انفصال المسؤول عن الواقع، أم البحث عن شعبوية زائفة؟
اعتبر رئيس الوزراء الأسبق هاني الملقي أن الطريقة الجديدة لاحتساب الدين العام التي استثنت ديون صندوق استثمار الضمان الاجتماعي تجميلية لا تحدث فرقا، وأن الطريقة الجديدة لاحتساب الدين العام تجميلية لا تحدث فرقا، وأن الفرق في المديونية هو القدرة على السداد ” فإذا استطعنا أن نرفع حجم المديونية لإحداث صدمة اقتصادية تحقق أهداف النمو بزيادة الناتج المحلي الإجمالي فهذا سيوصلنا الى نقطة التوازن.
وتساءل الملقي: لماذا لا تضم مديونية الكهرباء وهي دين سياسي الى هذه الحسبة بدلا من تحميله على تكلفة الكهرباء التي يدفعها المواطن والصناعي والتاجر والمزارع وهي سبب ارتفاع فاتورة الكهرباء؟”
ودعا الملقي الى أن يكون هناك توافقا يركز في كل سنة على تنمية قطاع معين بدعمه وتطويره وتوجيه الإنفاق الرأسمالي نحوه، وقال كيف يمكن تطوير الزراعة من دون توفير المياه وكيف يمكن تطوير الصناعة من دون تخفيض تكلفة الطاقة، مشيرا الى أنه بإمكان الحكومة توفير فائض القدرة التوليدية بأسعار مناسبة للمصانع بدلا من أن تدفع الخزينة تكلفتها من دون عوائد.
وأضاف أن الهدف من دمج المؤسسات المستقلة هو تقليل الكلف على الخزينة وتيسير العمل ومرونته والحد من تشابك وتنازع الصلاحيات ولم يكن الهدف في يوما ما هو تقليل أعداد الموظفين بل تقليل الرواتب المرتفعة التي تميز الشرائح العليا في هذه المؤسسات حتى لا يبقى المواطن يشعر بالظلم.
وأكد أن الفساد الكبير بائن لكن المشكلة هي في الفساد الصغير الذي يشبه دودة الشجر ينخرها الى أن تتهاوى دون أن نشعر.
وأقر الملقي بأن هناك إجحافا في بعض اتفاقيات شراء الطاقة وهو ما يجب مراجعته لتحقيق العدالة وقال إن ما يعيق الاستثمار هو ارتفاع تكلفة الطاقة والعمالة وان المستثمر يبحث عن التكاليف في كليهما.
هذا ما نقله احد المواقع الاخبارية، على لسان رئيس الوزراء الأسبق هاني الملقي، والذي أسقطه الشارع، نتيجة قراره برفع الضرائب.
المستغرب والمستفز، في أن معاً، أن هاني الملقي يمتلك هذه الأفكار، فلماذا لم يقم بإجتثاث الفساد الصغير والكبير؟
ومن الذي منعه من القيام بحل، أو دمج الهيئات المستقلة كما يطالب؟، ولماذا لم يبادر بتخفيض الرواتب المرتفعة للشرائح العليا؟
ولماذا في عهده الميمون ارتفعت الضرائب، وانضبط بالمطلق لوصفات صندوق النقد الدولي، وبدون أدنى اعتراض؟
ألم ترتفع المديونية في ظل حكومة الملقي بأكثر من 2مليار دينار!!!
ومادام الرئيس هاني الملقي يتفق مع الرأي القائل، والذي رددناه على مدار سنوات، بتخفيف الكلف التشغيلية التي تفرضها الحكومات على الصناعة والزراعة، فمن الذي منعه من التنفيذ؟
هذه الأسئلة موجهة ليس لهاني الملقي لوحده، بل لكل مسؤول، يمارس حالة افقار ممنهج ضد الشعب المغلوب على أمره؟
والذي تسقط عليه حكومات لا يعرف لماذا جاءت ولا الآلية التي خرجت بها.
إن الحكمة بأثر رجعي لاقيمة لها، وكان على الملقي، إذا كانت هذه قراءته وتوجهاته، أن يقول اويصارحنا لماذا لم ينفذها؟ ويقول لنا من هي القوى التي اعاقت تنفيذ رؤاه؟ عدا ذلك تبقى المسألة لاقيمة لها.
وكان بإمكان دولة الرئيس أن يتحدث وبكل شفافية بأن الحكومات لم تعد تمتلك الأهلية، بعد أن فقدت وبارادتها، الولاية العامة، وأنها أي الحكومات، ليست أكثر من أداة لتنفيذ النهج السياسي والاقتصادي السائد،الذي أوصلنا لما نحن عليه، مع قناعتنا بأنهم جزأ من هذا النهج.
أخيراً وليس أخراً، لا قيمة حقيقية لما قاله هاني الملقي، لأنه وباختصار شديد كان بإمكانه تطبيقه، غير ذلك لا يمكن فهم ماقاله إلا أنه “فشة الخلق”.
ماجاء في ما قاله الملقي، يؤكد لنا أن المسؤول في بلادنا، بعد أن يتقاعد أو يُقال، يبدأ بتقييم ونقد من بعده (وهم بالمناسبة كوارث إضافية)، وامتدادا لحكومة الملقي والحكومات السابقة.
نحن بأمس الحاجة إلى مكاشفة ونقد ومصارحة حقيقية، وبكل وضوح نؤكد، بهذه الأدوات لن نستطيع تجاوز الأزمة المركبة التي تعيشها البلاد.
المخرج من الأزمة يكمن في الإسراع بتشكيل حكومة وطنية،تكون وظيفتها إجراء تعديلات دستورية، وإطلاق الحريات العامة وإعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية، وفك التبعية للمؤسسات المالية الدولية.
غير ذلك، فالمسألة لا تتعدى حالة بكائية ومظلومية غير موجودة وتبرير غير مقبول.