاتها واين ذهبت؟ أليس من الضرورة بمكان قراءة أسباب التراجع الممنهج عن عملية الإصلاح ولماذا لم ينجز؟

صحيح ان الاردن يعيش أزمة مركبة، لكن بتقديري كانت المحطة الأخطر هو الالتحاق بركب التسوية وبالتالي الإغراق في التبعية والارتهان للمؤسسات المالية الدولية وازدياد المديونية لتصل لأرقام فلكية. كذلك العودة لسياسة المحاور التي أضرت بالمصالح العليا للدولة الاردنية.

لا يمكننا إنجاز اية إصلاحات اوالحديث عنها دون نقد حقيقي لكل الأخطاء التي أوصلتنا لما نحن عليه.

كيف لنا أن نثق بمخرجات هذه اللجنة ومهما كانت على الجانب النظري إيجابية، دون الحديث عن  تراجع منسوب الحريات والديمقراطية، ووجود جملة من القوانين التي تحد من عمل الأحزاب مثل قانون الجرائم الإليكترونية وغيره من القوانين، التي باتت مسلطة على رقاب الحزبيين والنشطاء السياسين.

 والعمل على ضرب القوى المنظمة؟ وكيف لنا أن نتحدث عن قانون أحزاب،في ظل تدخل حكومي سافر ووجود وزارة “معادية” للعمل الحزبي؟

اعتقادي انه من الأجدى  في “المحددات”بانه لا يمكن الحديث عن قانون للاحزاب، في ظل وجود مثل هكذا الوزارة.

وبدل الحديث عن لجان معظمها لا تعني شيئا، تشكيل لجنة تضع محددات للاليات التي سيتم فيها  العمل الحزبي مثل التفكير بتشكيل لجنة، تعني بشؤون الأحزاب مكونة من ممثلين عن ألاحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية  ومؤسسات مجتمع مدني… الخ.

كيف لنا أن نقبل الدخول   في حوار وتشكيل لجان دون حسم العديد من القضايا مثل التعريف لمفهوم الديمقراطية وكيف تقرأه السلطة وكيف نفهمه نحن؟ بدل اللجان المشكلة والتي تشعر وان تقرأ أسمائها وأسماء أعضائها، بأنها بنيت على عجل.

 كان من المهم على أعضاء اللجان المشكلة من داخل اللجنة أن يخرج علينا أحدهم ليقول لنا،أن  تركيبة هذه اللجان أبقت مفاتيح اللعبة بيد السلطة.

 وكيف تقرأ اللجنة المشكلة الحوار حول قانوني الأحزاب والانتخابات دون أن تضع محددات أساسية،وكيف يمكن البناء على المخرجات دون أن يكون الهدف من الحوار هو تطوير المؤسسات الدستورية التي تم تهشميها خلال السنوات الماضية.

الأهم بتقديري الذي أريد إيصاله لا يمكن تجزئة  المسائل، فالديمقراطية لا تعني فقط صندوق الإقتراع بل هي منظومة متكاملة تبدأ  بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والحق في تأليف الأحزاب والنقابات والجمعيات والفصل بين السلطات والسعي لتمهيد الطريق للتداول السلمي للسلطة. 

ان العديد ممن كتبوا عن تركيبة اللجنة حددوا  وبشكل واضح ان جوهر الأزمة سياسي،وان هناك تداخل في الصلاحيات وتعدد المرجعيات، فعلى سبيل المثال، تشكيل لجنة للبحث في  قانون الإدارة المحلية والموضوع  في نفس التوقيت مطروح، على أجندة مجلس النواب،الا يعني ذلك تداخل في الصلاحيات مابين اللجنة والبرلمان!!!

ولنفترض انه ظهر تباين بين موقف اللجنة وموقف البرلمان، فلمن الغلبة؟

تقديري أن العدد الكبير لهذه اللجنة أدى إلى خلق لجان لا أهمية لها من وجهة نظري، مثل لجنة تمكين المرأة ولجنة للشباب، اليس من الأجدى بدل أن تناقش هذه المسائل منفردة أن تكون ضمن قانون الانتخاب؟

كيف يمكن الحديث عن دور للشباب وانت تقطع الطريق أمام الاتحاد الوطني لشباب الأردن أو اتحاد عام للطلاب.

أنا لا أرى في تشكيل هذه اللجان، سوى تدوير للزوايا، وللعلم نحن في ذلك لا نكتشف العجلة.

معظم قوانين الانتخاب في العالم تعطي المرأة الحق من خلال القانون، فهي تحدد نسب في إطار قانون الانتخاب تصل بعضها ل50٪ للمرأة واين يكون ترتيبها في القوائم، وليس كما تفتق ذهن وزارة الشؤون السياسية عن كم هو نصيب الحزب المالي في حال مشاركة المرأة في القوائم التي يعرف جيدا بأنها مبنية على  قانون الصوت الواحد.

وكيف يمكن للمراقب الذي يرى تركيبة اللجنة المختصة بقانون الأحزاب وعندما يدقق في بعض الأسماء، يجد ان بعضها ليس له علاقة بالعمل الحزبي.

أيها السادة:

ان اجمل وأرقى القوانين لا يمكن أن تخلق بذور ديمقراطية دون إرادة سياسية جادة،نستطيع من خلالهاالولوج لبناء عملية سياسية

حقيقية.

ان الإقرار بوجود أزمة هو المدخل لحلها، لكن إدارة الظهر لجملة الأزمات والاحتقانات والتوترات الاجتماعية التي تعيشها البلاد وإدارة الظهر لها وكأنها ليست قائمة، فهو يعززهاوهذا مانراه اليوم، وذلك من خلال الذهنية التي لا تريد قراءة مجمل المشهد وتكتفي بالجزئيات على حساب الكل، وهذا ما رأيناه في تسمية وتوزيع اللجان.

المصدر
عماد المالحي / عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية ومنسق حملة "صوت العمال "
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى