آراء ومقالاتمقالات

منع مسلسل أم الدراهم من العرض يكشف زيف ادّعاء الجهات المعنية

بينما كان ينتظر الأردنيون عملًا درميًّا محليًّا جديدًا، وقد يكون من الأعمال الدراميّة الأردنيّة القليلة في شهر رمضان، حيث اعتاد الناس على متابعة الأعمال الداراميّة العربية، والتي في مجملها تحاكي واقعًا اجتماعيًّا سياسيًّا بالضرورة، قرر التلفزيون الأردني منع عرض مسلسل حمل اسم “أم الدراهم” بعد أن كان من المُزمع عرضه على القناة الرسمية.

إن هذا القرار والذي علّله المدير العام للقناة بأنه جاء بناءً على تقييم اللجان المختصة، والتي رأت أو أُملي عليها بأن هذا العمل غير مناسب للعرض، لكونه يحمل “دلالات سياسية و/ أو ايحاءات جنسيّة”، وكما جاء في معرض الردّ على أحد القائمين على المسلسل وهو الفنان ساري الأسعد، نقيب الفنانين السابق.

صحيح أنني لم أشاهد مضمون هذا العمل وإلى ما يرمي إليه، ولكن استوقفتني طريقة تعاطي الجهات التي أوصت بمنع عرضه، ولكن لو افترضنا أنه يحمل ويرمز إلى دلالات سياسية فهذا السبب وحده مدعاة للسخرية، فهل ثمة عمل لا يحمل أي فكرة، فالعمل يجب أن يترك لدى المتلقي فكرة وإلا سيكون عملًا سخيفًا بلا أي معنى.

والغريب في الأمر أن ذات الجهات، والتي من المفترض أنها تعمل كحلقة واحدة يُكمل بعضها الآخر من خلال التنسيق، هي ذاتها كانت تدّعي بأن الفن لا يجب أن يُحاكم سياسيًّا، وهي نفسها التي منعت أو أوصت بمنع عرض المسلسل؛ ثم أنه هل من المنطق أن يقوم فنانون كالقائمين على العمل بأدوار خارجة عن المألوف؟!، فسيرتهم الفنيّة على الأقل لا توحي بذلك.

ثم إن الجهات نفسها التي تراقب وتجيز عرض الأعمال الفنية، بعضها تخلّى عن مسؤولياته الفنيّة والأخلاقيّة، ففي العام 2017 أجازت هيئة الاعلام المرئي والمسموع عرض فيلم المجندة الصهيونية غال غادوت في دور السينما الأردنية، على الرغم من الاحتجاجات العربية وقرارات مقاطعته في العديد من الدول التي عُرض عليها، وعلى الرغم من أنه يحمل العديد من الدلالات التي تخدم العدو، والتي أراد وقتها ان يُظهِر تلك المجندة التي شاركت في الحرب على لبنان عام 2006 ودعمت الحرب على غزة عام 2014، كان هذا الفيلم يريد أن يسوّقها على أنها المرأة خارقة الجمال وليقدمها نموذجًا للسلام!

وفي مثال آخر، كانت قد تخلّت الهيئة الملكية للأفلام عن مسؤولياتها عندما اعطت تصريح لشبكة نتفليكس الأمريكية لتقوم بتصوير مسلسل في أواخر العام 2018 في عمان ودون أن تنظر إلى محتوى ما سيتم تصويره، وقتها طلبنا ولأكثر من مرة الهيئة أن تجيب على عدة اسئلة أهمها حول رمزية وجود “تل أبيت” في المسلسل، ولماذا تم اختيار تصوير مناطق في عمان على أنها في “تل أبيب”، وأمام هذا التخوّف وضعنا المسؤولية كاملةً على عاتق الهيئة والجهات التي سمحت بالتصوير، فيما لو تم الإساءة إلى الأردن بأي طريقة، ومع ذلك لم تنظر تلك الجهات إلى مضمون ما تم تصويره!

لماذا يُعامل الفنان الأردني أو الطاقم المسؤول على أنه مُتهم أو غير مؤتمن في حين يتم فسح المجال للجهات الأجنبية لتفعل ما تريد؟! ثم أين نقابة الفنانين الاردنيين وباقي اللجان الثقافية مما يجري، فالاصل أن يكون لها دور مسؤول في الدفاع عن الأعمال الفنية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى