بيانٌ ونداءٌ مشترك يدين الإختراق التطبيعي الخطير في خاصرة الوطن الجنوبية
يستمر مسلسل الترويج للتطبيع الشعبي مع الكيان الصهيوني وبغطاء رسمي وفرته معاهدة وادي عربة والحكومات المتعاقبة المنفذة لبنودها، من خلال محاولات اختراق كافة مرافق المجتمع الأردني وقطاعاته، فبعد أن جرت محاولات للتطبيع الثقافي والسياحي والرياضي والفني، وكلها استنكرها واستهجنها شعبنا الأردني الأبي وهيئاته الشعبية المختلفة وبشكل خاص المناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، تأتي المحاولة الأخيرة والبائسة لتحقيق اختراق تطبيعي خطير بما يحمله من دلالات المكان والقطاع الاجتماعي المستهدف لاختراقه ومحو وعيه وكي ذاكرته الشعبية، التي رفضت دوماً مبدأ القبول بالتعامل مع العدو الذي احتل الأرض العربية الفلسطينية وشرد شعبها وجاء بمستوطنين من شتى بقاع المعمورة ليُسكِنَهم فيها ويوفر لهم مقومات استغلال وسرقة ثروات أرضنا المغتصبة وبيئتها الغنية، وليقدمهم لنا بصورة الجيران الطبيعيون الذين “يتدفقون إنسانية”، وأنهم أناس عاديون يشبهوننا ونشبههم وينزع عنهم صفة المغتصبين لحقوق شعبنا العربي الفلسطيني، ويخفي حقيقة أنهم جيشاً وجنوداً من المستوطنين المحتلين الذين يرتكبون من خلال مؤسسات كيانهم الأمنية والعسكرية الجرائم والمجازر بحق شعبنا العربي الفلسطيني فوق كل بقعة من أرض فلسطين التاريخية، وأنهم وكيانهم الصهيوني يمثلون تهديداً مستمراً لأمن وسيادة واستقرار الأردن.
يأتي هذا الاختراق التطبيعي الجديد تحت مسمى مشروع “يسلمو إيديك” بين صهاينة من مستوطنة “عيدان” المقابلة لمنطقة غور الصافي جنوبي البحر الميت، وهي واحدة من شريط المستوطنات المزروعة على طول الشريط الحدودي بين جنوب فلسطين وجنوب الأردن، وبموجب هذا “المشروع” الذي أسسته مجموعة من المُستَوطِنات وتحت مسمى “التعاون وتبادل الخبرات في المصنوعات اليدوية” من المواد المتوفرة في بيئة المكان، كصوف الماعز والأغنام وغيرها، يهدف لتحقيق “الشراكة والإبداع في تطوير الأعمال اليدوية” و”تنمية وتسويق هذه المنتجات”، وتوفير دخل للنساء الأردنيات العاملات والمشتركات فيه للإنفاق على عائلاتهم. وقد نشرت العديد من الفيديوهات التي بينت بشكل جلي الأبعاد التي وصلها هذا الاختراق، إلى درجة التعامل مع المُستوطِنات الصهاينة المحتلين كجيران وصديقات، يمكن العمل معهن في مشاريع توفر فرص عمل “تعود بالدعم المادي” على النساء الأردنيات، متناسين جذر الصراع الوجودي مع هذا الكيان، وحقيقة علاقة التبعية له التي يعمل على تكريسها مع كل المحيط العربي.
إننا في الوقت الذي ندين ونرفض فيه كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، أياً كانت الجهة المتورطة فيه، فإننا ندين ونرفض كذلك استغلال حالة العوز والفقر لقطاع مهمش من شعبنا لتمرير التطبيع على المستوى الشعبي.
إن اختيار المنطقة التي وقعت فيها معاهدة الذل والعار وسميت باسمها، منطقة وادي عربة، ليحمل أبعاداً رمزية خطيرة تستدعي “حملة وطنية واسعة لمناهضة التطبيع”، وهذه الأفعال من ضمنها، وتحميل المسؤولية في المقام الأول للحكومة الأردنية الغائبة عن القيام بمسؤولياتها تجاه الفقراء والمهمشين والمنسيين من أبناء شعبنا وتركهم لمصيرهم، وعدم تقديم ما يحتاجه هؤلاء لتنمية اوضاعهم الاقتصادية وتحصينهم من الفقر والعوز الذي قد يدفع بعضهم وبدون وعي للمشاركة في فعلٍ لا يدركون خطورته وأبعاده وما سيترتب عليه لاحقاً.
وتمادياً في تجاوز تاريخ الشعب الأردني المشرف في مقاومة المشروع الصهيوني والتحام نضالات الحركة الوطنية الأردنية والفلسطينية، فإن الحكومات المتعاقبة منذ توقيع معاهدة وادي عربة لم تتوقف عن محاولات تطويع المجتمع الأردني وحمله على التطبيع التدريجي، في ظل سياسة حكومية منهجية امتدت لربع قرن عملت على تدوير الزوايا وتبهيتٍ لأبعاد الصراع الوجودي مع الكيان الصهيوني المحتل، عملت هذه الحكومات وعبر مجموعة من المصفوفات الموجهة، وبشكل حثيث، لإدخال مفاهيم “التسامح” و”التعايش” و “التعاون” مع هذا العدو الذي اغتصب الأرض وشرد الشعب ولا يزال يتسبب في استمرار الكارثة والنكبة للشعب العربي الفلسطيني منذ أكثر من سبعة عقود، مارس خلالها، وما زال يمارس، القتل والاعتقال والتنكيل بالشعب، والسلب والتهويد للأرض، والنهب للمقدرات والمصادر الطبيعية.
من الجدير الإشارة إلى أن مستوطنة “عيدان” التي تقطنها مجموعة النساء المُستوطِنات الصهاينة القائمة على مشروع “يسلمو إيديك”، تبعد مسافة تقل عن كيلومترين عن الحدود الأردنية الفلسطينية، أنشأت في العام 1980 لإسكان مستوطنين يهود هاجروا قادمين إلى فلسطين المحتلة من كندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وجنوب أفريقيا، وتنتمي هذه المستَوطَنة لما يعرف ب”الموشاف”، وهو شكل من “التعاونيات الصهيونية” تشبه “الكيبوتسات” وتختلف عن الأخيرة في طبيعة البنية والتنظيم، لكنها تقع في صلب البناء الهيكلي للمشروع الاستيطاني الاستعماري الصهيوني لتكريس سلبواحتلال الأرض العربية الفلسطينية.
نحن، الهيئات الموقعة على هذا البيان – النداء، نُحَمل المسؤولية أولاً للحكومة ومؤسساتها ووزاراتها المعنية المقصرة عن قصد في حماية هذه القطاعات الشعبية الفقيرة وضمان حياة كريمة لها، ونحملها كذلك المسؤولية في دورها بتسهيل وتشجيع هذه النشاطات التطبيعية، ونتوجه للنساء من أبناء شعبنا في غور الصافي بعدم تمرير أي ممارسة تطبيعية والحذر مما يجري من تحت اقدامهن، وخطورة ذلك عليهم وعلى المجتمع الأردني برمته، وما يشكله ذلك من وصمة عار بسبب التعامل مع مُستوطَنات “إسرائيلية” مغتصبة للحق العربي، تشكل ركناً أساسياً في المشروع الصهيوني الاستعماري الاحتلالي.
فلنعمل من أجل أوسع حملة وطنية لمناهضة التطبيع وإعادة الاعتبار لثوابت الصراع مع العدو الصهيوني.
الموقعون:
– اللجنة الوطنية لشؤون المرأة
– رابطة المرأة الأردنية – رما
– اتحاد لجان المرأة الفلسطينية/ فلسطين
– المكتب النسائي للحزب الشيوعي اللبناني/لبنان
– مكتبة أزبكية عمان
– شبيبة حزب الوحدة الشعبية
– تجمع “اتحرك” لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع
– جمعية مناهضة الصهيونية
– الأردن تقاطع (BDS)
– العربية لحماية الطبيعة
– كتلة التجديد العربية الطلابية
– مجموعة نقش الثقافية
– د. أحمد العرموطي / نقيب الأطباء سابقاً رئيس اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع
– د. سلمى النمس /رئيسة اللجنة الوطنية لشؤون المرأة وناشطة نسوية
– مها الخطيب / وزيرة سابقة
– ام المؤمنين يايا/ تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الانسان (codesa)/الصحراء الغربية
– كوريا رباح / المنتدى النقابي النسوي/ العراق
– طيبة سعد / عضو مكتب اتحاد الشبيبة الديمقراطي/ العراق
– مروة سعد / سكرتير حراك انتفضي/ العراق
– اميمة عماد الدين/مهندسة زراعية / مصر
– المحامي عمر العطعوط / ناشط سياسي
– محمد البشير / نقيب مدققي الحسابات سابقاً
– حسين ياسين / قطاع المكتبات
– محمد عثمان ميلاد
– يوسف قويدر
– نجاتي الشخشير
– سناء جميل هلسة
– يمنى أبو حسان
– زهور جمجوم
– محمد أبو عريضة / صحافي
– محمد عرابي
– خالد ناجي الزعبي
– محمد موسى عوض
– عماد زيتون
– العميد المتقاعد/ ناجي الزعبي
– د. مازن حنا
– د. سليمان صويص
– الصحفية هبة ابو طه
– المهندس علاء ابو عواد
ملاحظة: التوقيع متاح ومرحب به للهيئات أو الأفراد الذين يرغبون بذلك كل ما عليكم فعله هو نسخ النص وإضافة اسم الهيئة أو الشخص ونشره أو بالضغط على الرابط المرفق أدناه.
https://forms.gle/19NQMRoNKFrgoqNT7